الأربعاء، 8 أغسطس 2012

بَوحُ الخواطر في الاستعداد للعشر الأواخر

بَوحُ الخواطر في الاستعداد للعشر الأواخر

بقلم : عبد الله الحسيني

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد :
فبين يديك خواطر انقدحت في نفسي ، وأثارت تساؤلات ملحة أشغلت ذهني ، وَلَكَم يشرفني أن أبوح لك بشذرات منها ، لعلها تعينني وإياك على الاستعداد اللائق بالعشر الأواخر من شهر رمضان المبارك .
هل أنا مستعد للعشر الأواخر من رمضان ؟
لا ريب أن كل واحد منا أعرف بحاله وأدرى بنفسه من ناحية الاستعداد ، فله علامات ربما لاحظتها على نفسك مع الأيام الجليلة الماضية التي قضيتها من شهر رمضان الفضيل ، فإن كنت لا زلت مستعدًا ، فطوبى لك أنت في نعمة عظيمة ، وإن كنت ترغب الاستعداد ، فهذه بشرى سارة حتى نجلس سويًا ونهيئ أنفسنا جيدًا لاستقبال العشر الأواخر من رمضان .
ولعل بعضنا يتساءل :
لماذا أستعد للعشر الأواخر من رمضان ؟
هناك أسباب عديدة تحثك على الاستعداد للعشر الأواخر من رمضان ، من أهمها :
1-أن فيها أعظم ليالي العام ، وهي ليلة القدر ، وإحياؤها بالعبادة خير من عبادة ألف شهر بنص القرآن الكريم ، قال الله عز وجل : (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) [القدر:3] ، يعني أنك عبدت الله سبحانه بما يزيد عن (83 سنة و4 أشهر تقريباً) عبادة متصلة ، صلاة وصيامًا ، صدقة وقيامًا ، ذكرًا وقرآنًا ، ومن أجل ذلك حذر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من تفويت هذه الليلة النفيسة عندما دخل رمضان ، فقال : (إن هذا الشهر قد حضركم ، وفيه ليلة خير من ألف شهر ، من حُرمها فقد حرُم الخير كلَّه ، ولا يُحرمُ خيرَها إلا محروم) (1) .
2-أن القرآن الكريم نزل في هذه الليالي العظيمة لا سيما ليلة القدر ، قال الله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) [القدر:1] .
3-أنها من المواسم الشرعية التي تكثر فيها البركة ، قال الله سبحانه : (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ) [الدخان:3] ، والملائكة تتنزل في ليلة القدر ومعهم جبريل عليه السلام ، قال الله تعالى : (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) [القدر:4] ، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (إن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى) (2) ، فتتنزل معهم البركة والرحمة ، وهذا يعني أيضاً أن الدعاء فيها مستجاب ، والملائكة تؤمن على دعائك .
4-أن فيها ليلة تكثر فيها السلامة من العقاب والعذاب لما يقوم به المسلم من طاعة الله ، ولا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءً أو أذى ، قال الله عز وجل : (سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [القدر:5].
5-أن من قام هذه الليالي المباركة تصديقاً بالله وبوعده وطلباً للأجر والثواب غُفرت له الذنوب السابقة ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه) (3) .
6-أن الله سبحانه يعتق من النار في كل ليالي رمضان المبارك ، والعتق في العشر الأواخر منه أعظم وأكبر وأجل ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (ولله عتقاء من النار ، وذلك كل ليلة) (4).
7-أن هذه العشر الأواخر تتيح للمسلم فرصة ثمينة ليتدارك ما فاته ، ويختم له بخير ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (إنما الأعمال بالخواتيم) (5)، فإنَّ "شهر رمضان قد عزم على الرَّحيل، ولم يَبق منه إلَّا القليل، فمَن كان منكم أحسن فيه فعليه التَّمام، ومَن فرَّط فليختمه بالحُسنى؛ فالعمل بالختام، فاستمتعوا منه بما بقي من اللَّيالي النَّيِّرة والأيَّام، واستودِعُوه عملًا صالحًا يشهد لكم به عند المَلِك العلَّام، وودِّعُوه عند فراقه بأزكى تحيَّةٍ وسلام" (6) ا.هـ.
متى أستعد للعشر الأواخر من رمضان ؟
استعد لها من الآن ، وخطط لها من هذه اللحظة ، واجعلها خطة معقولة متقنة ، فقليل دائم خير من كثير منقطع ، واعتمد فيها على الهدي النبوي في العشر الأواخر من رمضان ، علمًا بأن تحري ليلة القدر يبدأ من ليلة الحادي والعشرين من رمضان ، وينتهي بغروب شمس آخر يوم منه (7) ، وإن أردت حقًا أن تصادف ليلة القدر ، وتأخذ خيرها ، فاحرص على الاجتهاد في سائر الأيام العشر الأخيرة ، وكأنهن جميعًا ليلة القدر ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان) (8) .
نعم هذه الليلة في السبع الأواخر أقرب ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر ، فمن كان متحريها ، فليتحرها في السبع الأواخر) (9) .
وهي في أوتار العشر الأواخر أرجى ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان) (10) .
وعند الجمهور أنها في ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون (11) ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (من كان متحريها ، فليتحرها ليلة سبع وعشرين ، تحروها ليلة سبع وعشرين) (12) ، وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : يا نبي الله ، إني شيخ كبير عليل ، يشق علي القيام ، فأمرني بليلة لعل الله يوفقني فيها لليلة القدر ، قال : (عليك بالسابعة) (13) ، وعن معاوية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ليلة القدر قال : (ليلة سبع وعشرين) (14) ، ولما صلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالناس ليلة سبع وعشرين دعا أهله ونساءه ليلتها خاصَّةً وقام بهم إلى آخر الليل حتى خشوا أن يفوتهم السحور (15) ، وكان أبي بن كعب رضي الله عنه يقول : والله الذي لا إله إلا هو، إنها لفي رمضان، يحلف ما يستثني، ووالله إني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقيامها، هي ليلة صبيحة سبع وعشرين (16) ، وسُئل التابعي المخضرم زر بن حبيش عن ليلة القدر فقال : كان عمر ، وحذيفة ، وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يشكُّون أنها ليلة سبع وعشرين (17) .
