الأحد، 19 ديسمبر 2021

إتحاف الفالحين عن كتاب رياض الصَّالحين

 

إتحاف الفالحين عن كتاب رياض الصَّالحين

بقلم: عبد الله بن محمَّد سعيد الحسيني

الحمد لله، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، وبعد:

فمن أجلِّ ما صنَّفه شيخ الإسلام أبو زكريَّا محيي الدِّين يحيى بن شَرَف بن مِرَى الحِزَامي النَّووي الدِّمشقي (631 هـ-676 هـ) -رحمه الله تعالى رحمةً واسعةً- حتَّى بلغَت شهرتُهُ آفاق الخافقَين، وتبوَّأَت مودَّتُهُ الوجدان والعينَين، كتابه: (رياض الصَّالحين).

هذا الكتاب الذي يتضمَّن (نفحات تربويَّة عبقة الشَّذى فوَّاحة الأريج، تهذِّب الرُّوح، وتسمو بها، وتولد فيها حافزًا قويًّا على التحلِّي بما خُلقت له من العبادة، وتصل بها إلى ما فيه إسعادها وصلاح أمرها؛ وذلك لما اشتمل عليه من ترغيب وترهيب، وطهارات للقلوب وعلاجها، وصيانة الجوارح وتقويم اعوجاجها، وغير ذلك من المقاصد التي يحتاج إليها المكلَّف الفطِن الذي يهمُّه أمر دينه ودنياه وآخرته، فهو كتابٌ تربويٌّ فذٌّ، تناول مختلف جوانب الحياة الفرديَّة والاجتماعيَّة بأسلوبٍ واضحٍ، يُدرك مرماه الخاصُّ والعامُّ، والمثقَّف ومَن دونه، ذلك لأنَّه لغة أفصح الخلق الذي تنزَّل القرآن على قلبه ليكون للعالمين بشيرًا ونذيرًا) [1].

فأردتُ أن أهدي المحبِّين له المعتنين به جملةً من التُّحف الفريدة عنه من حيث: عنوانه الصَّحيح، وتاريخ الفراغ من تصنيفه، وموضوعه ومنهجه، ومصادره الحديثيَّة وشيوخ المصنِّف فيها، والمصنَّفات التي ذكرها لنفسه فيه وأحال عليها، والمصنَّفات الأخرى التي أحال فيها على هذا الكتاب، وعنايته بإقرائه، وثناء أهل العلم عليه، وختمته بنسخة خطِّيَّة نفيسة للكتاب لم تُعتمد في أيِّ طبعة.

وعلى الله الكريم توكُّلي واعتمادي، وإليه تفويضي واستنادي، وله الحمد والنِّعمة، وبه التَّوفيق والعصمة. 

أوَّلًا: العنوان الصَّحيح للكتاب:

سمَّى الإمام النَّووي كتابه بـ: (رياض الصَّالحين من كلام رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم سَيِّد العارفين)، كما بخطِّ تلميذه المجاز منه الشَّيخ داود بن إبراهيم بن داود ابن العطَّار (المتوفى 752 هـ)، نقلًا عن نسخة أخيه الإمام العلَّامة علاء الدِّين علي ابن العطَّار (654 هـ - 724 هـ) التي قابلها مع المصنِّف ونسخته، وسمعها وقرأها عليه.

رياض الصالحين، مكتبة آيا صوفيا، رقم (1835)، [5/أ]

واختَصرَ عنوانه في مواضع عدَّة إلى: (رياض الصَّالحين)، وأحيانًا إلى: (الرِّياض)، كما سيأتي.

وأمَّا العناوين الأخرى للكتاب، مثل: (رياض الصَّالحين من كلام سيِّد المرسلين)، و(رياض الصَّالحين من حديث سيِّد المرسلين)، و(رياض الصَّالحين من حديث رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين)، ونحوها، فالظَّاهر أنَّها من اجتهادات بعض النُّسَّاخ والنَّاشرين، ولم أقف عليها في النُّسخ الخطِّيَّة النَّفيسة القريبة من عصر المصنِّف.

ثانيًا: تاريخ الفراغ من الكتاب:

فرغ من تصنيفه: يوم الاثنين 4 من شهر رمضان سنة 670 هـ، وعمره وقتها 39 عامًا.

