الأربعاء، 15 سبتمبر 2021

القول المبين في تلقيب الإمام النَّوويِّ بمحيي الدِّين

 

القول المبين في تلقيب الإمام النَّوويِّ بمحيي الدِّين

بقلم: عبد الله بن محمَّد سعيد الحسيني

الحمد لله، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، وبعد:

فقد اشتُهر تلقيب شيخ الإسلام أبي زكريَّا يحيى بن شرف بن مِرَى النَّووي الدِّمشقي (631 هـ- 676 هـ) – تغمَّده الله بواسع رحمته- بـ: (مُحيي الدِّين) من أهل عصره، ولا يزال كذلك إلى عصرنا هذا، وهو ونحوه من قبيل الإضافة للسَّبب تفاؤلًا ودعاءً، بمعنى: مُحيي نفسه وأمَّته بالدِّين بتوفيق من الله تعالى ومنِّه.

وبذلتُ جهدي في تتبُّع مَن لقَّبه بذلك في حياته وبعد مماته من شيوخه وأقرانه وتلامذته وطبقاتهم، ورتَّبتهم حسب وفياتهم؛ إيذانًا بأنَّه ذائع متداول مشهور، ورفعًا للحرج عمَّن توقَّف فيه بسبب مقالة نُسبت إليه تُوحي أنَّه محذور.

وعلى الله الكريم توكُّلي واعتمادي، وإليه تفويضي واستنادي، وله الحمد والنِّعمة، وبه التَّوفيق والعصمة.

شيوخ الإمام النَّووي وأقرانه وتلاميذه الذين لقَّبوه بمحيي الدِّين

1-شيخه الشَّيخ المقرئ ياسين بن يوسف المراكشي (المتوفَّى 687 هـ). [1]

قال ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين في ترجمة شيخنا الإمام النَّووي محيي الدِّين) (ص 44):

(ذَكَرَ لي الشَّيخُ ياسين بن يوسف المراكشي -ولي الله، رحمه الله- قال: رأيتُ الشَّيخ محيي الدِّين -وهو ابن عشر سنين- بنوى، والصِّبيان يُكرِهونه على اللَّعب معهم، وهو يهربُ منهم، ويبكي؛ لإكراههم، ويقرأ القرآن في تلك الحال، فوَقَعَ في قلبي محبَّته ..) ا.هـ.

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [3/أ]

2-الشَّيخ الفاضل إسماعيل البُسطي (المتوفَّى 676 هـ).

قال ابن العطَّار في (تحفة الطَّالبين) (ص 131):

(ورَثَاهُ الشَّيخُ الفاضلُ أبو محمَّد إسماعيل البُسطي -رضي الله عنه-، وتوفِّي -رحمه الله- بعد وفاة الشَّيخ بأربعة وعشرين يومًا، ودُفِن من يومه بدمشق:

رزِيَّةُ مُحيي الدِّين قد عَمَّتِ الوَرَى * فلَسْتَ تَرَى إلَّا حزينًا مُفَكِّرَا) ا.هـ.

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [28/ب]

3-الشَّيخ الإمام الأديب محمَّد بن أحمد بن عمر ابن الظَّهير الإربلي الحنفي (602هـ-677 هـ).

قال ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 69):

(وكَتَب شيخُنا أبو عبد الله محمَّد بن الظَّهير الحنفي الإربلي، شيخ الأدب في وقته -رحمه الله- كتاب العُمدة في تصحيح التَّنبيه للشَّيخ -قدَّس الله روحه-، وسألني مقابلته معه بنسختي؛ ليكون له روايةً عنه منِّي، فلمَّا فرغنا من ذلك، قال لي: "ما وصل الشَّيخ تقي الدِّين ابن الصَّلاح إلى ما وصَل إليه الشَّيخ محيي الدِّين من العلم في الفقه، والحديث، واللُّغة، وعذوبة اللَّفظ، والعبارة") ا.هـ.