وعند جماعة من أهل العلم أنَّ هذا في الغالب ، وليس دائمًا ، فقد تكون أحيانًا ليلة إحدى وعشرين ، كما جاء في حديث أبي سعيد رضي الله عنه (18) ، وقد تكون ليلة ثلاث وعشرين كما جاء في رواية عبد الله بن أُنيس رضي الله عنه (19) .
وإنما أخفى الله تعالى "هذه الليلة لوجوهٍ :
أحدها : أنه تعالى أخفاها ، كما أخفى سائر الأشياء ، فإنه أخفى رضاه في الطاعات ، حتى يرغبوا في الكل ، وأخفى غضبه في المعاصي ليحترزوا عن الكل ، وأخفى وليه فيما بين الناس حتى يعظموا الكل ، وأخفى الإجابة في الدعاء ليبالغوا في كل الدعوات ، وأخفى الاسم الأعظم ليعظموا كل الأسماء ، وأخفى في الصلاة الوسطى ليحافظوا على الكل ، وأخفى قبول التوبة ليواظب المكلف على جميع أقسام التوبة ، وأخفى وقت الموت ليخاف المكلف ، فكذا أخفى هذه الليلة ليعظموا جميع ليالي رمضان .
وثانيها : كأنه تعالى يقول : لو عينت ليلة القدر ، وأنا عالم بتجاسركم على المعصية ، فربما دعتك الشهوة في تلك الليلة إلى المعصية ، فوقعت في الذنب ، فكانت معصيتك مع علمك أشد من معصيتك لا مع علمك ، فلهذا السبب أخفيتها عليك .. فكأنه تعالى يقول : إذا علمت ليلة القدر ، فإن أطعت فيها اكتسبت ثواب ألف شهر ، وإن عصيت فيها اكتسبت عقاب ألف شهر ، ودفع العقاب أولى من جلب الثواب .
وثالثها: أني أخفيت هذه الليلة حتى يجتهد المكلف في طلبها ، فيكتسب ثواب الاجتهاد .
ورابعها: أن العبد إذا لم يتيقن ليلة القدر ، فإنه يجتهد في الطاعة في جميع ليالي رمضان ، على رجاء أنه ربما كانت هذه الليلة هي ليلة القدر ، فيباهي الله تعالى بهم ملائكته ، ويقول : كنتم تقولون فيهم يفسدون ويسفكون الدماء ، فهذا جده واجتهاده في الليلة المظنونة ، فكيف لو جعلتها معلومة له ، فحينئذ يظهر سر قوله : إني أعلم ما لا تعلمون" (20) .
فينبغي للمؤمن أن يجتهد في جميع أيام وليالي هذه العشر طلبًا لليلة القدر ، اقتداءً بنبينا صلى الله عليه وآله وسلم .
ويبقى السؤال الأهم :
كيف أستعد للعشر الأواخر من رمضان ؟
يقوم الاستعداد الحقيقي المثمر على ثلاثة أركان :
الركن الأول : رغبة كالجبل : بمعنى أن تمتلك إرادة حقيقية قوية نابعة من أعماقك بضرورة الاستعداد لما أنت مقبل عليه .
الركن الثاني : تخطيط وعمل : بمعنى أن تخطط جيدًا لما تستعد له بتحديد هدف واضح معين ، ثم تضع الخطوات والإجراءات الكفيلة بتحقيق الهدف ، ثم تنفذ تلك الخطوات في الواقع العملي.   
الركن الثالث : صبر وأمل : بمعنى أن تكون صابرًا على جميع العقبات  الداخلية والخارجية التي ستواجهك في سبيل ما تستعد له ، مع ضرورة التحلي بالروح الإيجابية وحياة مشرقة بالأمل .
ولذلك فإن الاستعداد للعشر الأواخر من رمضان على قسمين :
استعداد واجب : ينبغي للمسلم أن يلتزم به في شهر رمضان المبارك وغيره .
استعداد مستحب : يستحب للمسلم أن يستعد به طلبًا لمزيد من الأجر والثواب وإدراكًا لفضيلة ليلة القدر.
        أولاً : الاستعداد الواجب :
1-أن تؤدي ما أوجب الله عليك من العبادات القولية والفعلية ، ومن أهمها : الصلوات الخمس المفروضة، فاحرص تمام الحرص على أدائها جماعة خصوصًا صلاتي العشاء والفجر، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من صلَّى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف اللَّيل، ومن صلَّى الصبح في جماعة فكأنما قام اللَّيل كلَّه) (21) ، وقال الشَّافعي في القديم (22) : "مَن شهد العشاء والفجر ليلة القدر، فقد أخذ بحظِّه منها" ا.هـ، وكذلك: صيام رمضان ، والزكاة ، وزكاة الفطر، ونحو ذلك .
2-أن تجتنب جميع ما حرم الله عليك من الأقوال والأفعال ، فلا يعقل أن تتقرب إلى ربك بترك المباح كالطعام والشراب ، ثم لا تتقرب إليه بترك ما حُرِّم عليك في كل حال ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (من لم يدع قول الزور والعمل به ، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) (23) ، وقال : (رُبَّ صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ، ورُبَّ قائم حظه من قيامه السهر) (24) ، والصائم مأمور بحفظ لسانه حتى وإن تعرض للأذى من غيره ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (الصيام جُنة ، وإذا كان يوم صوم أحدكم ، فلا يرفث ولا يصخب ، فإن سابه أحد أو قاتله ، فليقل إني امرؤ صائم) (25) .
ثانياً : الاستعداد المستحب :
ويتمثل في الهدي النبوي في العشر الأواخر من رمضان :
1-أن تخصّ جميع زمان العشر الأواخر من رمضان ليله ونهاره بمزيد من الاجتهاد والعبادة ، فعن أمنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره) (26) ، وقالت : كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل العشر شدّ مئزره) وفي لفظ : (وجدّ وشدّ المئزر) (27) ، وقد قال الشعبي في ليلة القدر : "ليلها كنهارها" ا.هـ ، وقال الشافعي في القديم (28): "أستحبُّ أن يكون اجتهاده في يومها كاجتهاده في ليلها" ا.هـ، "وهذا يقتضي استحباب الاجتهاد في جميع زمان العشر الأواخر ، ليله ونهاره" ا.هـ كما قرَّر ابن رجب (29).
2-أن تحيي ليالي العشر الأواخر بالتراويح أو القيام ، قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل العشر شدّ مئزره ، وأحيا ليله) (30) ، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه ) (31) ، وقال : (من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه ) (32) ، واحرص بالنسبة لصلاة التراويح أو القيام ألا تفوت على نفسك ثواب قيام ليلة كاملة بأن تصليها تامة مع الإمام حتى ينتهي منها ، قال نبينا صلى الله عليه وآله وسلم : (إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة) (33) .