قال الإمام النَّووي:

(فرغتُ منه: يوم الاثنين رابع شهر رمضان سنة سبعين وستمائة) ا.هـ.

وهذا هو التَّاريخ الصَّحيح الذي وصلنا بخطِّ تلميذه المجاز منه الشَّيخ داود ابن العطَّار نقلًا عن نسخة أخيه العلَّامة علي ابن العطَّار التي قابلها مع المصنِّف ونسخته وسمعها وقرأها عليه، وهو المطابق لليوم والتَّاريخ من السَّنة.

وأمَّا ما ورد في بعض النُّسخ الخطِّيَّةٍ من أنَّه فرغ منه في الرَّابع عشر، فهو غلطٌ بيقين، تصحَّفَت فيه (شهر) إلى (عشر)، والله أعلم.

رياض الصالحين، مكتبة آيا صوفيا، رقم (1835)، [261/ب]

ثالثًا: موضوع الكتاب، ومنهج الإمام النَّووي فيه:

بيَّن ذلك الإمام النَّووي في مقدِّمة كتابه أتمَّ بيان، فقال (ص 31-33) -طبعة دار المنهاج، بجدَّة-:

(أَمَّا بعد:

فقد قال الله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ) [الذَّاريات: 56-57].

وهذا تصريحٌ بأنَّهم خُلقوا للعبادة، فحقَّ عليهم الاعتناء بما خُلقوا له، والإعراض عن حظوظ الدُّنيا بالزَّهادة، فإنَّها دار نفاد لا محلُّ إخلاد، ومركب عُبور لا منزل حُبور، ومَشرع انفصام لا موطن دوام.

فلهذا كان الأَيقاظ من أهلها هم العبَّاد، وأعقل النَّاس فيها هم الزُّهَّاد، قال الله تعالى: (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [يونس:24]، والآيات في هذا المعنى كثيرة.

ولقد أحسن القائل:

إنَّ للهِ عبادًا فُطَنَا * طَلَّقُوا الدُّنيَا وخافُوا الفِتَنَا

نَظَروا فيها فلمَّا عَلِمُوا * أَنَّهَا لَيسَت لِحَيٍّ وَطَنَا

جَعَلُوها لُجَّةً واتَّخَذُوا * صَالِحَ الأَعمالِ فيها سُفُنا

فإذا كان حالُها ما وصفتُهُ، وحالُنا وما خُلقنا له ما قدَّمتُهُ؛ فحقٌّ على المكلَّف أن يذهب بنفسه مذهب الأخيار، ويسلك مسلك أولي النُّهى والأبصار، ويتأهَّب لما أشرتُ إليه، ويهتمَّ لما نبَّهتُ عليه، وأصوبُ طريق له في ذلك، وأرشدُ ما يسلكه من المسالك، التَّأدبُ بما صحَّ عن نبيِّنا سيِّد الأوَّلين والآخرين، وأكرم السَّابقين واللَّاحقين، صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر النَّبيِّين.

وقد قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) [المائدة:2]، وصحَّ عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال: (واللهُ في عَوْنِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ)، وأنَّه قال: (مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أجْرِ فَاعِلِهِ)، وأنَّه قال: (مَنْ دَعَا إِلى هُدىً كَانَ لَهُ مِنَ الأَجرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيئًا)، وأنَّه قال لعليٍّ رضي الله عنه: «فَوَاللهِ لأَنْ يَهْدِي اللهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ).

فرأيتُ أن أجمعَ مختصرًا من الأحاديث الصَّحيحة، مشتملا على ما يكون طريقًا لصاحبه إلى الآخرة، ومحصِّلا لآدابه الباطنة والظَّاهرة، جامعًا للتَّرغيب والتَّرهيب وسائر أنواع آداب السَّالكين: من أحاديث الزُّهد، ورياضات النُّفوس، وتهذيب الأخلاق، وطهارات القلوب وعلاجها، وصيانة الجوارح وإزالة اعوجاجها، وغير ذلك من مقاصد العارفين.

وألتزمُ فيه أن لَّا أذكرَ إلَّا حديثًا صحيحًا من الواضحات، مضافًا إلى الكُتب الصَّحيحة المشهورات، وأصدِّرَ الأبواب من القرآن العزيز بآيات كريمات، وأوشِّحَ ما يحتاج إلى ضبط أو شرح معنى خفيٍّ بنفائس من التَّنبيهات، وإذا قلتُ في آخر حديث: متَّفق عليه، فمعناه: رواه البخاري ومسلم.