وقال أيضًا (ص 114-115):

(قرأتُ على شيخِنا العلَّامة شيخ الأدب أبي عبد الله محمَّد بن أحمد ابن عمر بن أبي شاكر الحنفي الإِربلي -رحمه الله-، وكان مدرِّسًا للقايمازيَّة بدمشق: قُلتَ -رضي الله عنك- وكان ذلك في العشر الأوَّل من شعبان سنة ست وسبعين وست مئة) ا.هـ، ومنه:

يا مُحْيي الدِّينِ كَمْ غادرْتَ مِن كبدٍ * حرَّى عليك وعين دمعُها هَطَلُ

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [10/أ، 18/ب، 19/ب]

4-الشَّيخ العالم المحدِّث محمَّد بن عربشاه بن أبي بكر الهمداني الدِّمشقي (607 هـ-677 هـ).

كَتَبَ بخطِّه طبقة سماع للجزء الثَّاني من أمالي الإمام أبي الحُسين محمَّد بن أحمد بن إسماعيل بن عَنْبَس ابن سمعون الواعظ في مجلسَين آخرهما يوم الثُّلاثاء 20 من شهر الله المحرَّم سنة 666 هـ بجامع دمشق، فَذَكَرَ من أسماء السَّامعين الذين حضروا مجلس السَّماع:

(والإمام محيي الدِّين أبو زكريَّا يحيى بن شرف بن مِرَى النَّواوي) ا.هـ.

المجاميع العمرية، رقم (17)، [42/أ]

5-الشَّيخ الزَّاهد علي بن أحمد بن بدر الجزري (المتوفَّى 680 هـ).

قال ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 66):

(ذَكَرَ لي شيخُنا، العَارفُ، القدوةُ، المسلك، وليُّ الدينِ أبو الحسن علي، المقيم بجامع بيت لهيا خارج دمشق -رحمه الله-، قال: كنتُ مريضًا بمرض يُسمَّى: النِّقْرِس، في رجليَّ، فَعادني الشَّيخُ محيي الدين -قدَّس الله روحه-..) ا.هـ.

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [9]

6-الشَّيخ الزَّاهد محمَّد بن الحسن بن إسماعيل الإخميمي (المتوفَّى 684هـ).

قال ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 69):

(وقال لي الشَّيخ العارف المحقِّق المكاشَف أبو عبد الرَّحيم محمَّد الإخميمي -قدَّس الله روحه، ونوَّر ضريحه-:"كان الشَّيخُ محيي الدِّين -رحمه الله- سالكًا منهاج الصَّحابة، رضي الله عنه، ولا أعلمُ أحدًا في عصرنا سالكًا على منهاجهم غيره") ا.هـ.

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [10/أ]

7-تلميذه الشَّيخ الإمام المحدِّث يوسف بن محمَّد بن عبد الله ابن المهتار (610 هـ - 685 هـ).

قال ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 126-127):

(ورَثاهُ قارئ دار الحديث الأشرفيَّة، والآخذ عنه، الشَّيخ، الفاضل، المحدِّث، أبو الفضل يوسف بن محمَّد بن عبد الله الكاتب الأديب المصري ثمَّ الدِّمشقي، وقال: "نظمتُها راثيًا مشايخي -رحمهم الله تعالى-"، وسمعتُها من لَفْظِهِ)ا.هـ، ومنه:

وكذاكَ محيي الدِّين فاقَ بزُهدهِ * وبفقهِهِ الفُقها مع الزُّهَّادِ

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [25/ب، 26/أ]

8-تلميذه الشَّيخ الأديب أحمد بن إبراهيم بن عبد اللَّطيف بن مصعب الخزرجي الدِّمشقي (622 هـ-696 هـ).

قال ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 118-119):

(وقَرَأَ الصَّدرُ الرئيسُ الفاضلُ أبو العبَّاس أحمد بن إبراهيم بن مصعب -رحمه الله- بدار الحديث النُّوريَّة مرثاةً، نظمها وأنا أسمعُ، وكان قَرأ على الشَّيخ -قدَّس الله روحه- قطعةً من "المنهاج في مختصر المحرَّر"، واستنسخ "الرَّوضة" له، وقابلتُ له بعضها مع الشَّيخِ، وأصلحتُ بإملائه -رحمه الله- مواضع منها) ا.هـ، ومنه:

ولاحَ على وجهِ العلومِ كآبةٌ * تُخبِّرُ أنَّ الدِّين قد مات مُحييهِ

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [21]

9-تلميذه الشَّيخ الحافظ أحمد بن فَرح بن أحمد اللَّخمي الإشبيلي الدِّمشقي (625 هـ- 699 هـ).