3-أن تكثر من قراءة القرآن الكريم ليلاً ونهارًا ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما : (أن جبريل عليه السلام كان يلقى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن)  (34) ، وهكذا كان السلف الصالح يقرؤون القرآن في رمضان في الصلاة وغيرها ، وكان الأسود يقرأ في كل ليلتين في رمضان، وكان النخعي يفعل ذلك في العشر الأواخر منه خاصة، وفي بقية الشهر في ثلاث، وكان قتادة يختم في كل سبع دائمًا، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر في كل ليلة، وكان لأبي حنيفة والشافعي في رمضان ستون ختمة في غير الصلاة، وربما أشكل على بعضهم ثبوت النهي عن قراءة القرآن الكريم في أقل من ثلاث ، وأجاب ابن رجب عن ذلك، فقال (35): "وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك ، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصاً الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر ، أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها ، فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن ، اغتنامًا للزمان والمكان ، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة ، وعليه يدل عمل غيرهم" ا.هـ.
4-أن تعتكف في المسجد ، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ، ثم اعتكف أزواجه من بعده) (36) ، وحقيقة الاعتكاف : قطع العلائق عن الخلائق للإتصال بخدمة الخالق (37) ، ومذهب جمهور الفقهاء بأن الاعتكاف يتحقَّق ولو نوى المسلم مكث جزء من الزمن في المسجد ، وإن كان المستحب والأكمل والأفضل لديهم ألا يقل عن يوم وليلة (38) ، وقد صحّ عن الصحابي الجليل يعلى بن أمية رضي الله عنه أنه كان يقول : "إني لأمكثُ في المسجد الساعة ، وما أمكثُ إلا لأعتكف" (39) ، ومَن كان حريصًا مواظبًا على الاعتكاف أو نواه، فعجز عنه خلال هذا العام مع إغلاق المساجد والجوامع بسبب انتشار جائحة كورونا، فإنه يُرجى أن يكتب الله عز وجل له أجر الاعتكاف، لحديث أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إذا مَرِضَ العبدُ أو سافر، كُتبَ له مثل ما كان يعمل مُقيمًا صحيحًا) (40).
5-أن تكثر من الجود ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أجود الناس بالخير ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ، فلرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة) (41) ، والجود معناه الاستكثار من سائر أنواع الخير ، كالإنفاق ، وحسن الخلق ، وبر الوالدين ، وبذل الخير ، ونشر العلم ، والجهاد في سبيله ، وقضاء حوائج الناس ، وتحمل أثقالهم ، ومناصرة المستضعفين، والعمرة في رمضان ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (فإن عمرة في رمضان تقضي حَجَّة أو حَجَّة معي) (42) ، وإفطار الصائمين ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (من فطّر صائمًا كان له مثل أجره ، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً) (43) ، وغير ذلك .
6-أن تكثر من الدعاء وسؤال الله تعالى العفو والعافية، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : يا رسول الله ، أرأيت إن علمت أي ليلةٍ ليلةٌ القدر ، ما أقول فيها ؟ وفي لفظ : ما أدعو ؟ قال : (قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني) (44) ، وقد امتثلت عائشة رضي الله عنها لهذا الإرشاد النبوي ، فكانت تقول : (لو علمتُ أي ليلةٍ ليلةُ القدر ، لكان أكثرَ دعائي فيها أن أسألَ الله العفو والعافية) (45) ، وهذا من أفضل الأدعية ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال: يا رسول الله ، أي الدعاء أفضل ؟ قال: (تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة) ، ثم أتاه من الغد ، فقال : يا رسول الله ، أي الدعاء أفضل ؟ قال : (تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة) ، ثم أتاه اليوم الثالث ، فقال : يا رسول الله ، أي الدعاء أفضل ؟ قال : (تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة ، فإنك إذا أعطيتهما في الدنيا ، ثم أعطيتهما في الآخرة ، فقد أفلحت) (46) ، والدعاء مستجاب أثناء الصيام، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (ثلاثة لا يُرد دعاؤهم : الصائم حتى يُفطر) ، وفي لفظ : (والصائم حين يُفطر) (47) ، وخصوصًا قبل الإفطار ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (إن للصائم عند فطره لدعوة ما تُرد) (48) ، فينبغي عليك أن تكثر من الدعاء بصلاح دينك ودنياك وآخرتك ، ولا تنس أن تخصّ والدَيك وأهلك ومعارفك وإخوانك المسلمين في كل مكان بدعوات صالحات، قال النَّووي (49): "يستحبُّ للصَّائم أن يدعو في حال صومه بمهمَّات الآخرة والدُّنيا، له، ولمن يحب، وللمُسلمين" ا.هـ، وقال أيضًا (50) : "ويستحبُّ أن يُكثر فيها من الدَّعوات بمهمَّات المُسلمين؛ فهذا شعار الصَّالحين، وعباد الله العارفين" ا.هـ.
7-أن تشارك أهلك وأقاربك ومعارفك ومن حولك معك في العبادة ، وتعينهم عليها ، وتحثهم إليها ، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل العشر شدّ مئزره ، وأحيا ليله ، وأيقظ أهله) (51) ، وقال سفيان الثوري (52): "أَحبُّ إليَّ إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجَّد بالليل، ويجتهد فيه، ويُنهض أهله وولده إلى الصَّلاة إن أطاقوا ذلك" ا.هـ، وفي هذا جانب تربوي عظيم ، فبإصلاح الأسر تصلح المجتمعات ، وبإفسادها تفسد .
وأختم بدرة ذهبية للإمام ابن رجب الحنبلي حول الهدي النبوي في العشر الأواخر من رمضان حيث قال (53) : "قد كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يتهجَّد في ليالي رمضان ، ويقرأُ قراءةً مرتَّلةً ، لا يمرُّ بآيةٍ فيها رحمة إلَّا سأل ، ولا بآيةٍ فيها عذاب إلَّا تعوَّذ ، فيجمعُ بين الصَّلاة ، والقراءة ، والدُّعاء ، والتَّفكر ، وهذا أفضلُ الأعمال وأكملُها في ليال العشر وغيرها ، والله أعلم" ا.هـ.

