الأحد، 19 ديسمبر 2021

إتحاف الفالحين عن كتاب رياض الصَّالحين

 

إتحاف الفالحين عن كتاب رياض الصَّالحين

بقلم: عبد الله بن محمَّد سعيد الحسيني

الحمد لله، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، وبعد:

فمن أجلِّ ما صنَّفه شيخ الإسلام أبو زكريَّا محيي الدِّين يحيى بن شَرَف بن مِرَى الحِزَامي النَّووي الدِّمشقي (631 هـ-676 هـ) -رحمه الله تعالى رحمةً واسعةً- حتَّى بلغَت شهرتُهُ آفاق الخافقَين، وتبوَّأَت مودَّتُهُ الوجدان والعينَين، كتابه: (رياض الصَّالحين).

هذا الكتاب الذي يتضمَّن (نفحات تربويَّة عبقة الشَّذى فوَّاحة الأريج، تهذِّب الرُّوح، وتسمو بها، وتولد فيها حافزًا قويًّا على التحلِّي بما خُلقت له من العبادة، وتصل بها إلى ما فيه إسعادها وصلاح أمرها؛ وذلك لما اشتمل عليه من ترغيب وترهيب، وطهارات للقلوب وعلاجها، وصيانة الجوارح وتقويم اعوجاجها، وغير ذلك من المقاصد التي يحتاج إليها المكلَّف الفطِن الذي يهمُّه أمر دينه ودنياه وآخرته، فهو كتابٌ تربويٌّ فذٌّ، تناول مختلف جوانب الحياة الفرديَّة والاجتماعيَّة بأسلوبٍ واضحٍ، يُدرك مرماه الخاصُّ والعامُّ، والمثقَّف ومَن دونه، ذلك لأنَّه لغة أفصح الخلق الذي تنزَّل القرآن على قلبه ليكون للعالمين بشيرًا ونذيرًا) [1].

فأردتُ أن أهدي المحبِّين له المعتنين به جملةً من التُّحف الفريدة عنه من حيث: عنوانه الصَّحيح، وتاريخ الفراغ من تصنيفه، وموضوعه ومنهجه، ومصادره الحديثيَّة وشيوخ المصنِّف فيها، والمصنَّفات التي ذكرها لنفسه فيه وأحال عليها، والمصنَّفات الأخرى التي أحال فيها على هذا الكتاب، وعنايته بإقرائه، وثناء أهل العلم عليه، وختمته بنسخة خطِّيَّة نفيسة للكتاب لم تُعتمد في أيِّ طبعة.

وعلى الله الكريم توكُّلي واعتمادي، وإليه تفويضي واستنادي، وله الحمد والنِّعمة، وبه التَّوفيق والعصمة. 

أوَّلًا: العنوان الصَّحيح للكتاب:

سمَّى الإمام النَّووي كتابه بـ: (رياض الصَّالحين من كلام رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم سَيِّد العارفين)، كما بخطِّ تلميذه المجاز منه الشَّيخ داود بن إبراهيم بن داود ابن العطَّار (المتوفى 752 هـ)، نقلًا عن نسخة أخيه الإمام العلَّامة علاء الدِّين علي ابن العطَّار (654 هـ - 724 هـ) التي قابلها مع المصنِّف ونسخته، وسمعها وقرأها عليه.

رياض الصالحين، مكتبة آيا صوفيا، رقم (1835)، [5/أ]

واختَصرَ عنوانه في مواضع عدَّة إلى: (رياض الصَّالحين)، وأحيانًا إلى: (الرِّياض)، كما سيأتي.

وأمَّا العناوين الأخرى للكتاب، مثل: (رياض الصَّالحين من كلام سيِّد المرسلين)، و(رياض الصَّالحين من حديث سيِّد المرسلين)، و(رياض الصَّالحين من حديث رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين)، ونحوها، فالظَّاهر أنَّها من اجتهادات بعض النُّسَّاخ والنَّاشرين، ولم أقف عليها في النُّسخ الخطِّيَّة النَّفيسة القريبة من عصر المصنِّف.

ثانيًا: تاريخ الفراغ من الكتاب:

فرغ من تصنيفه: يوم الاثنين 4 من شهر رمضان سنة 670 هـ، وعمره وقتها 39 عامًا.

قال الإمام النَّووي:

(فرغتُ منه: يوم الاثنين رابع شهر رمضان سنة سبعين وستمائة) ا.هـ.

وهذا هو التَّاريخ الصَّحيح الذي وصلنا بخطِّ تلميذه المجاز منه الشَّيخ داود ابن العطَّار نقلًا عن نسخة أخيه العلَّامة علي ابن العطَّار التي قابلها مع المصنِّف ونسخته وسمعها وقرأها عليه، وهو المطابق لليوم والتَّاريخ من السَّنة.

وأمَّا ما ورد في بعض النُّسخ الخطِّيَّةٍ من أنَّه فرغ منه في الرَّابع عشر، فهو غلطٌ بيقين، تصحَّفَت فيه (شهر) إلى (عشر)، والله أعلم.

رياض الصالحين، مكتبة آيا صوفيا، رقم (1835)، [261/ب]

ثالثًا: موضوع الكتاب، ومنهج الإمام النَّووي فيه:

بيَّن ذلك الإمام النَّووي في مقدِّمة كتابه أتمَّ بيان، فقال (ص 31-33) -طبعة دار المنهاج، بجدَّة-:

(أَمَّا بعد:

فقد قال الله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ) [الذَّاريات: 56-57].

وهذا تصريحٌ بأنَّهم خُلقوا للعبادة، فحقَّ عليهم الاعتناء بما خُلقوا له، والإعراض عن حظوظ الدُّنيا بالزَّهادة، فإنَّها دار نفاد لا محلُّ إخلاد، ومركب عُبور لا منزل حُبور، ومَشرع انفصام لا موطن دوام.

فلهذا كان الأَيقاظ من أهلها هم العبَّاد، وأعقل النَّاس فيها هم الزُّهَّاد، قال الله تعالى: (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [يونس:24]، والآيات في هذا المعنى كثيرة.

ولقد أحسن القائل:

إنَّ للهِ عبادًا فُطَنَا * طَلَّقُوا الدُّنيَا وخافُوا الفِتَنَا

نَظَروا فيها فلمَّا عَلِمُوا * أَنَّهَا لَيسَت لِحَيٍّ وَطَنَا

جَعَلُوها لُجَّةً واتَّخَذُوا * صَالِحَ الأَعمالِ فيها سُفُنا

فإذا كان حالُها ما وصفتُهُ، وحالُنا وما خُلقنا له ما قدَّمتُهُ؛ فحقٌّ على المكلَّف أن يذهب بنفسه مذهب الأخيار، ويسلك مسلك أولي النُّهى والأبصار، ويتأهَّب لما أشرتُ إليه، ويهتمَّ لما نبَّهتُ عليه، وأصوبُ طريق له في ذلك، وأرشدُ ما يسلكه من المسالك، التَّأدبُ بما صحَّ عن نبيِّنا سيِّد الأوَّلين والآخرين، وأكرم السَّابقين واللَّاحقين، صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر النَّبيِّين.

وقد قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) [المائدة:2]، وصحَّ عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال: (واللهُ في عَوْنِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ)، وأنَّه قال: (مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أجْرِ فَاعِلِهِ)، وأنَّه قال: (مَنْ دَعَا إِلى هُدىً كَانَ لَهُ مِنَ الأَجرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيئًا)، وأنَّه قال لعليٍّ رضي الله عنه: «فَوَاللهِ لأَنْ يَهْدِي اللهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ).

فرأيتُ أن أجمعَ مختصرًا من الأحاديث الصَّحيحة، مشتملا على ما يكون طريقًا لصاحبه إلى الآخرة، ومحصِّلا لآدابه الباطنة والظَّاهرة، جامعًا للتَّرغيب والتَّرهيب وسائر أنواع آداب السَّالكين: من أحاديث الزُّهد، ورياضات النُّفوس، وتهذيب الأخلاق، وطهارات القلوب وعلاجها، وصيانة الجوارح وإزالة اعوجاجها، وغير ذلك من مقاصد العارفين.