قال ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 113):

(قال لي المحدِّث أبو العبَّاس أحمد بن فرح الإشبيلي -رحمه الله-، وكان له ميعادٌ على الشَّيخ -قدَّس الله روحه- في الثُّلاثاء والسَّبت، يومٌ يشرح في صحيح البخاري، ويومٌ يشرح في صحيح مسلم، قال: "كان الشَّيخُ محيي الدِّين قد صار إليه ثلاث مراتب ..) ا.هـ.

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [18/ب]

10-تلميذه الشَّيخ الفقيه حسن بن هارون بن حسن الهَذَباني الدِّمشقي (المتوفَّى 699 هـ).

جاء في ملحق (مساجلة علميَّة) (ص 45) نقلًا عنه:

(سُئل شيخُنا، الإمام، العالم، العامل، الحافظ، المتقن، المحقِّق، محيي الدِّين -رضي الله عنه-) ا.هـ.

11-الشَّيخ المحدِّث عبد الحافظ بن عبد المنعم بن غازي بن عمر المقدسي (المتوفَّى 703 هـ).[2]

كَتَبَ بخطِّه طبقة سماع لسنن ابن ماجه في مجالس آخرها يوم الاثنين 14 من شهر جمادى الآخرة سنة 662 هـ بحلقة الحنابلة بجامع دمشق، فَذَكَرَ من أسماء السَّامعين الذين حضروا مجلس السَّماع:

(ومحيي الدِّين يحيى بن شرف بن مِرَى النَّووي) ا.هـ.

(والإمام محيي الدِّين يحيى بن شرف بن مِرَى النَّووي) ا.هـ.

وكَتَبَ بخطِّه طبقة سماع لجزء فيه من حديث الإمام وكيع بن الجرَّاح الرُّوَاسي في 27 من شهر ربيع الأوَّل سنة 664 هـ بدمشق، فَذَكَرَ من أسماء السَّامعين الذين حضروا مجلس السَّماع:

(محيي الدِّين يحيى بن شرف بن مِرَى النَّووي) ا.هـ.

وكَتَبَ بخطِّه طبقة سماع للسفر الخامس من مسند أبي عوانة في مجالس آخرها 15 من شهر شوَّال سنة 665 هـ بحلقة الحنابلة بجامع دمشق، فَذَكَرَ من أسماء السَّامعين الذين حضروا مجلس السَّماع:

(والإمام العالم محيي الدِّين أبو زكريَّا يحيى بن شرف بن مِرَى النَّووي) ا.هـ.

وكَتَبَ بخطِّه طبقة سماع للسفر السادس من مسند أبي عوانة في مجالس آخرها العشر الأوسط من شهر صفر سنة 666 هـ بحلقة الحنابلة بجامع دمشق، فَذَكَرَ من أسماء السَّامعين الذين حضروا مجلس السَّماع:

(ومحيي الدِّين يحيى بن شرف بن مِرَى النَّووي) ا.هـ.


سنن ابن ماجه، دار الكتب المصريَّة، الخزانة التيمورية - الحديث، رقم (522) المجلَّد الأوَّل [436] والمجلَّد الثَّاني [242]

جزء فيه من حديث الإمام وكيع بن الجرَّاح الرُّوَاسي، المجاميع العمرية، رقم (3)، [135/ب]

السفر الخامس لمسند أبي عوانة، مكتبة فاضل أحمد باشا، رقم (403)، [271/ب]

السفر السادس لمسند أبي عوانة، الزاوية العثمانية بطولقة، الجزائر

12-الشَّيخ الإمام المحدِّث المقرئ أحمد بن إبراهيم بن سباع الفَزَارِي (630 هـ-705 هـ).

كَتَبَ بخطِّه طبقة سماع لكتاب (فضائل شهر رمضان وما فيه الأحكام والعلم وفضل صُوَّامه والتَّغليظ على من أفطر فيه متعمِّدًا من غير عذر) للإمام ابن شاهين في مجلس واحد في الخامس من شهر رمضان سنة 662 هـ بجامع دمشق، فَذَكَرَ من أسماء السَّامعين الذين حضروا مجلس السَّماع:

(والشَّيخ محيي الدِّين أبو زكريَّا يحيى بن شرف بن مِرَى بن حسن بن حسين النَّواوي) ا.هـ.