فالسعيد والله من استعد لهذه العشر ، واغتنم أثمن لحظات العمر ، وفاز بجائزة ليلة القدر ، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من السعداء الفائزين .
وصلَّى الله على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا .
--------------------------------------

(1) رواه ابن ماجه في سننه (1644) ، وحسَّنه الألباني في صحيح الجامع (2247) .
(2) رواه أحمد في مسنده (10734) ، وحسَّنه الألباني في صحيح الجامع (5473) .
(3) رواه البخاري في صحيحه (1901) ، ومسلم في صحيحه (760) .
(4) رواه الترمذي في سننه (682) ، وابن ماجه في سننه (1642) ، وحسَّنه الألباني في صحيح الجامع (759) .
(5) رواه البخاري في صحيحه (6607) .
(6) لطائف المعارف (ص 216).
(7) الموسوعة الفقهية الكويتية (30/116) .
(8) رواه البخاري في صحيحه (2020) ، ومسلم في صحيحه (1169) .
(9) رواه البخاري في صحيحه (2015) ، ومسلم في صحيحه (1165) .
(10) رواه البخاري في صحيحه (2017) .
(11) قال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري (4/264-265) وهو يعدِّد الأقوال في ليلة القدر: (القول الحادي والعشرون: أنها ليلة سبع وعشرون، وهو الجادة من مذهب أحمد، ورواية عن أبي حنيفة، وبه جزم أبي بن كعب وحلف عليه .. وحكاه صاحب الحلية من الشافعية عن أكثر العلماء .. وقال صاحب الكافي من الحنفية وكذا المحيط: من قال لزوجته أنت طالق ليلة القدر طلقت ليلة سبع وعشرين؛ لأن العامة تعتقد أنها ليلة القدر)، ثم قال (4/266): (وأرجاها عند الجمهور ليلة سبع وعشرين) ا.هـ.
(12) رواه أحمد في مسنده (4808) ، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (2920) .
(13) رواه أحمد في مسنده (2149) ، وقال ابن رجب الحنبلي في لطائف المعارف (ص 199) : (إسناده على شرط البخاري)، وصحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (2/545)، وصحَّحه شعيب الأرناؤوط في تحقيقه للمسند (4/50) على شرط البخاري.
(14) رواه أبو داود في سننه (1386) ، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (5474) .
(15) رواه الترمذي في سننه (806) وقال : حديث حسن صحيح ، وأبو داود في سننه (1275) ، والنسائي في سننه (1605) ، وابن ماجه (1372) في سننه ، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (1615) .
(16) رواه مسلم في صحيحه (762) .
(17) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/250) بسند حسن .
(18) رواه البخاري في صحيحه (2018) ، ومسلم في صحيحه (1167) .
(19) رواه مسلم في صحيحه (1168) .
(20) مفاتيح الغيب (32/229-230) للفخر الرازي .
(21) رواه مسلم في صحيحه (656) .
(22) نقله النَّووي عنه في المجموع (6/451)، ثم قال: (هذا نصُّه في القديم، ولا يُعرف له في الجديد نصٌّ يخالفه، وقد قدَّمنا في مقدمة الشرح أنَّ ما نصَّ عليه في القديم، ولم يتعرَّض له في الجديد بما يخالفه ولا بما يوافقه، فهو مذهبه بلا خلاف) ا.ه.
(23) رواه البخاري في صحيحه (1903) .
(24) رواه أحمد في مسنده (8856) ، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (3490) .
(25) رواه البخاري في صحيحه (1904) ، ومسلم في صحيحه (1151) .
(26) رواه مسلم في صحيحه (1175) .
(27) رواه البخاري في صحيحه (2024) ، ومسلم في صحيحه (1174) .
(28) نقله النَّووي عنه في المجموع (6/451)، ثم قال: (هذا نصُّه في القديم، ولا يُعرف له في الجديد نصٌّ يخالفه، وقد قدَّمنا في مقدمة الشرح أنَّ ما نصَّ عليه في القديم، ولم يتعرَّض له في الجديد بما يخالفه ولا بما يوافقه، فهو مذهبه بلا خلاف) ا.ه.
(29) لطائف المعارف (ص 204).
(30) تقدم تخريجه.
(31) رواه البخاري في صحيحه (2009) ، ومسلم في صحيحه (759) .
(32) تقدم تخريجه.
(33) رواه أحمد في مسنده (21419) ، وأبو داود في سننه (1375) ، والترمذي في سننه (806) ، وقال : حديث حسن صحيح ، والنسائي في سننه (1364) ، وابن ماجه في سننه (1327) ، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (1615) .
(34) رواه البخاري في صحيحه (6) ، ومسلم في صحيحه (2308) .
(35) لطائف المعارف (ص 171).
(36) رواه البخاري في صحيحه (2026) ، ومسلم في صحيحه (1172) .
(37) لطائف المعارف (ص 191).
(38) الموسوعة الفقهية الكويتية (5/213) .
(39) رواه عبد الرزاق في مصنفه (4/345) بسند صحيح .
(40) تقدم تخريجه.
(41) رواه البخاري في صحيحه (2996).
(42) رواه البخاري في صحيحه (1863) ، ومسلم في صحيحه (1256) .
(43) رواه أحمد في مسنده (17033) ، والترمذي في سننه (807) ، وقال : حديث حسن صحيح ، وابن ماجه في سننه (1746) ، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (6415) .
(44) رواه أحمد في مسنده (25384) ، والترمذي في سننه (3513) ، وقال : حديث حسن صحيح ، وابن ماجه في سننه (3850) ، وصحَّحه الألباني في السلسلة الصحيحة (3337) .
(45) رواه النسائي في سننه الكبرى (10648) وعمل اليوم والليلة (878) ، وصحَّحه الألباني في السلسلة الصحيحة (7/1011) ، وقال : (الظاهر أنها لا تقول ذلك إلا بتوقيف) ا.هـ.
(46) رواه أحمد في مسنده (12291) ، والبخاري في الأدب المفرد (637) ، والترمذي في سننه (3512) ، وقال : حديث حسن غريب من هذا الوجه ، إنما نعرفه من حديث سلمة بن وردان ، وابن ماجه في سننه (3848) ، وصحَّحه الألباني في صحيح الأدب المفرد (496) .
(47) رواه أحمد في مسنده (8043) ، والترمذي في سننه (3598) ، وقال : حديث حسن ، وابن ماجه في سننه (1752) ، وابن حبان في صحيحه (7387) ، وصحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (8030) ، وشعيب الأرناؤوط في تحقيقه للمسند وغيره، قال النَّووي في المجموع (6/375): (وهكذا الرِّواية (حتَّى) بالتاء المثناة فوق، فيقتضي استحباب دعاء الصَّائم من أوَّل اليوم إلى آخره؛ لأنَّه يُسمَّى صائمًا في كلِّ ذلك) ا.هـ .
(48) رواه ابن ماجه في سننه (1753) ، وحسَّنه ابن حجر كما في الفتوحات الربانية (4/342) ، وشعيب الأرناؤوط في تحقيقه لسنن ابن ماجه .
(49) المجموع (6/375).
(50) الأذكار (ص 323).
(51) تقدم تخريجه.
(52) لطائف المعارف (ص 186).
(53) لطائف المعارف (ص 204).