وأرجو -إن تمَّ هذا الكتاب- أن يكون سائقًا للمُعتني به إلى الخيرات، حاجزًا له عن أنواع القبائح والمهلكات.

وأنا سائلٌ أخًا انتَفَعَ بشيءٍ منه أن يدعُوَ لي، ولوالديَّ، ومشايخي، وسائر أحبابنا، والمسلمين أجمعين.

وعلى الله الكريم اعتمادي، وإليه تفويضي واستنادي، وحسبي الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوَّة إلَّا بالله العزيز الحكيم) ا.هـ.

رابعًا: المصادر الحديثيَّة للكتاب، وشيوخ الإمام النَّووي فيها [2]:

اعتمد الإمام النَّووي في الكتاب على أمَّهات المصادر الحديثيَّة المشهورة، وجلُّها من مسموعاته على شيوخه، ويرويها بأسانيده المتَّصلة إليها، كما فصَّلتُ ذلك في جزأَين مستقلَّين، وهما: (الإفصاح عمَّن رَوَى الإمام النَّوويُّ عنهم المسانيد والسُّنن والصِّحاح)، و (الإِنباء بما سمعه الإمام النَّوويُّ من الأجزاء)، ومصادره في هذا الكتاب كالتَّالي:

1-موطَّأ الإمام مالك بن أنس رواية أبي مصعب الزُّهري:

سمع الكتاب على الشَّيخ أبي إسحاق رضي الدِّين إبراهيم بن عمر بن مُضر بن محمَّد الواسطي (593 هـ - 664 هـ).

2-مسند الإمام أحمد بن حنبل:

سمع الكتاب سنة 658 هـ على الشَّيخ أبي محمَّد شرف الدِّين عبد العزيز بن محمَّد بن عبد المحسن بن محمَّد الأنصاري الدِّمشقي الحَمَوِي الشَّافعي (586 هـ - 662هـ).

3-مسند الإمام الدَّارِمي:

سمع الكتاب على أجلِّ شيوخه الشَّيخ أبي محمَّد وأبي الفرج شمس الدِّين عبد الرَّحمن بن أبي عُمر محمَّد بن أحمد بن محمَّد بن قُدامة المقدسي الصَّالحي الحنبلي (597 هـ - 682 هـ).

4-صحيح الإمام البخاري:

سمع الكتاب على جماعة، منهم: الشَّيخ أبو محمَّد وأبو الفرج شمس الدِّين عبد الرَّحمن بن أبي عُمر محمَّد بن أحمد بن محمَّد بن قُدامة المقدسي الصَّالحي الحنبلي (597هـ - 682هـ).

5-صحيح الإمام مسلم:

سمع الكتاب على الشَّيخ أبي إسحاق رضي الدِّين إبراهيم بن عمر بن مُضر بن محمَّد الواسطي (593 هـ-664 هـ)، بجامع دمشق.

6-سنن الإمام أبي داود السِّجِسْتاني:

سمع الكتاب على الشَّيخَين: أبي محمَّد وأبي الفرج شمس الدِّين عبد الرَّحمن بن أبي عُمر محمَّد بن أحمد بن محمَّد بن قُدامة المقدسي الصَّالحي الحنبلي (597 هـ - 682 هـ)، وأبي محمَّد تقي الدِّين إسماعيل بن إبراهيم بن أبي اليُسر شاكر بن عبد الله التَّنُوخِي الدِّمشقي الشَّافعي (589 هـ - 672 هـ).

7-سنن الإمام التّرمذي:

سمع الكتاب على الشَّيخ أبي محمَّد وأبي الفرج شمس الدِّين عبد الرَّحمن بن أبي عُمر محمَّد بن أحمد بن محمَّد بن قُدامة المقدسي الصَّالحي الحنبلي (597 هـ - 682 هـ).

8-الشمائل للإمام التّرمذي.

9-سنن الإمام النَّسائي:

سمع الكتاب بقراءته على الشَّيخ أبي محمَّد تقي الدِّين إسماعيل بن إبراهيم بن أبي اليُسر شاكر التَّنُوخي (589 هـ - 672 هـ).