وألتزمُ فيه أن لَّا أذكرَ إلَّا حديثًا صحيحًا من الواضحات، مضافًا إلى الكُتب الصَّحيحة المشهورات، وأصدِّرَ الأبواب من القرآن العزيز بآيات كريمات، وأوشِّحَ ما يحتاج إلى ضبط أو شرح معنى خفيٍّ بنفائس من التَّنبيهات، وإذا قلتُ في آخر حديث: متَّفق عليه، فمعناه: رواه البخاري ومسلم.

وأرجو -إن تمَّ هذا الكتاب- أن يكون سائقًا للمُعتني به إلى الخيرات، حاجزًا له عن أنواع القبائح والمهلكات.

وأنا سائلٌ أخًا انتَفَعَ بشيءٍ منه أن يدعُوَ لي، ولوالديَّ، ومشايخي، وسائر أحبابنا، والمسلمين أجمعين.

وعلى الله الكريم اعتمادي، وإليه تفويضي واستنادي، وحسبي الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوَّة إلَّا بالله العزيز الحكيم) ا.هـ.

رابعًا: المصادر الحديثيَّة للكتاب، وشيوخ الإمام النَّووي فيها [2]:

اعتمد الإمام النَّووي في الكتاب على أمَّهات المصادر الحديثيَّة المشهورة، وجلُّها من مسموعاته على شيوخه، ويرويها بأسانيده المتَّصلة إليها، كما فصَّلتُ ذلك في جزأَين مستقلَّين، وهما: (الإفصاح عمَّن رَوَى الإمام النَّوويُّ عنهم المسانيد والسُّنن والصِّحاح)، و (الإِنباء بما سمعه الإمام النَّوويُّ من الأجزاء)، ومصادره في هذا الكتاب كالتَّالي:

1-موطَّأ الإمام مالك بن أنس رواية أبي مصعب الزُّهري:

سمع الكتاب على الشَّيخ أبي إسحاق رضي الدِّين إبراهيم بن عمر بن مُضر بن محمَّد الواسطي (593 هـ - 664 هـ).

2-مسند الإمام أحمد بن حنبل:

سمع الكتاب سنة 658 هـ على الشَّيخ أبي محمَّد شرف الدِّين عبد العزيز بن محمَّد بن عبد المحسن بن محمَّد الأنصاري الدِّمشقي الحَمَوِي الشَّافعي (586 هـ - 662هـ).

3-مسند الإمام الدَّارِمي:

سمع الكتاب على أجلِّ شيوخه الشَّيخ أبي محمَّد وأبي الفرج شمس الدِّين عبد الرَّحمن بن أبي عُمر محمَّد بن أحمد بن محمَّد بن قُدامة المقدسي الصَّالحي الحنبلي (597 هـ - 682 هـ).

4-صحيح الإمام البخاري:

سمع الكتاب على جماعة، منهم: الشَّيخ أبو محمَّد وأبو الفرج شمس الدِّين عبد الرَّحمن بن أبي عُمر محمَّد بن أحمد بن محمَّد بن قُدامة المقدسي الصَّالحي الحنبلي (597هـ - 682هـ).

5-صحيح الإمام مسلم:

سمع الكتاب على الشَّيخ أبي إسحاق رضي الدِّين إبراهيم بن عمر بن مُضر بن محمَّد الواسطي (593 هـ-664 هـ)، بجامع دمشق.

6-سنن الإمام أبي داود السِّجِسْتاني:

سمع الكتاب على الشَّيخَين: أبي محمَّد وأبي الفرج شمس الدِّين عبد الرَّحمن بن أبي عُمر محمَّد بن أحمد بن محمَّد بن قُدامة المقدسي الصَّالحي الحنبلي (597 هـ - 682 هـ)، وأبي محمَّد تقي الدِّين إسماعيل بن إبراهيم بن أبي اليُسر شاكر بن عبد الله التَّنُوخِي الدِّمشقي الشَّافعي (589 هـ - 672 هـ).

7-سنن الإمام التّرمذي:

سمع الكتاب على الشَّيخ أبي محمَّد وأبي الفرج شمس الدِّين عبد الرَّحمن بن أبي عُمر محمَّد بن أحمد بن محمَّد بن قُدامة المقدسي الصَّالحي الحنبلي (597 هـ - 682 هـ).

8-الشمائل للإمام التّرمذي.

9-سنن الإمام النَّسائي:

سمع الكتاب بقراءته على الشَّيخ أبي محمَّد تقي الدِّين إسماعيل بن إبراهيم بن أبي اليُسر شاكر التَّنُوخي (589 هـ - 672 هـ).

10-سنن الإمام ابن ماجه:

سمع الكتاب سنة 662 هـ على الشَّيخ أبي محمَّد وأبي الفرج شمس الدِّين عبد الرَّحمن بن أبي عُمر محمَّد بن أحمد بن محمَّد بن قُدامة المقدسي الصَّالحي الحنبلي (597هـ - 682 هـ).

11-صحيح الإمام ابن خزيمة.

12-سنن الإمام الدَّارَقُطْني:

الكتاب من مسموعاته، كما نصَّ على ذلك تلميذه ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 60)، يسَّر الله تعالى الوقوف على شيخه فيه.

13-معالم السُّنن للإمام الخطَّابي:

سمع هذا الكتاب على الشَّيخ أبي محمَّد كمال الدِّين إسحاق بن خليل بن فارس الشَّيباني الدِّمشقي الشَّافعي (588 هـ - 655 هـ).

14-المستدرك للإمام الحاكم النيسابوري.

15-معرفة علوم الحديث للإمام الحاكم النيسابوري.

16-سنن الإمام البَيْهَقِي.

الكتاب من مسموعاته، كما نصَّ على ذلك تلميذه ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 60)، يسَّر الله تعالى الوقوف على شيخه فيه.

17-الجمع بين الصَّحيحين للإمام الحُميدي [3]:

درس جملة مستكثرة من الكتاب على الشَّيخ أبي إسحاق ضياء الدِّين إبراهيم بن عيسى بن يوسف المرادي الأندلسي الشَّافعي (المتوفى 667 هـ).

خامسًا: المصنَّفات التي ذكرها لنفسه في الكتاب وأحال عليها [4]:

من عادات الإمام النَّووي أنَّه يحيل في مصنَّفاته على كتبه الأخرى، وقد بيَّن مقصده من ذلك في مقدّمة كتابه (بستان العارفين) (ص ٦٣)، فقال:

(وربَّما أحلتُهُ على كتاب صنَّفتُهُ أنا، ولا أقصدُ بذلك إن شاء الله تعالى التَّبجُّح والافتخار، ولا إظهار المصنَّفات والاستكثار، بل الإرشاد إلى الخير والإشارة إليه، وبيان مظنَّته والدَّلالة عليه.

وإنَّما نبَّهتُ على هذه الدَّقيقة؛ لأنِّي رأيتُ من النَّاس من يَعيبُ سالك هذه الطَّريقة؛ وذلك لجهالته وسوء ظنِّه وفساده، أو لحسده وقصوره وعناده، فأردتُ أن يتقرَّر هذا المعنى في ذهن مطالع هذا التَّصنيف؛ ليطهِّر نفسه من الظَّنِّ الفاسد والتَّعنيف.

وأسأل الله الكريم توفيقي لحسن النِّيَّات، والإعانة على جميع أنواع الطَّاعات، وتيسيرها والهداية لها دائمًا في ازدياد حتَّى الممات) ا.هـ.

أمَّا مصنَّفاته التي أحال عليها في هذا الكتاب، فهُمَا:

1-(حِلية الأبرار وشِعار الأخيار في تلخيص الدَّعوات والأذكار المستحبَّة في اللَّيل والنَّهار)، الشَّهير بـ: (الأذكار):

ذكره في ثلاثة مواضع:

قال (ص 496):

(اعلم أنَّ الكذب، وإن كان أصله محرَّمًا، فيجوز في بعض الأحوال بشروط قد أوضحتُها في كتاب: الأذكار) ا.هـ.

وقال (ص 510):

(والرِّواية المشهورة: «أهلكهم» برفع الكاف، ورُوي بنصبها، وهذا النَّهي لمن قال ذلك عُجبًا بنفسه، وتصاغرًا للنَّاس، وارتفاعًا عليهم، فهذا هو الحرام، وأمَّا من قاله لما يرى في النَّاس من نقص في أمر دينهم، وقاله تحزُّنًا عليهم، وعلى الدِّين، فلا بأس به، هكذا فسَّره العلماء وفصَّلوه، وممَّن قاله من الأئمَّة الأعلام: مالك بن أنس، والخطَّابي، والحُميدي، وآخرون، وقد أوضحتُهُ في كتاب: الأذكار) ا.هـ.