الثلاثاء، 3 يوليو 2012

الدُّرر الحسان فيما قرَّره الأئمة الأعلام في الخامس عشر من شعبان

الدُّرر الحسان فيما قرَّره الأئمة الأعلام في الخامس عشر من شعبان

بقلم : عبد الله محمَّد سعيد الحسيني



الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على سيِّد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فقد جرت سنَّة الله عزَّ وجلَّ بتفضيل بعض المخلوقات على بعض، قال تعالى: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) [القصص:68]، فيختار بعض الأمكنة، ويفضّلها على بعض، كتفضيل المساجد على غيرها من الأماكن، وتفضيل مكَّة المكرَّمة على غيرها من البقاع، ويختار بعض الأزمنة، ويفضّلها على بعض، كتفضيل يوم الجمعة على غيره من أيَّام الأسبوع، وتفضيل شهر رمضان المبارك على غيره من الشُّهور.

ومن أسباب هذا التَّفضيل والاختيار: كثرة ثواب الأعمال الصَّالحة التي تؤدَّى في هذه الأمكنة والأزمنة، ومضاعفة الأجر فيها، وكونها موطنًا لتنزُّل الرَّحمات والبركات والخيرات من الله سبحانه وتعالى لعباده.

وها نحن مقبلون على أحد هذه الأزمنة، وهي ليلة النِّصف من شهر شعبان:

أوَّلًا: الأحاديث الواردة في فضل ليلة النِّصف من شهر شعبان:

وردت عدَّة أحاديث عن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم في فضل ليلة النِّصف من شعبان بنحو هذا اللَّفظ: (يَطَّلِعُ اللهُ إِلَى خَلْقِهِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَيَغْفِرُ لِجَمِيْعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ).

وقد تنازع فيها المحدِّثون على قولَين (1):

الأوَّل: تضعيفها، حيث لا يَسلم طريق منها من ضعف، وهو قول جماعة، منهم: العُقَيلي (2)، والدَّارقطني (3)، وابن الجوزي (4)، وابن دِحية (5)، وغيرهم (6).

الثَّاني: تصحيحها، أو تقويتها بمجموع الطُّرق، وهو قول جماعة، منهم: البزَّار (7)، وابن حِبَّان (8)، والمنذري (9)، وابن تيميَّة (10)، وغيرهم (11).

وجمهور أهل العلم يتسامحون في أحاديث الفضائل بشروط مقرَّرة في موضعها.

ثانيًا: صوم يوم النِّصف من شعبان:

يسنُّ صوم الخامس عشر من شهر شعبان مجموعًا مع الثَّالث عشر والرَّابع عشر باعتباره من الأيام البيض (12)، وكذلك لمن كانت له عادة في الصِّيام، كصوم يومي الاثنين والخميس، أو صوم ثلاثة أيَّام من كلِّ شهر، أو صوم أيَّام من شعبان، فصادف يوم صومه يوم الخامس عشر من شعبان، فإنَّه لا بأس بذلك.

أمَّا صومه مُفردًا باعتبار أنَّ له فضيلة معيَّنة، فليس بسُنَّة (13)؛ لأنَّ الحديث الوارد في ذلك ضعيف جدًّا أو موضوع (14).

ثالثًا: إحياء ليلة النِّصف من شعبان بالعبادة:

لم يثبت في قيام ليلة النِّصف من شعبان شيء عن النَّبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، ولا عن أصحابه رضوان الله عليهم (15).