10-سنن الإمام ابن ماجه:

سمع الكتاب سنة 662 هـ على الشَّيخ أبي محمَّد وأبي الفرج شمس الدِّين عبد الرَّحمن بن أبي عُمر محمَّد بن أحمد بن محمَّد بن قُدامة المقدسي الصَّالحي الحنبلي (597هـ - 682 هـ).

11-صحيح الإمام ابن خزيمة.

12-سنن الإمام الدَّارَقُطْني:

الكتاب من مسموعاته، كما نصَّ على ذلك تلميذه ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 60)، يسَّر الله تعالى الوقوف على شيخه فيه.

13-معالم السُّنن للإمام الخطَّابي:

سمع هذا الكتاب على الشَّيخ أبي محمَّد كمال الدِّين إسحاق بن خليل بن فارس الشَّيباني الدِّمشقي الشَّافعي (588 هـ - 655 هـ).

14-المستدرك للإمام الحاكم النيسابوري.

15-معرفة علوم الحديث للإمام الحاكم النيسابوري.

16-سنن الإمام البَيْهَقِي.

الكتاب من مسموعاته، كما نصَّ على ذلك تلميذه ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 60)، يسَّر الله تعالى الوقوف على شيخه فيه.

17-الجمع بين الصَّحيحين للإمام الحُميدي [3]:

درس جملة مستكثرة من الكتاب على الشَّيخ أبي إسحاق ضياء الدِّين إبراهيم بن عيسى بن يوسف المرادي الأندلسي الشَّافعي (المتوفى 667 هـ).

خامسًا: المصنَّفات التي ذكرها لنفسه في الكتاب وأحال عليها [4]:

من عادات الإمام النَّووي أنَّه يحيل في مصنَّفاته على كتبه الأخرى، وقد بيَّن مقصده من ذلك في مقدّمة كتابه (بستان العارفين) (ص ٦٣)، فقال:

(وربَّما أحلتُهُ على كتاب صنَّفتُهُ أنا، ولا أقصدُ بذلك إن شاء الله تعالى التَّبجُّح والافتخار، ولا إظهار المصنَّفات والاستكثار، بل الإرشاد إلى الخير والإشارة إليه، وبيان مظنَّته والدَّلالة عليه.

وإنَّما نبَّهتُ على هذه الدَّقيقة؛ لأنِّي رأيتُ من النَّاس من يَعيبُ سالك هذه الطَّريقة؛ وذلك لجهالته وسوء ظنِّه وفساده، أو لحسده وقصوره وعناده، فأردتُ أن يتقرَّر هذا المعنى في ذهن مطالع هذا التَّصنيف؛ ليطهِّر نفسه من الظَّنِّ الفاسد والتَّعنيف.

وأسأل الله الكريم توفيقي لحسن النِّيَّات، والإعانة على جميع أنواع الطَّاعات، وتيسيرها والهداية لها دائمًا في ازدياد حتَّى الممات) ا.هـ.

أمَّا مصنَّفاته التي أحال عليها في هذا الكتاب، فهُمَا:

1-(حِلية الأبرار وشِعار الأخيار في تلخيص الدَّعوات والأذكار المستحبَّة في اللَّيل والنَّهار)، الشَّهير بـ: (الأذكار):

ذكره في ثلاثة مواضع:

قال (ص 496):

(اعلم أنَّ الكذب، وإن كان أصله محرَّمًا، فيجوز في بعض الأحوال بشروط قد أوضحتُها في كتاب: الأذكار) ا.هـ.

وقال (ص 510):

(والرِّواية المشهورة: «أهلكهم» برفع الكاف، ورُوي بنصبها، وهذا النَّهي لمن قال ذلك عُجبًا بنفسه، وتصاغرًا للنَّاس، وارتفاعًا عليهم، فهذا هو الحرام، وأمَّا من قاله لما يرى في النَّاس من نقص في أمر دينهم، وقاله تحزُّنًا عليهم، وعلى الدِّين، فلا بأس به، هكذا فسَّره العلماء وفصَّلوه، وممَّن قاله من الأئمَّة الأعلام: مالك بن أنس، والخطَّابي، والحُميدي، وآخرون، وقد أوضحتُهُ في كتاب: الأذكار) ا.هـ.