وقال (ص 562) في باب كراهة المدح في الوجه لمن خيف عليه مفسدة من إعجاب ونحوه، وجوازه لمن أمن ذلك في حقه:

(والأحاديث في الإباحة كثيرة، وقد ذكرتُ جملة من أطرافها في كتاب الأذكار)ا.هـ.

2-(منهاج المحدِّثين وسبيل طالبيه المحقِّقين في شرح صحيح أبي الحسين مسلم بن الحجَّاج القُشيري):

ذكره في موضع واحد:

قال (ص 119):

(قوله: (وراءَ وراءَ) هُوَ بالفتح فيهما، وقيل: بالضَّمِّ بلا تنوين، ومعناه: لستُ بتلك الدَّرجة الرَّفيعة، وهي كلمة تُذكر على سبيل التَّواضع، وقد بسطتُ معناها في شرح صحيح مسلم) ا.هـ.

سادسًا: مصنَّفات الإمام النَّووي الأخرى التي أحال فيها على الكتاب:

1-(تحرير ألفاظ التَّنبيه):

ذكره في موضع واحد:

قال (ص 127):

(الغِيبة: ذِكرك الإنسان بما يكرهه ممَّا هو فيه، وهي حرام إلَّا في ستَّة مواضع، بسطتُها في: كتاب الأذكار، ورياض الصَّالحين) ا.هـ.

2-(منهاج المحدِّثين وسبيل طالبيه المحقِّقين في شرح صحيح أبي الحسين مسلم بن الحجَّاج القُشيري):

ذكره في موضعين:

قال (7/406) بعد حديث الوصيَّة بالنِّساء:

(وقد جاءت أحاديث كثيرة صحيحة في الوصيَّة بهن، وبيان حقوقهن، والتَّحذير من التَّقصير في ذلك، وقد جمعتُها أو معظمها في: رياض الصَّالحين) ا.هـ.

وقال (9/68):

(وقد قال العلماء: إنَّ الغِيبة تباح في ستَّة مواضع، أحدها: الاستنصاح، وذكرتُها بدلائلها في: كتاب الأذكار، ثمَّ في: رياض الصَّالحين) ا.هـ.

3-(المجموع شرح المهذَّب):

ذكره في ثمانية مواضع:

قال (3/178-179) بعد أحاديث النهي عن إسبال الإزار وجره:

(وفي المسألة أحاديث صحيحة كثيرة غير ما ذكرتُه، قد جمعتُها في: كتاب رياض الصَّالحين) ا.هـ.

وقال (4/389):

(قال الترمذي، ويروى الكور بالواو كلاهما صحيح المعنى، قال العلماء: معناه بالرَّاء والنون جميعًا: الرُّجوع من الاستقامة أو الزِّيادة إلى النقص، وقد أوضحتُهُ في: كتاب الأذكار، وفي: الرِّياض) ا.هـ.

وقال (4/395) بعد حديث (لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة):

(وهذا النَّهي يتناول المصاحبة دون باقي التَّصرُّفات فيها من السَّفر بها في وجه آخر، والبيع، وغير ذلك، وقد بسطتُ شرحه في: كتاب الرِّياض) ا.هـ.

وقال (4/481) في آداب المجلس والجليس:

(وفي هذا الفصل أحاديث كثيرة صحيحة، وقد ذكرتُ منها جملة في: كتاب الأذكار، والرِّياض) ا.هـ.

وقال (5/106):

(وقد تظاهرت دلائل الكتاب والسُّنَّة على فضل الصَّبر، وقد جمعتُ جملة من ذلك في باب الصَّبر في أوَّل: كتاب رياض الصَّالحين) ا.هـ.

وقال (5/109):

(وقد تتبَّعتُ الأحاديث الصَّحيحة الواردة في الخوف والرَّجاء، وجمعتُها في: كتاب رياض الصَّالحين، فوجدتُ أحاديث الرَّجاء أضعاف الخوف مع ظهور الرَّجاء فيها) ا.هـ.

وقال (6/220) بعد أحاديث فضل الصدقة على الأقارب:

(وفي الباب أحاديث كثيرة صحيحة، جمعتُ معظمها في: رياض الصَّالحين) ا.هـ.

وقال (6/247):

(يستحب استحبابًا متأكدًا صلة الأرحام، والإحسان إلى الأقارب واليتامى والأرامل والجيران والأصهار، وصلة أصدقاء أبيه وأمه وزوجته، والإحسان إليهم، وقد جاءت في جميع هذا أحاديث كثيرة مشهورة في الصَّحيح، جمعتُ معظمها في: رياض الصَّالحين) ا.هـ.

4-(تهذيب الأسماء واللُّغات):

ذكره في موضعين:

قال (3/120):

(وفيه حديث: (في كُمّ قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرُّصغ)، في سنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وذكرتُه في آخر باب الجوع من: الرِّياض) ا.هـ.

وقال (3/172):

(والصَّبر من أعظم الأصول التي يعتمدها الزُّهَّاد وسالكو طريق الآخرة، وهو باب من أبواب كتب الرَّقائق، وقد جمعتُ أنا فيه جملة من الأحاديث الصَّحيحة مع الآثار في كتاب: رياض الصَّالحين) ا.هـ.

سابعًا: عناية الإمام النَّووي بإقراء الكتاب:

اعتنى الإمام النَّووي بإقراء كتابه (رياض الصَّالحين) في مجالس القراءة والسَّماع، وسمعه منه جماعة، فممَّن وقفتُ على أسمائهم:

1-الشَّيخ، الفقيه، شهاب الدِّين أحمد بن يحيى بن علي بن أحمد المالِقي.

2-الإمام، العالم، علاء الدِّين علي بن إبراهيم بن داود ابن العطَّار الدِّمشقي.

صورة طبقة سماع الكتاب على الإمام النَّووي كتبها ابن العطَّار

(الحمد لله ربِّ العالمين.

سمعتُ جميع هذا الكتاب، وهو: (رياض الصَّالحين)، من أوَّله إلى: باب بيان جماعة من الشُّهداء، بقراءة: الفقيه، شهاب الدِّين أحمد بن يحيى بن علي بن أحمد المالِقي، والباقي بقراءتي على مصنِّفه: شيخنا، وسيِّدنا، الإمام، العالم الرَّبَّاني، شيخ الإسلام، مفتي الشَّام، ناصر السُّنَّة، أبي زكريَّا يحيى بن شرف بن مِرَا النَّووي، أعاد الله علينا بركته.

وسَمِعَهُ جماعة كاملًا، وآخرون بفوات.

وصحَّ ذلك في مدَّة، آخرها: الثَّامن والعشرين من شهر رمضان المعظَّم سنة أربع وسبعين وستمائة بدمشق المحروسة.

كَتَبَهُ:

علي بن إبراهيم بن داود الشَّافعي، عُرف بابن العطَّار، عفا الله عنهم).

رياض الصالحين، مكتبة حسين باشا أمجازاده، رقم (279)، [168/ب]

تنبيه: اعتمدَت طبعة دار المنهاج بجدِّة نسخة مكتبة حسين باشا أعلاه أصلًا، ووصفتها أنَّها نُقلت من نسخة الإمام ابن العطَّار التي سمعها وقرأها على المؤلِّف!

وفي هذا نظرٌ، والصَّحيح أنَّ هذه النُّسخة منقولة عن نسخة عبد الله بن أحمد بن خليل البانياسي الشَّافعي عن نسخة العلاء ابن العطَّار، حيث صرَّح النَّاسخ في آخرها [168/ب] أنَّه شاهد على الأصل المنقول منه في طبقة سماعه صورة طبقة سماع ابن العطَّار على المصنِّف، فنَقَلَها منه، ثمَّ عاد إلى طبقة سماع أصله، فقال: (وفيه: ..) يعني: في أصل البانياسي المنقول منه، فنَقَلَ منه طبقة سماعه على ابن العطَّار، وممَّا جاء فيها: (وقابلتُ هذه النُّسخة مع الشَّيخ المُسمِع حال السَّماع بأصله)، ولا يمكن للنَّاسخ أن ينقل طبقة السَّماع هذه إلَّا من نسخة البانياسي المذكورة، والله أعلم.