ومن ثمَّ اختلف أهل العلم أيضًا في مشروعية إحياء هذه اللَّيلة بعبادة معيَّنة، كالقيام، والذِّكر، والدُّعاء، ونحو ذلك، على قولَين:

الأوَّل: لا يُشرع إحياء هذه اللَّيلة بأيِّ نوع من أنواع العبادة، سواء أكان إحياؤها جماعة، أو فرادَى، فذلك كلّه بدعة محدثة.

وهو قول أكثر علماء أهل الحجاز، منهم: عطاء، وابن أبي مليكة (16)، ونقله عبد الرَّحمن بن زيد بن أسلم عن فقهاء أهل المدينة (17)، وهو قول أصحاب مالك وغيرهم (18)، ونسبه ابن حجر الهيتمي إلى الشَّافعيَّة (19). (20)

وهذا قولٌ قويٌّ وجيهٌ.

الثَّاني: يُشرع إحياء هذه اللَّيلة بالقيام، والذِّكر، والدُّعاء، ونحو ذلك، لكنَّهم اختلفوا في صفة الإحياء على قولَين:

الأوَّل: يُشرع إحياؤها على الانفراد من غير جماعة أو تقيّد بعدد معين من الرَّكعات أو اتخاذه موسمًا.

وهو قول الأوزاعي (21)، والشَّافعي (22)، والأحناف (23)، وبعض المالكيَّة (24)، وبعض الشَّافعية (25)، وجماعة من الحنابلة (26). (27)

وهذا قولٌ سائغٌ، اختاره جماعة من أئمة السَّلف، فلا يُنكر على مَن عمل بمقتضاه (28).

الثَّاني: يُشرع إحياؤها جماعةً في المساجد.

وهو قول خالد بن معدان، ومكحول، ولقمان بن عامر، وإسحاق بن راهويه، وغيرهم، وقد قيل أنَّه بلغهم في ذلك آثار إسرائيليَّة (29).

وهذا قولٌ غريبٌ، ومذهبٌ مهجورٌ، أنكره أكثر علماء أهل الحجاز، كعطاء، وابن أبي مليكة، وفقهاء أهل المدينة، وأصحاب مالك وغيرهم، بل ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيَّة (30)، والمالكيَّة (31)، والشَّافعيَّة (32)، والحنابلة (33) إلى بدعيَّة الاجتماع لإحياء ليلة النِّصف من شعبان، وكراهيَّة ذلك، سواء في المساجد، أو في غيرها، ونصُّوا على أنَّه ينبغي للأئمَّة وولاة الأمر المنع منه (34).

رابعًا: من بدع النِّصف من شعبان:

1. إظهاره مثل ما ثَبَتَ من شعائر الإسلام الظَّاهرة، كصلاة الجمعة، والعيد، وصلاة التراويح (35)، وكذلك احتفال بعض الفرق بميلاد مهديهم المزعوم، فإن هذا الشخص لم يوجد أصلًا (36).

2. الاعتقاد بأن ليلة النصف من شعبان يبرم فيها أمر السَّنة، وتنسخ فيها الآجال والأرزاق، وأنها الليلة المباركة في سورة الدخان: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ)، ونصُّ القرآن الكريم أنها ليلة القدر في رمضان (37).

3. الاعتقاد بأن ليلة النصف من شعبان مثل ليلة القدر في الفضل (38).

4. إحياء ليلة النصف من شعبان بصلاة القيام جماعة في المساجد أو غيرها، والاجتماع فيها للقصص، والدُّعاء، والذِّكر (39).

5. إحياء ليلة النصف من شعبان بعدد معين من الركعات، وبصفة خاصة في هذه الليلة كصلاة الألفية، وصفتها: أن تقرأ سورة الإخلاص عشر مرات في كل ركعة، وعدد ركعاتها مائة ركعة، فيكون المجموع قراءة هذه السورة ألف مرة، والحديث الوارد في شأنها لا شك أنه موضوع (40).

6. تخصيص صلاة العشاء ليلة النصف من شعبان بقراءة سورة يس (41).

7. تخصيص ليلة النصف من شعبان بدعاء يسمى: "دعاء ليلة النصف من شعبان"، وربما اشترطوا لقبول هذا الدعاء قراءة سورة يس، وصلاة ركعتين قبله (42).

8. تخصيص ليلة النصف من شعبان بزيارة القبور (43).

9. التصدق في النصف من شعبان عن أرواح الموتى (44).

10. إيقاد النار والشموع ليلة النصف من شعبان (45).

وقد فسَّر بعض أهل العلم لفظة (مشاحن) المذكورة في أحاديث ليلة النصف من شعبان: بأهل البدع (46)، فيُخشى على مَن التبس بشيء من المحدثات الباطلة أن يُحرم من فضيلة هذه الليلة.

ختامًا:

ينبغي لمن أراد إدراك فضيلة هذه الليلة أن يُراعي أمرَين اثنَين:

الأوَّل: تحقيقُ التوحيد الخالص لله تبارك وتعالى، والبراءة من الشرك وذرائعه، والبدع وأسبابها، فعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (مَا مِنْ عَبْدٍ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ) قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ: (وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ) قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ: (وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ) ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ: (عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَبِي ذَرٍّ)، فَخَرَجَ أَبُو ذَرٍّ وَهُوَ يَقُولُ: وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبِي ذَرٍّ (47).

الثَّاني: سلامةُ الصدر من جميع أنواع الشَّحناء والبغضاء لعمومِ المسلمين، وإرادةُ الخير لهم، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: (كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ، صَدُوقِ اللِّسَانِ)، قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ: (هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ، لَا إِثْمَ فِيهِ، وَلَا بَغْيَ، وَلَا غِلَّ، وَلَا حَسَدَ) (48).

وهذا غاية ما تفيده جملة الأحاديث الواردة في هذا الباب.

وحرمان المشرك والمشاحن من المغفرة ليس خاصًّا بهذه الليلة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَيَوْمَ الْخَمِيسِ،-وفي لفظ: تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ فِي كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ- فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ-وفي لفظ: إِلَّا الْمُتَهَاجِرَيْنِ، أو الْمُهْتَجِرَيْنِ-، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا) (49).