وقال (ص 562) في باب كراهة المدح في الوجه لمن خيف عليه مفسدة من إعجاب ونحوه، وجوازه لمن أمن ذلك في حقه:

(والأحاديث في الإباحة كثيرة، وقد ذكرتُ جملة من أطرافها في كتاب الأذكار)ا.هـ.

2-(منهاج المحدِّثين وسبيل طالبيه المحقِّقين في شرح صحيح أبي الحسين مسلم بن الحجَّاج القُشيري):

ذكره في موضع واحد:

قال (ص 119):

(قوله: (وراءَ وراءَ) هُوَ بالفتح فيهما، وقيل: بالضَّمِّ بلا تنوين، ومعناه: لستُ بتلك الدَّرجة الرَّفيعة، وهي كلمة تُذكر على سبيل التَّواضع، وقد بسطتُ معناها في شرح صحيح مسلم) ا.هـ.

سادسًا: مصنَّفات الإمام النَّووي الأخرى التي أحال فيها على الكتاب:

1-(تحرير ألفاظ التَّنبيه):

ذكره في موضع واحد:

قال (ص 127):

(الغِيبة: ذِكرك الإنسان بما يكرهه ممَّا هو فيه، وهي حرام إلَّا في ستَّة مواضع، بسطتُها في: كتاب الأذكار، ورياض الصَّالحين) ا.هـ.

2-(منهاج المحدِّثين وسبيل طالبيه المحقِّقين في شرح صحيح أبي الحسين مسلم بن الحجَّاج القُشيري):

ذكره في موضعين:

قال (7/406) بعد حديث الوصيَّة بالنِّساء:

(وقد جاءت أحاديث كثيرة صحيحة في الوصيَّة بهن، وبيان حقوقهن، والتَّحذير من التَّقصير في ذلك، وقد جمعتُها أو معظمها في: رياض الصَّالحين) ا.هـ.

وقال (9/68):

(وقد قال العلماء: إنَّ الغِيبة تباح في ستَّة مواضع، أحدها: الاستنصاح، وذكرتُها بدلائلها في: كتاب الأذكار، ثمَّ في: رياض الصَّالحين) ا.هـ.

3-(المجموع شرح المهذَّب):

ذكره في ثمانية مواضع:

قال (3/178-179) بعد أحاديث النهي عن إسبال الإزار وجره:

(وفي المسألة أحاديث صحيحة كثيرة غير ما ذكرتُه، قد جمعتُها في: كتاب رياض الصَّالحين) ا.هـ.

وقال (4/389):

(قال الترمذي، ويروى الكور بالواو كلاهما صحيح المعنى، قال العلماء: معناه بالرَّاء والنون جميعًا: الرُّجوع من الاستقامة أو الزِّيادة إلى النقص، وقد أوضحتُهُ في: كتاب الأذكار، وفي: الرِّياض) ا.هـ.

وقال (4/395) بعد حديث (لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة):

(وهذا النَّهي يتناول المصاحبة دون باقي التَّصرُّفات فيها من السَّفر بها في وجه آخر، والبيع، وغير ذلك، وقد بسطتُ شرحه في: كتاب الرِّياض) ا.هـ.

وقال (4/481) في آداب المجلس والجليس:

(وفي هذا الفصل أحاديث كثيرة صحيحة، وقد ذكرتُ منها جملة في: كتاب الأذكار، والرِّياض) ا.هـ.

وقال (5/106):

(وقد تظاهرت دلائل الكتاب والسُّنَّة على فضل الصَّبر، وقد جمعتُ جملة من ذلك في باب الصَّبر في أوَّل: كتاب رياض الصَّالحين) ا.هـ.

وقال (5/109):

(وقد تتبَّعتُ الأحاديث الصَّحيحة الواردة في الخوف والرَّجاء، وجمعتُها في: كتاب رياض الصَّالحين، فوجدتُ أحاديث الرَّجاء أضعاف الخوف مع ظهور الرَّجاء فيها) ا.هـ.

وقال (6/220) بعد أحاديث فضل الصدقة على الأقارب:

(وفي الباب أحاديث كثيرة صحيحة، جمعتُ معظمها في: رياض الصَّالحين) ا.هـ.