ثامنًا: من ثناء أهل العلم على الكتاب:

تتابع أهل العلم بالثَّناء على الكتاب بما يفوق الحصر، فمنهم على سبيل المثال:

1-قال تقي الدِّين اللَّخمي (المتوفى 738 هـ) في (ترجمة الشيخ محيي الدين يحيى الحزامي النووي الدمشقي الشافعي) (ص 49):

(وكتاب: رياض الصَّالحين مجلَّد ضخم، وكتاب الأذكار، وهما جليلان، لا يَستغني مُسلم عنهما) ا.هـ.

2-وقال شمس الدِّين الذَّهبي (المتوفى 748 هـ) في (سير أعلام النبلاء) (19/340):

(فعليك يا أخي بتدبِّر كتاب الله، وبإدمان النَّظر في الصَّحيحين، وسنن النَّسائي، ورياض النَّواوي، وأذكاره، تفلح، وتنجح) ا.هـ.

3-وقال شمس الدِّين العثماني (المتوفى 800 هـ) في (طبقات الفقهاء الكبرى) (2/ 711):

(والأذكار، ورياض الصَّالحين، وهما كتابان عظيمان مُهمَّان) ا.هـ.

4-وقال ابن الوزير اليماني (المتوفى 840 هـ) في (العزلة) (ص 99):

(فإذا حصلَت لك الخلوة بلطف الله تعالى، فشمِّر في العمل على موافقة الكتاب والسُّنَّة، وطالع كتب الصَّالحين بعدهما، وقدِّم الكتب الصَّحيحة على غيرها، وأحسن ما يطالع: كتاب (رياض الصَّالحين) للنَّووي، فإنَّه اقتصر فيه على كتاب الله وسنَّة رسوله الصَّحيحة، ولم يمزجه بشيء من البدع والمذاهب) ا.هـ.

5-وقال شمس الدِّين السَّخاوي (المتوفى 902 هـ) في (المنهل العذب الروي) (ص 73):

(رياض الصَّالحين، والأذكار، قلتُ: وهما جليلان لا يُستغنى عنهما) ا.هـ.

6-وقال محمَّد بن صالح العُثيمين في (شرح رياض الصَّالحين) (3/454):

(رياض الصَّالحين: الكتاب الموافق لاسمه، فإنَّه رياض، رياض لأهل الصَّلاح، فيه من الأحكام الشَّرعية والآداب المرعيَّة ما يزيد به إيمان العبد، ويستقيم به سيره إلى الله عز وجلّ، ومعاملته مع عباد الله، ولهذا كان بعض النَّاس يحفظه عن ظهر قلب؛ لما فيه من المنفعة العظيمة) ا.هـ.

وقال (4/233):

(والحقيقة أنَّ هذا الكتاب (رياض الصَّالحين) كتاب جامع نافع، ويصدق عليه أنَّه رياض الصَّالحين، ففيه من كلِّ زوج بهيج، فيه أشياء كثيرة من مسائل العلم، ومسائل الآداب، لا تكاد تجدها في غيره) ا.هـ.

وقال (4/333):

(رياض الصَّالحين: كتابٌ شاملٌ عامّ، ينبغي لكلِّ مسلم أن يقتنيه، وأن يقرأه، وأن يفهم ما فيه) ا.هـ. 

تاسعًا: نسخة خطِّيَّة نفيسة للكتاب لم تُعتمد في أيِّ طبعة [5]:

نسخةٌ تامَّةٌ مُتقنةٌ محفوظةٌ في مكتبة آيا صوفيا، رقم (1835)، وتقع في (261) ورقة، وفي (26) كراسة ونصف.

كَتَبَها بخطٍّ جيِّدٍ حَسَنٍ مع الفهرست: الشَّيخُ، الفاضلُ، العالمُ، الفقيهُ، المسنِدُ، المعمَّرُ، الثِّقةُ، أبو سُليمان جمال الدِّين داود بن إبراهيم بن داود ابن العطَّار (665 هـ - 752 هـ) [6] -وهو ممَّن أخذ عن المصنِّف وأجازه [7]، وله عناية خاصَّة بنسخ كتبه [8]-في مدَّة آخرها: يوم السَّبت 4 شهر جمادى الآخرة سنة 728 هـ بمدينة دمشق، وقابلها وصحَّحها على أصل أخيه علاء الدِّين علي ابن العطَّار -وقد آلت أصوله بعد وفاته إلى أخيه النَّاسخ [9]- المسموع على مصنِّفه الإمام النَّووي، في مجالس آخرها: 5 من شهر الله المحرَّم سنة 729 هـ.

وفيها إلحاقات، وتصحيحات، وتصويبات، وترقيم الكرَّاسات، كما فيها بلاغات عدَّة بخطِّ النَّاسخ وغيره يظهر منها أنَّها قوبلت غير مرَّة على الأصل، وعليها حواشي يسيرة صرَّح النَّاسخ بنقلها عن خطِّ أخيه العلاء ابن العطَّار.




(كَتَبَهُ: داود بن إبراهيم بن داود ابن العطَّار الشَّافعي، في مدَّة آخرها: يوم السَّبت رابع شهر جمادى الآخرة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة بدمشق المحروسة، نفعه الله تعالى وسائر وجوه الخير، وجَمَعَ بينه وبين مصنِّفه في دار كرامته بفضله ورحمته.

بَلَغَ مقابلةً وتصحيحًا بحسب الإمكان بالأصل المنقول منه المسموع على مصنِّفه -رحمه الله- أصل الشَّيخ علاء الدِّين ابن العطَّار -رحمه الله-، وذلك في مجالس، آخرها: خامس المحرَّم سنة تسع وعشرين وسبعمئة، أحسن الله تقضيها، ولله الحمد والمنَّة).


هذا والله أعلم.

وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّد، وعلى آله، وصحبه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين. 

-------------------------

[1] مقتبس من مقدّمة (رياض الصَّالحين) (ج-د) بتحقيق: عبد العزيز رباح وأحمد الدّقاق.

[2] من مصادر الكتاب غير الحديثيَّة التي صرَّح بها: (الصّحاح) للجوهري، و(بحر المذهب) للروياني.

[3] يرى الشَّيخ نظر الفاريابي -كما في (كنوز رياض الصَّالحين) (1/36)- أنَّ الإمام النَّووي بجانب اعتماده على المصادر الأساسيَّة اعتمد كثيرًا على مصدرَين أساسيين، وهما: الكتاب أعلاه، -وقد صرَّح به في موضع (ص 163)-، وكتاب (التَّرغيب والتَّرهيب) للإمام المنذري، -ولم يصرِّح به-، وأورد أمثلة على ذلك.

[4] اقترح عليَّ شيخنا الجليل المحقِّق د. عبد الحكيم الأنيس -حفظه الله ورعاه- إفراد بحثٍ مستقلٍّ عن المؤلَّفات التي ذكرها الإمام النَّووي لنفسه وأحال عليها، وشرعتُ فيه، يسَّر الله تعالى إتمامه على خير.

[5] قد زوَّدني بها مشكورًا مأجورًا أخي فضيلة الشَّيخ المحقِّق د. محمَّد بن يوسف الجوراني، جزاه الله خير الجزاء.

[6] أفردتُ ترجمته في جزء مستقلٍّ سمَّيته: (بذل المجهود في ترجمة الشَّيخ ابن العطَّار داود).

[7] قال ابن حجر العسقلاني في (الدرر الكامنة) (2/219): (ولد في شوال سنة 65[6]، فأجاز له ابن عبد الدائم، والنجيب، والنَّووي، وابن مالك، وغيرهم)ا.هـ، وذكره السَّخاوي ضمن الآخذين عنه في (المنهل العذب الروي) (ص 130)، فقال: (والجمال داود بن إبراهيم ابن العطَّار، أخي تلميذه العلاء علي) ا.هـ.

[8] مثل: (منهاج المحدِّثين وسبيل طالبيه المحقِّقين في شرح صحيح أبي الحسين مسلم بن الحجَّاج القُشيري)، و(حِلية الأبرار وشِعار الأخيار في تلخيص الدَّعوات والأذكار المستحبَّة في اللَّيل والنَّهار)، و(روضة الطَّالبين وعمدة المفتين)، و(الإيضاح في مناسك الحج والعمرة)، كما نَسَخَ كتاب أخيه العلاء ابن العطَّار المسمَّى بـ: (تحفة الطَّالبين في ترجمة شيخنا الإمام النَّووي محيي الدِّين).