ولو تأمَّلنا هذَين الذَّنبَين لوجدناهما مشتركَين في شيء واحد، وهو اعتلال القلب، فإن اعتلَّ القلب فيما بين العبد وبين ربِّه كان الشِّرك، وإن اعتلَّ فيما بينه وبين النَّاس كانت الشَّحناء، والسَّعيد حقًّا من سَلِمَ منهما.

نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى أن يشملنا بواسع رحمته ومغفرته وفضله وجوده وكرمه وإحسانه، وأن يجعلنا من المرحومين الفائزين لا من المحرومين الخاسرين.

هذا والله أعلم.

وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّد، وعلى آله، وصحبه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.

 

------------------------------

(1) قال ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم (2/136-137): (ليلة النصف من شعبان، فقد روي في فضلها من الأحاديث المرفوعة والآثار ما يقتضي أنها ليلة مفضَّلة، وأن من السلف من كان يخصها بالصلاة فيها، وصوم شهر شعبان قد جاءت فيه أحاديث صحيحة، ومن العلماء من السلف من أهل المدينة وغيرهم من الخلف مَن أنكر فضلها، وطعن في الأحاديث الواردة فيها، كحديث: إن الله يغفر فيها لأكثر من عدد شعر غنم كلب، وقال: لا فرق بينها وبين غيرها، لكنَّ الذي عليه كثير من أهل العلم أو أكثرهم من أصحابنا وغيرهم على تفضيلها، وعليه يدلُّ نصُّ أحمد؛ لتعدُّد الأحاديث الواردة فيها، وما يصدق ذلك من الآثار السلفية، وقد روي بعض فضائلها في المسانيد والسنن، وإن كان قد وضع فيها أشياء أخر) ا.هـ، وانظر: مجموع الفتاوى (3/388)، ومنهاج السنة (2/638)، وقال ابن رجب الحنبلي في لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف (ص 198) : (وفي فضل ليلة نصف شعبان أحاديث أخر متعددة، وقد اختلف فيها، فضعَّفها الأكثرون، وصحَّح ابن حبان بعضها، وخرَّجه في صحيحه) ا.هـ.

(2) الضعفاء الكبير (3/29) للعقيلي.

(3) العلل الواردة في الأحاديث النبوية (6/50-51، 323)، (14/217-219) للدارقطني.

(4) العلل المتناهية في الأحاديث الواهية (2/66-72) لابن الجوزي، بينما قرر فضلها في كتابه النور في فضائل الأيام والشهور (ص 178-183).

(5) العلم المشهور في فوائد فضل الأيام والشهور (2/575)، وما وضح واستبان في فضائل شهر شعبان (ص 43) لابن دحية الكلبي.

(6) ضعَّفها من المعاصرين: القاسمي في إصلاح المساجد من البدع والحوادث (ص 99-100)، وابن باز في حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان -مجموع الفتاوى (1/186-192)، وابن عثيمين في مجموع الفتاوى والرسائل (20/25-33)، وغيرهما.

(7) البحر الزخار (1/206-207) رقم (80) للبزار.

(8) الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان (5665)، كتاب الحظر والإباحة، باب ما جاء في التباغض والتحاسد والتدابر والتشاجر والتهاجر بين المسلمين، ذكر مغفرة الله جل وعلا في ليلة النصف من شعبان لمن شاء من خلقه إلا من أشرك به أو كان بينه وبين أخيه شحناء.

(9) الترغيب والترهيب (2/118-119)، (3/459-462) للمنذري.

(10) اقتضاء الصراط المستقيم (2/129، 136-137)، والفتاوى الكبرى (5/344)، ومختصر الفتاوى المصرية (ص 291)، ومجموع الفتاوى (23/132) لابن تيمية.  

(11) صحَّحها من المعاصرين: أحمد محمد شاكر في تحقيقه للمسند (6642)، وعبد الله الغماري في حسن البيان في ليلة النصف من شعبان (ص 35)، والألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (1144) و(1563)، وظلال الجنة (1/223-224)، والتعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (5636)، وتخريج هداية الرواة (2/71)، وصحيح الجامع (771) و(1819) و(1898) و(4268)، وصحيح الترغيب والترهيب (1026) و(2767) و(2768) و(2769) و(2770) و(2771)، وصحيح سنن ابن ماجه (1390)، وشعيب الأرنؤوط في تحقيقه: للمسند (11/217) وصحيح ابن حبان (12/481-482) ومسند أبي بكر الصديق للمروزي (ص 171-172)، وغيرهم.

(12) الفتاوى الفقهية الكبرى (2/80-81) لابن حجر الهيتمي.

(13) اقتضاء الصراط المستقيم (2/138) لابن تيمية، والاعتصام (1/46) للشاطبي، والفتاوى الفقهية الكبرى (2/80-81)، بخلاف ما ذهب إليه بعض السادة المالكية من استحباب تخصيص النصف من شعبان بالصوم مع أنَّ الحديث الوارد في ذلك لا يُعمل بمثله.

(14) الموضوعات من الأحاديث المرفوعات (2/445)، والعلل المتناهية في الأحاديث الواهية (2/71) لابن الجوزي، وتلخيص كتاب الموضوعات (ص 186)، وتلخيص العلل المتناهية (ص 184-185) للذهبي، ومصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه (2/10) للبوصيري، وتحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي (3/366-368) للمباركفوري، وسلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (2132) للألباني.

(15) المغني عن الحفظ والكتاب بقولهم لم يصح شيء من الأحاديث في هذا الباب (ص 297) للموصلي، وسفر السعادة (ص 261-262) للفيروزآبادي، والتنكيت والإفادة في تخريج أحاديث خاتمة سفر السعادة (ص 96-97)، ولطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف (ص 200)، والتحديث بما قيل لا يصح فيه حديث (ص 71) لبكر أبو زيد.

(16) رواه عبد الرزاق في المصنف (4/317-318)، وابن وضاح في ما جاء في البدع (رقم : 120) عن ابن أبي مليكة بإسناد صحيح.

(17) رواه ابن وضاح في ما جاء في البدع (رقم : 119) بإسناد صحيح إلى عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.