وقال (6/247):

(يستحب استحبابًا متأكدًا صلة الأرحام، والإحسان إلى الأقارب واليتامى والأرامل والجيران والأصهار، وصلة أصدقاء أبيه وأمه وزوجته، والإحسان إليهم، وقد جاءت في جميع هذا أحاديث كثيرة مشهورة في الصَّحيح، جمعتُ معظمها في: رياض الصَّالحين) ا.هـ.

4-(تهذيب الأسماء واللُّغات):

ذكره في موضعين:

قال (3/120):

(وفيه حديث: (في كُمّ قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرُّصغ)، في سنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وذكرتُه في آخر باب الجوع من: الرِّياض) ا.هـ.

وقال (3/172):

(والصَّبر من أعظم الأصول التي يعتمدها الزُّهَّاد وسالكو طريق الآخرة، وهو باب من أبواب كتب الرَّقائق، وقد جمعتُ أنا فيه جملة من الأحاديث الصَّحيحة مع الآثار في كتاب: رياض الصَّالحين) ا.هـ.

سابعًا: عناية الإمام النَّووي بإقراء الكتاب:

اعتنى الإمام النَّووي بإقراء كتابه (رياض الصَّالحين) في مجالس القراءة والسَّماع، وسمعه منه جماعة، فممَّن وقفتُ على أسمائهم:

1-الشَّيخ، الفقيه، شهاب الدِّين أحمد بن يحيى بن علي بن أحمد المالِقي.

2-الإمام، العالم، علاء الدِّين علي بن إبراهيم بن داود ابن العطَّار الدِّمشقي.

صورة طبقة سماع الكتاب على الإمام النَّووي كتبها ابن العطَّار

(الحمد لله ربِّ العالمين.

سمعتُ جميع هذا الكتاب، وهو: (رياض الصَّالحين)، من أوَّله إلى: باب بيان جماعة من الشُّهداء، بقراءة: الفقيه، شهاب الدِّين أحمد بن يحيى بن علي بن أحمد المالِقي، والباقي بقراءتي على مصنِّفه: شيخنا، وسيِّدنا، الإمام، العالم الرَّبَّاني، شيخ الإسلام، مفتي الشَّام، ناصر السُّنَّة، أبي زكريَّا يحيى بن شرف بن مِرَا النَّووي، أعاد الله علينا بركته.

وسَمِعَهُ جماعة كاملًا، وآخرون بفوات.

وصحَّ ذلك في مدَّة، آخرها: الثَّامن والعشرين من شهر رمضان المعظَّم سنة أربع وسبعين وستمائة بدمشق المحروسة.

كَتَبَهُ:

علي بن إبراهيم بن داود الشَّافعي، عُرف بابن العطَّار، عفا الله عنهم).

رياض الصالحين، مكتبة حسين باشا أمجازاده، رقم (279)، [168/ب]

تنبيه: اعتمدَت طبعة دار المنهاج بجدِّة نسخة مكتبة حسين باشا أعلاه أصلًا، ووصفتها أنَّها نُقلت من نسخة الإمام ابن العطَّار التي سمعها وقرأها على المؤلِّف!

وفي هذا نظرٌ، والصَّحيح أنَّ هذه النُّسخة منقولة عن نسخة عبد الله بن أحمد بن خليل البانياسي الشَّافعي عن نسخة العلاء ابن العطَّار، حيث صرَّح النَّاسخ في آخرها [168/ب] أنَّه شاهد على الأصل المنقول منه في طبقة سماعه صورة طبقة سماع ابن العطَّار على المصنِّف، فنَقَلَها منه، ثمَّ عاد إلى طبقة سماع أصله، فقال: (وفيه: ..) يعني: في أصل البانياسي المنقول منه، فنَقَلَ منه طبقة سماعه على ابن العطَّار، وممَّا جاء فيها: (وقابلتُ هذه النُّسخة مع الشَّيخ المُسمِع حال السَّماع بأصله)، ولا يمكن للنَّاسخ أن ينقل طبقة السَّماع هذه إلَّا من نسخة البانياسي المذكورة، والله أعلم.