[9] في (الدرر الكامنة) (2/219): (قال البِرزالي: انتقلَتْ إليه أجزاء أخيه بعده)ا.هـ.

الاثنين، 29 نوفمبر 2021

جزء الإمام السِّلفي، ويليه: جزء الإمام المِزِّي عن كتاب الأربعين حديثًا الوَدعانيَّة

 جزء الإمام السِّلفي، ويليه: جزء الإمام المِزِّي عن كتاب الأربعين حديثًا الوَدعانيَّة*

تحقيق: عبد الله الحسيني

للتحميل:


لتحميل العدد كاملًا:

* تمَّ نشرهما في (مجلة الهداية) المحكَّمة التي تصدرها وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف بمملكة البحرين، العدد (1/357)، السنة 43، ربيع الآخر 1443 هـ - نوفمبر 2021م.

الأربعاء، 15 سبتمبر 2021

القول المبين في تلقيب الإمام النَّوويِّ بمحيي الدِّين

 

القول المبين في تلقيب الإمام النَّوويِّ بمحيي الدِّين

بقلم: عبد الله بن محمَّد سعيد الحسيني

الحمد لله، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، وبعد:

فقد اشتُهر تلقيب شيخ الإسلام أبي زكريَّا يحيى بن شرف بن مِرَى النَّووي الدِّمشقي (631 هـ- 676 هـ) – تغمَّده الله بواسع رحمته- بـ: (مُحيي الدِّين) من أهل عصره، ولا يزال كذلك إلى عصرنا هذا، وهو ونحوه من قبيل الإضافة للسَّبب تفاؤلًا ودعاءً، بمعنى: مُحيي نفسه وأمَّته بالدِّين بتوفيق من الله تعالى ومنِّه.

وبذلتُ جهدي في تتبُّع مَن لقَّبه بذلك في حياته وبعد مماته من شيوخه وأقرانه وتلامذته وطبقاتهم، ورتَّبتهم حسب وفياتهم؛ إيذانًا بأنَّه ذائع متداول مشهور، ورفعًا للحرج عمَّن توقَّف فيه بسبب مقالة نُسبت إليه تُوحي أنَّه محذور.

وعلى الله الكريم توكُّلي واعتمادي، وإليه تفويضي واستنادي، وله الحمد والنِّعمة، وبه التَّوفيق والعصمة.

شيوخ الإمام النَّووي وأقرانه وتلاميذه الذين لقَّبوه بمحيي الدِّين

1-شيخه الشَّيخ المقرئ ياسين بن يوسف المراكشي (المتوفَّى 687 هـ). [1]

قال ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين في ترجمة شيخنا الإمام النَّووي محيي الدِّين) (ص 44):

(ذَكَرَ لي الشَّيخُ ياسين بن يوسف المراكشي -ولي الله، رحمه الله- قال: رأيتُ الشَّيخ محيي الدِّين -وهو ابن عشر سنين- بنوى، والصِّبيان يُكرِهونه على اللَّعب معهم، وهو يهربُ منهم، ويبكي؛ لإكراههم، ويقرأ القرآن في تلك الحال، فوَقَعَ في قلبي محبَّته ..) ا.هـ.

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [3/أ]

2-الشَّيخ الفاضل إسماعيل البُسطي (المتوفَّى 676 هـ).

قال ابن العطَّار في (تحفة الطَّالبين) (ص 131):

(ورَثَاهُ الشَّيخُ الفاضلُ أبو محمَّد إسماعيل البُسطي -رضي الله عنه-، وتوفِّي -رحمه الله- بعد وفاة الشَّيخ بأربعة وعشرين يومًا، ودُفِن من يومه بدمشق:

رزِيَّةُ مُحيي الدِّين قد عَمَّتِ الوَرَى * فلَسْتَ تَرَى إلَّا حزينًا مُفَكِّرَا) ا.هـ.

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [28/ب]

3-الشَّيخ الإمام الأديب محمَّد بن أحمد بن عمر ابن الظَّهير الإربلي الحنفي (602هـ-677 هـ).

قال ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 69):

(وكَتَب شيخُنا أبو عبد الله محمَّد بن الظَّهير الحنفي الإربلي، شيخ الأدب في وقته -رحمه الله- كتاب العُمدة في تصحيح التَّنبيه للشَّيخ -قدَّس الله روحه-، وسألني مقابلته معه بنسختي؛ ليكون له روايةً عنه منِّي، فلمَّا فرغنا من ذلك، قال لي: "ما وصل الشَّيخ تقي الدِّين ابن الصَّلاح إلى ما وصَل إليه الشَّيخ محيي الدِّين من العلم في الفقه، والحديث، واللُّغة، وعذوبة اللَّفظ، والعبارة") ا.هـ.

وقال أيضًا (ص 114-115):

(قرأتُ على شيخِنا العلَّامة شيخ الأدب أبي عبد الله محمَّد بن أحمد ابن عمر بن أبي شاكر الحنفي الإِربلي -رحمه الله-، وكان مدرِّسًا للقايمازيَّة بدمشق: قُلتَ -رضي الله عنك- وكان ذلك في العشر الأوَّل من شعبان سنة ست وسبعين وست مئة) ا.هـ، ومنه:

يا مُحْيي الدِّينِ كَمْ غادرْتَ مِن كبدٍ * حرَّى عليك وعين دمعُها هَطَلُ

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [10/أ، 18/ب، 19/ب]

4-الشَّيخ العالم المحدِّث محمَّد بن عربشاه بن أبي بكر الهمداني الدِّمشقي (607 هـ-677 هـ).

كَتَبَ بخطِّه طبقة سماع للجزء الثَّاني من أمالي الإمام أبي الحُسين محمَّد بن أحمد بن إسماعيل بن عَنْبَس ابن سمعون الواعظ في مجلسَين آخرهما يوم الثُّلاثاء 20 من شهر الله المحرَّم سنة 666 هـ بجامع دمشق، فَذَكَرَ من أسماء السَّامعين الذين حضروا مجلس السَّماع:

(والإمام محيي الدِّين أبو زكريَّا يحيى بن شرف بن مِرَى النَّواوي) ا.هـ.

المجاميع العمرية، رقم (17)، [42/أ]

5-الشَّيخ الزَّاهد علي بن أحمد بن بدر الجزري (المتوفَّى 680 هـ).

قال ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 66):

(ذَكَرَ لي شيخُنا، العَارفُ، القدوةُ، المسلك، وليُّ الدينِ أبو الحسن علي، المقيم بجامع بيت لهيا خارج دمشق -رحمه الله-، قال: كنتُ مريضًا بمرض يُسمَّى: النِّقْرِس، في رجليَّ، فَعادني الشَّيخُ محيي الدين -قدَّس الله روحه-..) ا.هـ.

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [9]

6-الشَّيخ الزَّاهد محمَّد بن الحسن بن إسماعيل الإخميمي (المتوفَّى 684هـ).

قال ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 69):

(وقال لي الشَّيخ العارف المحقِّق المكاشَف أبو عبد الرَّحيم محمَّد الإخميمي -قدَّس الله روحه، ونوَّر ضريحه-:"كان الشَّيخُ محيي الدِّين -رحمه الله- سالكًا منهاج الصَّحابة، رضي الله عنه، ولا أعلمُ أحدًا في عصرنا سالكًا على منهاجهم غيره") ا.هـ.

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [10/أ]

7-تلميذه الشَّيخ الإمام المحدِّث يوسف بن محمَّد بن عبد الله ابن المهتار (610 هـ - 685 هـ).

قال ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 126-127):

(ورَثاهُ قارئ دار الحديث الأشرفيَّة، والآخذ عنه، الشَّيخ، الفاضل، المحدِّث، أبو الفضل يوسف بن محمَّد بن عبد الله الكاتب الأديب المصري ثمَّ الدِّمشقي، وقال: "نظمتُها راثيًا مشايخي -رحمهم الله تعالى-"، وسمعتُها من لَفْظِهِ)ا.هـ، ومنه:

وكذاكَ محيي الدِّين فاقَ بزُهدهِ * وبفقهِهِ الفُقها مع الزُّهَّادِ

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [25/ب، 26/أ]

8-تلميذه الشَّيخ الأديب أحمد بن إبراهيم بن عبد اللَّطيف بن مصعب الخزرجي الدِّمشقي (622 هـ-696 هـ).