(18) لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف (ص 200).

(19) الفتاوى الفقهية الكبرى (2/80-81).

(20) هذا اختيار عبد العزيز بن عبد الله بن باز في مجموع فتاويه (1/186-192)، ومحمد ناصر الدِّين الألباني في تحقيقه للمساجلة العلمية بين الإمامين الجليلين العز بن عبد السلام وابن الصلاح حول صلاة الرغائب المبتدعة (ص 41)، وتخريجه لإصلاح المساجد (ص 99)، ومحمد بن صالح العثيمين في مجموع فتاويه ورسائله فضيلة (20/25-33).

(21) لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف (ص 200).

(22) الأم (1/264) للشافعي، حيث نصَّ على استحباب إحيائها بالدُّعاء والذِّكر، وانظر: الفتاوى الفقهية الكبرى (2/80).

(23) البحر الرائق شرح كنز الحقائق (2/56) لابن نجيم، ومراقي الفلاح شرح نور الإيضاح (1/151) للشرنبلاني، وحاشية ابن عابدين (2/25-26).

(24) المدخل (1/310) لابن الحاج، وشرح مختصر خليل (2/12) للخرشي.

(25) مساجلة علمية بين الإمامين الجليلين العز بن عبد السلام وابن الصلاح حول صلاة الرغائب المبتدعة (ص 43)، والباعث على إنكار البدع والحوادث (ص 66) لأبي شامة.

(26) مجموع الفتاوى (23/132-134)، واقتضاء الصراط المستقيم (2/136-138)، والفتاوى الكبرى (2/97)، و(5/479)، و(5/344) لابن تيمية، وهذه الفتوى الأخيرة اعتمدها الحجاوي في الإقناع لطالب الانتفاع (1/238)، وانظر: لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف (ص 200) لابن رجب الحنبلي، وكشف القناع عن متن الإقناع (1/444)، ودقائق أولي النهى لشرح المنتهى (1/251) للبهوتي، ومطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (1/581) للرحيباني.

(27) هذا اختيار شيخنا شيخ الحنابلة عبد الله بن عبد العزيز بن العقيل في فتاويه (1/531).

(28) قال ابن تيميَّة في مجموع الفتاوى (23/132): (أما ليلة النصف، فقد روي في فضلها أحاديث وآثار، ونقل عن طائفة من السلف أنهم كانوا يصلون فيها، فصلاة الرجل فيها وحده قد تقدمه فيه سلف، وله فيه حُجَّة، فلا يُنكر مثل هذا) ا.هـ.

(29) لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف (ص 200).

(30) البحر الرائق شرح كنز الدقائق (2/56-57)، ومراقي الفلاح شرح نور الإيضاح (ص 151)، وحاشية ابن عابدين (2/25-26)، (2/48-49).

(31) الذخيرة (3/403) للقرافي، ومواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل (2/73-74) للحطاب، وشرح مختصر خليل (2/11-12) للخرشي، والشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي (1/316-317)، ومنح الجليل شرح مختصر خليل (1/345) لعليش.

(32) المجموع (2/177) للنووي، والفتاوى الفقهية الكبرى (1/184)، (2/80-81)، وتحفة المنهاج بشرح المنهاج (2/239) لابن حجر الهيتمي، ونهاية المحتاج إلى شرح ألفاظ المنهاج (2/124) للرملي، وحاشية الجمل على المنهج (1/479)، وحاشية قليوبي وعميرة (1/247)، والمساجلة بين العز وابن الصلاح (ص43).

(33) الفروع (8/375) لابن مفلح، والإقناع لطالب الانتفاع (1/238)، وكشاف القناع عن متن الإقناع (1/444-445)، ودقائق أولي النهى لشرح المنتهى (1/251)، ومطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (1/581).

(34) الموسوعة الفقهية الكويتية (2/236).

(35) مساجلة علمية بين العز وابن الصلاح (ص 41)، والباعث على إنكار البدع والحوادث (ص 55).

(36) الفصل في الملل والأهواء والنحل (5/38) لابن حزم، وسير أعلام النبلاء (13/119-122) للذهبي، وفرق الشيعة (ص 100) للنوبختي الإمامي.

(37) العلم المشهور في فوائد فضل الأيام والشهور (2/574-575)، وما وضح واستبان في فضائل شهر شعبان (ص 40-43)، وتفسير القرآن العظيم (7/246) لابن كثير، وحسن البيان (ص 20-24).

(38) كتاب البدع (رقم : 114) لابن وضاح.

(39) الموسوعة الفقهية الكويتية (2/236).

(40) الموضوعات من الأحاديث المرفوعات (2/443)، والعلم المشهور في فوائد فضل الأيام والشهور (2/575-576)، وما وضح واستبان في فضائل شهر شعبان (ص 44-45)، وانظر: إصلاح المساجد من البدع والحوادث (ص 99-100)، وحسن البيان (ص 30-36).

(41) تصحيح الدعاء (ص 421) لبكر أبو زيد.

(42) إصلاح المساجد من البدع والحوادث (ص 100)، والإبداع في مضار الابتداع (ص 290) لعلي محفوظ، وحسن البيان (ص 18 و35).

(43) المدخل (1/311).

(44) تصحيح الدعاء (ص 112).

(45) العلم المشهور في فوائد فضل الأيام والشهور (2/576-577)، وما وضح واستبان في فضائل شهر شعبان (ص 46-47)، وإصلاح المساجد من البدع والحوادث (ص 99-100).

(46) لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف (ص 202).

(47) رواه البخاري في الصحيح (5827)، كتاب اللباس، باب الثياب البيض، ومسلم في الصحيح (94)، كتاب الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة ومن مات مشركًا دخل النار.

(48) رواه ابن ماجه في السنن (4216)، أبواب الزهد، باب الورع والتقوى، وصحَّحه الألباني في السلسلة الصحيحة (948).

(49) رواه مسلم في الصحيح (2565)، كتاب البر والصلة والآداب، باب النهي عن الشحناء والتهاجر.