ثامنًا: من ثناء أهل العلم على الكتاب:

تتابع أهل العلم بالثَّناء على الكتاب بما يفوق الحصر، فمنهم على سبيل المثال:

1-قال تقي الدِّين اللَّخمي (المتوفى 738 هـ) في (ترجمة الشيخ محيي الدين يحيى الحزامي النووي الدمشقي الشافعي) (ص 49):

(وكتاب: رياض الصَّالحين مجلَّد ضخم، وكتاب الأذكار، وهما جليلان، لا يَستغني مُسلم عنهما) ا.هـ.

2-وقال شمس الدِّين الذَّهبي (المتوفى 748 هـ) في (سير أعلام النبلاء) (19/340):

(فعليك يا أخي بتدبِّر كتاب الله، وبإدمان النَّظر في الصَّحيحين، وسنن النَّسائي، ورياض النَّواوي، وأذكاره، تفلح، وتنجح) ا.هـ.

3-وقال شمس الدِّين العثماني (المتوفى 800 هـ) في (طبقات الفقهاء الكبرى) (2/ 711):

(والأذكار، ورياض الصَّالحين، وهما كتابان عظيمان مُهمَّان) ا.هـ.

4-وقال ابن الوزير اليماني (المتوفى 840 هـ) في (العزلة) (ص 99):

(فإذا حصلَت لك الخلوة بلطف الله تعالى، فشمِّر في العمل على موافقة الكتاب والسُّنَّة، وطالع كتب الصَّالحين بعدهما، وقدِّم الكتب الصَّحيحة على غيرها، وأحسن ما يطالع: كتاب (رياض الصَّالحين) للنَّووي، فإنَّه اقتصر فيه على كتاب الله وسنَّة رسوله الصَّحيحة، ولم يمزجه بشيء من البدع والمذاهب) ا.هـ.

5-وقال شمس الدِّين السَّخاوي (المتوفى 902 هـ) في (المنهل العذب الروي) (ص 73):

(رياض الصَّالحين، والأذكار، قلتُ: وهما جليلان لا يُستغنى عنهما) ا.هـ.

6-وقال محمَّد بن صالح العُثيمين في (شرح رياض الصَّالحين) (3/454):

(رياض الصَّالحين: الكتاب الموافق لاسمه، فإنَّه رياض، رياض لأهل الصَّلاح، فيه من الأحكام الشَّرعية والآداب المرعيَّة ما يزيد به إيمان العبد، ويستقيم به سيره إلى الله عز وجلّ، ومعاملته مع عباد الله، ولهذا كان بعض النَّاس يحفظه عن ظهر قلب؛ لما فيه من المنفعة العظيمة) ا.هـ.

وقال (4/233):

(والحقيقة أنَّ هذا الكتاب (رياض الصَّالحين) كتاب جامع نافع، ويصدق عليه أنَّه رياض الصَّالحين، ففيه من كلِّ زوج بهيج، فيه أشياء كثيرة من مسائل العلم، ومسائل الآداب، لا تكاد تجدها في غيره) ا.هـ.

وقال (4/333):

(رياض الصَّالحين: كتابٌ شاملٌ عامّ، ينبغي لكلِّ مسلم أن يقتنيه، وأن يقرأه، وأن يفهم ما فيه) ا.هـ. 

تاسعًا: نسخة خطِّيَّة نفيسة للكتاب لم تُعتمد في أيِّ طبعة [5]:

نسخةٌ تامَّةٌ مُتقنةٌ محفوظةٌ في مكتبة آيا صوفيا، رقم (1835)، وتقع في (261) ورقة، وفي (26) كراسة ونصف.

كَتَبَها بخطٍّ جيِّدٍ حَسَنٍ مع الفهرست: الشَّيخُ، الفاضلُ، العالمُ، الفقيهُ، المسنِدُ، المعمَّرُ، الثِّقةُ، أبو سُليمان جمال الدِّين داود بن إبراهيم بن داود ابن العطَّار (665 هـ - 752 هـ) [6] -وهو ممَّن أخذ عن المصنِّف وأجازه [7]، وله عناية خاصَّة بنسخ كتبه [8]-في مدَّة آخرها: يوم السَّبت 4 شهر جمادى الآخرة سنة 728 هـ بمدينة دمشق، وقابلها وصحَّحها على أصل أخيه علاء الدِّين علي ابن العطَّار -وقد آلت أصوله بعد وفاته إلى أخيه النَّاسخ [9]- المسموع على مصنِّفه الإمام النَّووي، في مجالس آخرها: 5 من شهر الله المحرَّم سنة 729 هـ.