قال ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 118-119):

(وقَرَأَ الصَّدرُ الرئيسُ الفاضلُ أبو العبَّاس أحمد بن إبراهيم بن مصعب -رحمه الله- بدار الحديث النُّوريَّة مرثاةً، نظمها وأنا أسمعُ، وكان قَرأ على الشَّيخ -قدَّس الله روحه- قطعةً من "المنهاج في مختصر المحرَّر"، واستنسخ "الرَّوضة" له، وقابلتُ له بعضها مع الشَّيخِ، وأصلحتُ بإملائه -رحمه الله- مواضع منها) ا.هـ، ومنه:

ولاحَ على وجهِ العلومِ كآبةٌ * تُخبِّرُ أنَّ الدِّين قد مات مُحييهِ

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [21]

9-تلميذه الشَّيخ الحافظ أحمد بن فَرح بن أحمد اللَّخمي الإشبيلي الدِّمشقي (625 هـ- 699 هـ).

قال ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 113):

(قال لي المحدِّث أبو العبَّاس أحمد بن فرح الإشبيلي -رحمه الله-، وكان له ميعادٌ على الشَّيخ -قدَّس الله روحه- في الثُّلاثاء والسَّبت، يومٌ يشرح في صحيح البخاري، ويومٌ يشرح في صحيح مسلم، قال: "كان الشَّيخُ محيي الدِّين قد صار إليه ثلاث مراتب ..) ا.هـ.

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [18/ب]

10-تلميذه الشَّيخ الفقيه حسن بن هارون بن حسن الهَذَباني الدِّمشقي (المتوفَّى 699 هـ).

جاء في ملحق (مساجلة علميَّة) (ص 45) نقلًا عنه:

(سُئل شيخُنا، الإمام، العالم، العامل، الحافظ، المتقن، المحقِّق، محيي الدِّين -رضي الله عنه-) ا.هـ.

11-الشَّيخ المحدِّث عبد الحافظ بن عبد المنعم بن غازي بن عمر المقدسي (المتوفَّى 703 هـ).[2]

كَتَبَ بخطِّه طبقة سماع لسنن ابن ماجه في مجالس آخرها يوم الاثنين 14 من شهر جمادى الآخرة سنة 662 هـ بحلقة الحنابلة بجامع دمشق، فَذَكَرَ من أسماء السَّامعين الذين حضروا مجلس السَّماع:

(ومحيي الدِّين يحيى بن شرف بن مِرَى النَّووي) ا.هـ.

(والإمام محيي الدِّين يحيى بن شرف بن مِرَى النَّووي) ا.هـ.

وكَتَبَ بخطِّه طبقة سماع لجزء فيه من حديث الإمام وكيع بن الجرَّاح الرُّوَاسي في 27 من شهر ربيع الأوَّل سنة 664 هـ بدمشق، فَذَكَرَ من أسماء السَّامعين الذين حضروا مجلس السَّماع:

(محيي الدِّين يحيى بن شرف بن مِرَى النَّووي) ا.هـ.

وكَتَبَ بخطِّه طبقة سماع للسفر الخامس من مسند أبي عوانة في مجالس آخرها 15 من شهر شوَّال سنة 665 هـ بحلقة الحنابلة بجامع دمشق، فَذَكَرَ من أسماء السَّامعين الذين حضروا مجلس السَّماع:

(والإمام العالم محيي الدِّين أبو زكريَّا يحيى بن شرف بن مِرَى النَّووي) ا.هـ.

وكَتَبَ بخطِّه طبقة سماع للسفر السادس من مسند أبي عوانة في مجالس آخرها العشر الأوسط من شهر صفر سنة 666 هـ بحلقة الحنابلة بجامع دمشق، فَذَكَرَ من أسماء السَّامعين الذين حضروا مجلس السَّماع:

(ومحيي الدِّين يحيى بن شرف بن مِرَى النَّووي) ا.هـ.


سنن ابن ماجه، دار الكتب المصريَّة، الخزانة التيمورية - الحديث، رقم (522) المجلَّد الأوَّل [436] والمجلَّد الثَّاني [242]

جزء فيه من حديث الإمام وكيع بن الجرَّاح الرُّوَاسي، المجاميع العمرية، رقم (3)، [135/ب]

السفر الخامس لمسند أبي عوانة، مكتبة فاضل أحمد باشا، رقم (403)، [271/ب]

السفر السادس لمسند أبي عوانة، الزاوية العثمانية بطولقة، الجزائر

12-الشَّيخ الإمام المحدِّث المقرئ أحمد بن إبراهيم بن سباع الفَزَارِي (630 هـ-705 هـ).

كَتَبَ بخطِّه طبقة سماع لكتاب (فضائل شهر رمضان وما فيه الأحكام والعلم وفضل صُوَّامه والتَّغليظ على من أفطر فيه متعمِّدًا من غير عذر) للإمام ابن شاهين في مجلس واحد في الخامس من شهر رمضان سنة 662 هـ بجامع دمشق، فَذَكَرَ من أسماء السَّامعين الذين حضروا مجلس السَّماع:

(والشَّيخ محيي الدِّين أبو زكريَّا يحيى بن شرف بن مِرَى بن حسن بن حسين النَّواوي) ا.هـ.

فضائل شهر رمضان، المجاميع العمرية، رقم (20)، [203/أ]

13-الشَّاعر الحسين بن صدقة بن بدران الموصلي (المتوفَّى 705 هـ).

قال ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 139):

(وَرَثَاهُ الحُسين بن صدقة الموصلي -عفا الله عنه-) ا.هـ، ومنه:

يا محيي الدِّينِ الحَنيفِ سقا ثرىً * واراكَ من كَرَمِ الإِلهِ عِهادُ

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [33/ب]

14-تلميذه الشَّيخ العلَّامة المفتي إسماعيل بن عثمان بن محمَّد ابن المعلِّم الحنفي الدِّمشقي (623 هـ-714 هـ).

قال ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 66-67):

(وذَكَرَ لي صاحبُنا في القراءة على الشَّيخ -رحمه الله- لمعرفة السُّنن والآثار للطحاوي؛ الشَّيخ العلَّامة المفتي رشيد الدِّين إسماعيل بن المعلّم الحنفي -فسح الله في مدَّته- قالَ: "عَذلتُ الشَّيخَ محيي الدِّين في عدم دخول الحمَّام، وتضييق عيشه في أكله، ولباسه، وجميع أحواله" ..) ا.هـ.

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [9/ب]

15-الشَّيخ القاضي الأديب أحمد بن محمَّد بن سالم التَّغلبي الدِّمشقي (655 هـ-723 هـ).

قال ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 120-121):

(ورثاه الفقيهُ الفاضلُ الإمامُ الصَّدرُ الرئيسُ الأديبُ نجم الدِّين أبو العبَّاس أحمد ابن شيخنا عماد الدِّين أبي عبد الله محمَّد بن أمين الدِّين سالم بن الحسن بن هبة الله بن محفوظ بن صَصْرى التَّغْلِبي -بالتاء المثنَّاة والغين المعجمة- البلدي، في شعبان سنة ست وسبعين وست مئة ..

فلمَّا كان في سنة اثنتين وسبع مئة؛ وليَ قضاء القضاة بالشَّام، فتفضَّل، وحضر مجلسِي للحديث بدار الحديث النُّوريَّة -رحم الله واقفها-في جُمادى الأولى، فأمرتُ قارئ الحديث أن يقرأها عليه؛ ليسمعَها الحاضرون منه، وتبركًا بذكر الشَّيخ -قدَّس الله روحه- وسمعتُها معهم؛ لأرويها عنه لمن طلب ذلك -إن شاء الله تعالى-) ا.هـ، ومنه:

أعَيْنَي جِدا بالدُّموعِ الهَوامِلِ * وجُودِي بها كالسَّرياتِ الهَواطِلِ

على الشَّيخ محيي الدِّين ذي الفضل والتقى * ورَبِّ الهُدى والزُّهدِ حاوِي الفضائلِ

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [22]

16-الشَّيخ الفقيه الشَّاعر الأديب محمَّد بن عمر بن أحمد المنبجي (قبل 650 هـ- 723 هـ).

قال ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 125-126):

(ورَثاهُ صاحبُنا الفقيهُ الفاضلُ أبو عبد الله محمَّد المنبجي -نفع الله به- أحدُ فقهاء المدرسة النَّاصرية بدمشق المحروسة والسَّاكن بها، شاعر، أديبٌ، مفلّق..) ا.هـ، ومنه:

واسلُك كمُحيي الدِّينِ سُبْلَ سلامة * تُقصيكَ من نارٍ يَدومُ عذابُها

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [24/ب، 25/ب]

17-تلميذه الشَّيخ الإمام علي بن إبراهيم بن داود ابن العطَّار الدِّمشقي (654 هـ-724 هـ).

أَفرَد مُصنَّفًا في ترجمة شيخه -هو عمدة كلّ من أتى بعده-، وجعل اللَّقب في صدر عنوانه، فسمَّاه بـ: (تُحفة الطَّالبين في ترجمة شيخنا الإمام النَّووي محيي الدِّين)، وورد فيه (26) مرَّة سواء من قوله كما في (ص 129): (شيخنا، الإمام، العلَّامة، الحافظ، المفتي، الزَّاهد، الورع، أنموذج الطّراز الأوَّل، محيي الدِّين يحيى النَّواوي الشَّافعي -رضي الله عنه) ا.هـ أو قول غيره [3]، وفيه مراثي مشتملة على اللَّقب بعضها من مقروءاته أو مسموعاته على ناظميها [4]، وله عناية بإقراء كتابه هذا في مجالس القراءة والسَّماع إلى قبل وفاته بأشهر[5].

أمَّا لفظًا: فقد قال العلَّامة محمَّد بن علي ابن الزَّمَلْكَانِي (المتوفَّى 727 هـ):

(حدَّثنا الشَّيخ، الإمام، العالم، العامل، الحافظ، علاء الدِّين علي بن إبراهيم بن داود ابن العطَّار، قال: أخبرنا الشَّيخ، الإمام، العالم، العامل، العلَّامة، الزَّاهد، الورع، محيي الدِّين يحيى بن شرف بن مِرَى بن حسن النَّواوي -رحمه الله تعالى-، بقراءتي عليه) ا.هـ.

وأمَّا خطًّا: فمنه ما في الجزء الثَّاني من (روضة الطَّالبين) مِن نَسْخِهِ، وفيه ما نصُّه:

(اختصار: الشَّيخ، الإمام، العالم، العامل، العابد، الزَّاهد، الورع، الحافظ، الضابط، ذي الفضائل، مفتي المسلمين، ناصر السُّنَّة، محيي الدِّين أبي زكريَّا يحيى بن شرف بن مِرَا بن حسن بن حسين بن محمَّد النَّواوي، رحمه الله تعالى، وجمع بيننا وبينه في دار كرامته) ا.هـ.

وأمَّا إقرارًا: فقد نَقَلَهُ في كتابه (تحفة الطَّالبين) عن غير واحد نَقْلَ إقرار من غير إنكار.

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [1/أ]

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [27/ب]

الأذكار، مكتبة تشستربيتي، رقم (4962) [2/أ] بخطِّ ابن الزملكاني

روضة الطالبين ومنهاج المفتين، مكتبة تشستربيتي، رقم (3255/2) [2/أ] بخطِّ علي ابن العطَّار

18-تلميذه الشَّيخ العالم الفقيه داود بن إبراهيم بن داود ابن العطَّار الدِّمشقي (665 هـ-752 هـ).

كان يُثبتُ هذا اللَّقب لشيخه، كما وصلنا بخطِّه في نَسخه لكتابَي (الأذكار) و(رياض الصَّالحين)، حيث قال عن الأوَّل:

(تصنيف: الشَّيخ، الإمام، العلَّامة، الزَّاهد، العابد، الورع، المتقن، المحقِّق، الضابط، مفتي المسلمين، محيي الدِّين يحيى بن الشَّيخ الصَّالح شرف الدِّين شرف بن مِرَى بن حسن بن حسين بن محمَّد حزام النَّواوي الشَّافعي، رحمه الله، وغفر له، ولوالديه، ولوالدينا، وجميع أحبابنا، ومن أحسن إلينا، وجميع المسلمين) ا.هـ.

وقال عن الثَّاني:

(جمع: الشَّيخ، الإمام، العالم، العامل، العلَّامة، مفتي المسلمين، ذي الفضائل، محيي الدِّين أبي زكريَّا يحيى بن شرف بن مِرَى بن حسن النَّواوي، غفر الله له، ولوالديه، ولوالدينا، وجميع أحبابنا، ومن أحسن إلينا، وجميع المسلمين)ا.هـ.

الأذكار، مكتبة عاطف أفندي، رقم (1524)، [1/أ] بخطِّ داود ابن العطَّار

رياض الصالحين، مكتبة آيا صوفيا، رقم (1835) [5/أ] بخطِّ داود ابن العطَّار

19-تلميذه الشَّيخ الفقيه المقرئ أحمد الضَّرير الواسطي.

قال ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 133):

(وَرَثَاهُ تلميذه الفقيه المقريء أبو العبَّاس أحمد الضَّرير الواسطي الملقَّب بالجلال) ا.هـ، ومنه:

ويا أَسَفَى ضاعَت علومٌ كثيرةٌ * لفقدكَ محيي الدِّين إنِّي مُصدَّقُ

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [29/ب، 30/أ]

20-تلميذه الشَّيخ الفقيه الأديب الأمين سلطان إمام الرَّواحيَّة.

قال ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 146-147):

(ورثاه تلميذه الفقيه الأديب الأمين سلطان إمام الرَّواحيَّة) ا.ه، ومنه:

يا مُحيِيًا للدِّينِ بَعدَ إماتَةٍ * ومؤيِّدًا لشريعةٍ أَسماهَا

ومنه:

قَد كُنتَ محيي الدِّين حِصنًا مانِعًا * عَنَّا فَوا أسَفا عليكَ وآهَا

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [37، 38/أ]

21-الفقيه سليمان بن أبي الحارث الأنصاري الحنفي. [6]

قال ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 122-123):

(ورَثاهُ بعض فضلاء الحنفيَّة -رحمهم الله أجمعين-) ا.هـ، ومنه:

فأَصْبَحَتِ الأقطارُ والكَونُ كُلُّهُ * لفقدك محيي الدِّين بَيداء سَمَلَّقَا

 

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [23/ب، 24/أ]

22-رثاه بعض الإخوان.

قال ابن العطَّار في (تحفة الطَّالبين) (ص 133-134):

(وَرَثَاهُ بعض الإخوان أيضًا) ا.هـ، ومنه:

مَن ذا يُقارِبُني في الحُزنِ بعدَكَ محـ * يي الدِّين فالسُّقمُ أَصماني وأَضناني

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [30/أ]

23-رثاه بعض المحبِّين.

قال ابن العطَّار في (تحفة الطَّالبين) (ص 136-137):

(وَرَثَاهُ بعض المحبِّين أيضًا) ا.هـ، ومنه:

مَولايَ محيي الدِّين كم أَولَيتَ مِن * نِعَمٍ تَعُمُّ العالَمينَ حُسامِ


تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [31/ب، 32/أ]

24-رثاه بعض الإخوان.

قال ابن العطَّار في (تحفة الطَّالبين) (ص 141):

(وَرَثَاهُ أيضًا بعض الإخوان) ا.هـ، ومنه:

لَو كان محيي الدِّينِ يَحيىَ يُفتَدى * لَفديتُهُ بحُشاشتي خوف القَضا

فعَلَيكَ محيي الدِّينِ أَولَى ما جرَى * دمعٌ يَفِيضُ وفي الحَشَا جَمرُ الغَضَا


تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [34/ب، 35/أ]

25-رثاه بعض المحبِّين.

قال ابن العطَّار في (تحفة الطَّالبين) (ص 148):

(وَرَثَاهُ بعض المحبِّين -رحمه الله تعالى-) ا.هـ، ومنه:

يا مخبِرٌ عن هُلكِ محيي الدِّينِ ما * تَخشَى وتَستَحِيي به أن تَجهَرَا

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [38/ب]

26-رثاه بعض الفقهاء المحبِّين في الله تعالى.