وفيها إلحاقات، وتصحيحات، وتصويبات، وترقيم الكرَّاسات، كما فيها بلاغات عدَّة بخطِّ النَّاسخ وغيره يظهر منها أنَّها قوبلت غير مرَّة على الأصل، وعليها حواشي يسيرة صرَّح النَّاسخ بنقلها عن خطِّ أخيه العلاء ابن العطَّار.




(كَتَبَهُ: داود بن إبراهيم بن داود ابن العطَّار الشَّافعي، في مدَّة آخرها: يوم السَّبت رابع شهر جمادى الآخرة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة بدمشق المحروسة، نفعه الله تعالى وسائر وجوه الخير، وجَمَعَ بينه وبين مصنِّفه في دار كرامته بفضله ورحمته.

بَلَغَ مقابلةً وتصحيحًا بحسب الإمكان بالأصل المنقول منه المسموع على مصنِّفه -رحمه الله- أصل الشَّيخ علاء الدِّين ابن العطَّار -رحمه الله-، وذلك في مجالس، آخرها: خامس المحرَّم سنة تسع وعشرين وسبعمئة، أحسن الله تقضيها، ولله الحمد والمنَّة).


هذا والله أعلم.

وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّد، وعلى آله، وصحبه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين. 

-------------------------

[1] مقتبس من مقدّمة (رياض الصَّالحين) (ج-د) بتحقيق: عبد العزيز رباح وأحمد الدّقاق.

[2] من مصادر الكتاب غير الحديثيَّة التي صرَّح بها: (الصّحاح) للجوهري، و(بحر المذهب) للروياني.

[3] يرى الشَّيخ نظر الفاريابي -كما في (كنوز رياض الصَّالحين) (1/36)- أنَّ الإمام النَّووي بجانب اعتماده على المصادر الأساسيَّة اعتمد كثيرًا على مصدرَين أساسيين، وهما: الكتاب أعلاه، -وقد صرَّح به في موضع (ص 163)-، وكتاب (التَّرغيب والتَّرهيب) للإمام المنذري، -ولم يصرِّح به-، وأورد أمثلة على ذلك.

[4] اقترح عليَّ شيخنا الجليل المحقِّق د. عبد الحكيم الأنيس -حفظه الله ورعاه- إفراد بحثٍ مستقلٍّ عن المؤلَّفات التي ذكرها الإمام النَّووي لنفسه وأحال عليها، وشرعتُ فيه، يسَّر الله تعالى إتمامه على خير.

[5] قد زوَّدني بها مشكورًا مأجورًا أخي فضيلة الشَّيخ المحقِّق د. محمَّد بن يوسف الجوراني، جزاه الله خير الجزاء.

[6] أفردتُ ترجمته في جزء مستقلٍّ سمَّيته: (بذل المجهود في ترجمة الشَّيخ ابن العطَّار داود).

[7] قال ابن حجر العسقلاني في (الدرر الكامنة) (2/219): (ولد في شوال سنة 65[6]، فأجاز له ابن عبد الدائم، والنجيب، والنَّووي، وابن مالك، وغيرهم)ا.هـ، وذكره السَّخاوي ضمن الآخذين عنه في (المنهل العذب الروي) (ص 130)، فقال: (والجمال داود بن إبراهيم ابن العطَّار، أخي تلميذه العلاء علي) ا.هـ.

[8] مثل: (منهاج المحدِّثين وسبيل طالبيه المحقِّقين في شرح صحيح أبي الحسين مسلم بن الحجَّاج القُشيري)، و(حِلية الأبرار وشِعار الأخيار في تلخيص الدَّعوات والأذكار المستحبَّة في اللَّيل والنَّهار)، و(روضة الطَّالبين وعمدة المفتين)، و(الإيضاح في مناسك الحج والعمرة)، كما نَسَخَ كتاب أخيه العلاء ابن العطَّار المسمَّى بـ: (تحفة الطَّالبين في ترجمة شيخنا الإمام النَّووي محيي الدِّين).

[9] في (الدرر الكامنة) (2/219): (قال البِرزالي: انتقلَتْ إليه أجزاء أخيه بعده)ا.هـ.