قال ابن العطَّار في (تحفة الطَّالبين) (ص 151-152):

(وَرَثَاهُ بعض الفقهاء المحبِّين في الله تعالى -رحمه الله تعالى-) ا.هـ، ومنه:

يا محييَ الدِّين مُذْ فارَقتَنا عَجِلًا * قد هُدِّمَت لمشيد الدِّين أركانُ

       ومنه:

قَد كُنتَ كاسْمِكَ محيي الدِّين مُجتَهِدًا * ومِن دُعائِكَ نالَ النَّصرَ فُرسانُ

 

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [40، 41/أ]

***

وأمَّا مَن لقَّبه بمحيي الدِّين ممَّن لم يُدركه مِن أهل العلم، فهذا أشهر من أن يُذكر، وأكثر من أن يُحصر، واستيفاؤه يعسر.

***

وهناك مقولة منسوبة إلى الإمام النَّووي، ذَكَرها:

1-الشَّيخُ أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد بن محمَّد ابن الحاج العبدري (المتوفَّى 737 هـ)، فقال في (المدخل) (1/62) ما نصُّه:

(ألا ترى إلى الإمام الحافظ النَّووي - رحمه الله - من المتأخِّرين لم يرض قطّ بهذا الاسم، وكان يكرهه كراهة شديدة على ما نُقِلَ عنه وصحَّ، وقد وَقَعَ في بعض الكُتب المنسوبة إليه - رحمه الله - أنَّه قال: "إنِّي لا أَجعلُ أحدًا في حِلٍّ ممَّن يُسمِّيني بمحيي الدِّين"، وكذلك غيره من العلماء العاملين بعلمهم، وقد رأيتُ بعض الفضلاء من الشَّافعية من أهل الخير والصَّلاح إذا حَكَى شيئًا عن النَّووي - رحمه الله – يقولُ: قال يحيى النَّووي، فسألتُهُ عن ذلك، فقال: إنَّا نكره أن نسمِّيه باسم كان يكرهه في حياته، فعلى هذا فهذه الأسماء إنَّما وُضِعَت عليهم تفعُّلًا، وهم برآء من ذلك) ا.هـ.

2-والشَّيخُ أبو عبد الله تقي الدِّين محمَّد بن الحسن بن علي اللَّخْمي ابن الصَّيْرَفي [7] (680 هـ-738 هـ)، فقال في (ترجمة الشَّيخ محيي الدِّين يحيى الحزامي النَّووي الدِّمشقي الشَّافعي) (ص 72) ما نصُّه:

(وصَحَّ عنهُ أنَّهُ قَالَ: "لَا أَجعَلُ في حِلٍّ مَن لَقَّبَنِي: مُحيي الدِّين") ا.هـ.

المدخل، لابن الحاج

ترجمة الإمام النووي، للتَّقي اللَّخمي، مكتبة جامعة برنستون، رقم (1896) [4/أ]

أقول: في نسبة هذه المقالة إليه نظرٌ ظاهرٌ، وذلك من وجوه:

الوجه الأوَّل: أنَّ ابن الحاج واللَّخمي تفرَّدَا بنسبتها إليه من بين سائر أهل العلم -ولعلَّ أحدهما نقل عن الآخر-، ولم يُدركاه، وذَكَر الأوَّل أنَّها وقعت في بعض الكتب المنسوبة إليه، ولا أثر لها إطلاقًا في أيّ من كتبه المعروفة المتداولة.

الوجه الثَّاني: أنَّ تلميذه النَّجيب الشَّيخ علي ابن العطَّار -وهو أكثر النَّاس ملازمة له، وأعرفهم به، وراوية كتبه، وأشدّهم عناية وصلة بتراثه، الملقَّب بالنَّواوي الصَّغير أو مختصَر النَّووي أو المختصَر- لم يذكرها البتَّة في الكتاب المفرد في ترجمته ولا في غيره، بل أَثبتَ اللَّقب في عنوانه، وكرَّره فيه (26) مرَّة، وكان يُثبتُهُ لشيخه لفظًا، وخطًّا، وإقرارًا، ولو صحَّت تلك المقالة لديه لكان أوَّل الطَّائعين، ومن النَّاصحين فيه للآخرين.

الوجه الثَّالث: أنَّه استفاض عن الأئمَّة الأعلام من طبقات شيوخه وأقرانه وتلامذته الذين مرَّ ذكرهم -ومن بعدهم- أنَّهم لقَّبوه به في حياته وحضوره وبعد مماته دون أدنى تحفُّظ أو تردُّد أو توقُّف.

الوجه الرَّابع: أنَّ الإمام النَّووي أعفّ من أن يُطلق مثل هذه المقالة الشَّديدة في حقِّ شيوخه وأقرانه وتلاميذه، فبيْنه وبينهم معالم من الإجلال والتَّوقير والاحترام والتَّقدير.

الوجه الخامس: أنَّ بعض أهل العلم نصَّ على عدم ثبوتها عنه، منهم: الشَّيخ الشِّهاب أحمد بن محمَّد بن عمر الخفاجي (المتوفَّى 1069 هـ) الذي ردَّ على ابن الحاج، فقال في (ريحانة الألبا) (1/156): (وما نَقَلَهُ عن النَّووي وغيره من السَّلف لا أصل له .. وقد غرَّني ذلك مُدَّة، ثمَّ رجعتُ عنه؛ لعدم ثبوته) ا.هـ [8].

الوجه السَّادس: أنَّ أهل العلم فهموا منها -لو صحَّت عنه- أنَّه قالها من باب التَّواضع والورع، ولم يقصد بها ظاهرها، وخير شاهد على ذلك استمرار تلقيبهم له به من زمانه إلى يومنا هذا؛ وذلك (لما أحيا الله به من سُنن، وأمات به من بدع، وأقام به من معروف، ودفع به من منكر، وما نفع الله به المسلمين من مؤلَّفات، ويأبى الله إلَّا أن يظهر هذا اللَّقب له؛ عرفانًا بحقِّه، وإشادةً بذكره) [9].

هذا والله أعلم.

وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّد، وعلى آله، وصحبه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

-----------

[1] قال الإمام الذَّهبي في (تاريخ الإسلام) (15/601): (اتَّفق أنَّه سنة نيِّف وأربعين مرَّ بقرية نوَى، فرأى الشَّيخ محيي الدِّين النَّواوي، وهو صبي، فتفرَّس فيه النَّجابة، واجتمع بأبيه الحاج شرف، ووصَّاه به، وحرَّضه على حفظ القرآن والعلم، فكان الشَّيخُ فيما بعدُ يخرجُ إليه، ويتأدَّبُ معه، ويزورُهُ، ويرجو بركته، ويستشيره في أمور) ا.هـ، وانظر: (البداية والنِّهاية) (17/615)، و(المنهل العذب الرَّوي) (ص 66).

[2] قال المؤرخ الصفدي في (أعيان العصر) (3/17): (وكان يَضبطُ أسماء السَّامعين، ويَكتبُ الطّباق) ا.هـ.

[3] انظر: (ص 37، 44، 66، 67، 69، 113، 115، 119، 121، 123، 126، 127، 131، 133، 134، 137، 139، 141، 147، 148، 152).

[4] انظر: (ص 114، 118، 120، 126).

[5] انظر: (المنهل العذب الرَّوي) (ص 181-182).

[6] سمَّاه الحافظ السُّيوطي في (المنهاج السَّوي) (ص 94).

[7] الصَّحيح أنَّه هو الذي ذَكَرَها في جزئه المفرد المطبوع بتحقيقي، وَوَهِمَ فضيلة الشَّيخ عبد الغني الدّقر -وتبعه آخرون-، فقال في كتابه (الإمام النَّووي شيخ الإسلام والمسلمين وعمدة الفقهاء والمحدِّثين وصفوة الأولياء والصَّالحين) (ص 21): (هو أحمد بن فرح بن أحمد الإشبيلي، المحدِّث، وهو صاحب منظومة: غرامي صحيح، في المصطلح، توفي سنة 699 هـ) ا.هـ، وليس الأمر كما قال رحمه الله تعالى، بل صحَّ عن الإشبيلي أنَّه لقَّب شيخه به كما في الرقم (9) .

[8] أفادني به أخي فضيلة الشَّيخ محمَّد الأحمد، جزاه الله خير الجزاء، وكلام الشِّهاب الخفاجي فيه متينٌ للغاية، فليُنظر.

[9] قاله د. أحمد الحدَّاد في (الإمام النَّووي وأثره في علم الحديث وعلومه) (ص 19).