فضائل شهر رمضان، المجاميع العمرية، رقم (20)، [203/أ]

13-الشَّاعر الحسين بن صدقة بن بدران الموصلي (المتوفَّى 705 هـ).

قال ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 139):

(وَرَثَاهُ الحُسين بن صدقة الموصلي -عفا الله عنه-) ا.هـ، ومنه:

يا محيي الدِّينِ الحَنيفِ سقا ثرىً * واراكَ من كَرَمِ الإِلهِ عِهادُ

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [33/ب]

14-تلميذه الشَّيخ العلَّامة المفتي إسماعيل بن عثمان بن محمَّد ابن المعلِّم الحنفي الدِّمشقي (623 هـ-714 هـ).

قال ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 66-67):

(وذَكَرَ لي صاحبُنا في القراءة على الشَّيخ -رحمه الله- لمعرفة السُّنن والآثار للطحاوي؛ الشَّيخ العلَّامة المفتي رشيد الدِّين إسماعيل بن المعلّم الحنفي -فسح الله في مدَّته- قالَ: "عَذلتُ الشَّيخَ محيي الدِّين في عدم دخول الحمَّام، وتضييق عيشه في أكله، ولباسه، وجميع أحواله" ..) ا.هـ.

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [9/ب]

15-الشَّيخ القاضي الأديب أحمد بن محمَّد بن سالم التَّغلبي الدِّمشقي (655 هـ-723 هـ).

قال ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 120-121):

(ورثاه الفقيهُ الفاضلُ الإمامُ الصَّدرُ الرئيسُ الأديبُ نجم الدِّين أبو العبَّاس أحمد ابن شيخنا عماد الدِّين أبي عبد الله محمَّد بن أمين الدِّين سالم بن الحسن بن هبة الله بن محفوظ بن صَصْرى التَّغْلِبي -بالتاء المثنَّاة والغين المعجمة- البلدي، في شعبان سنة ست وسبعين وست مئة ..

فلمَّا كان في سنة اثنتين وسبع مئة؛ وليَ قضاء القضاة بالشَّام، فتفضَّل، وحضر مجلسِي للحديث بدار الحديث النُّوريَّة -رحم الله واقفها-في جُمادى الأولى، فأمرتُ قارئ الحديث أن يقرأها عليه؛ ليسمعَها الحاضرون منه، وتبركًا بذكر الشَّيخ -قدَّس الله روحه- وسمعتُها معهم؛ لأرويها عنه لمن طلب ذلك -إن شاء الله تعالى-) ا.هـ، ومنه:

أعَيْنَي جِدا بالدُّموعِ الهَوامِلِ * وجُودِي بها كالسَّرياتِ الهَواطِلِ

على الشَّيخ محيي الدِّين ذي الفضل والتقى * ورَبِّ الهُدى والزُّهدِ حاوِي الفضائلِ

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [22]

16-الشَّيخ الفقيه الشَّاعر الأديب محمَّد بن عمر بن أحمد المنبجي (قبل 650 هـ- 723 هـ).

قال ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 125-126):

(ورَثاهُ صاحبُنا الفقيهُ الفاضلُ أبو عبد الله محمَّد المنبجي -نفع الله به- أحدُ فقهاء المدرسة النَّاصرية بدمشق المحروسة والسَّاكن بها، شاعر، أديبٌ، مفلّق..) ا.هـ، ومنه:

واسلُك كمُحيي الدِّينِ سُبْلَ سلامة * تُقصيكَ من نارٍ يَدومُ عذابُها

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [24/ب، 25/ب]

17-تلميذه الشَّيخ الإمام علي بن إبراهيم بن داود ابن العطَّار الدِّمشقي (654 هـ-724 هـ).

أَفرَد مُصنَّفًا في ترجمة شيخه -هو عمدة كلّ من أتى بعده-، وجعل اللَّقب في صدر عنوانه، فسمَّاه بـ: (تُحفة الطَّالبين في ترجمة شيخنا الإمام النَّووي محيي الدِّين)، وورد فيه (26) مرَّة سواء من قوله كما في (ص 129): (شيخنا، الإمام، العلَّامة، الحافظ، المفتي، الزَّاهد، الورع، أنموذج الطّراز الأوَّل، محيي الدِّين يحيى النَّواوي الشَّافعي -رضي الله عنه) ا.هـ أو قول غيره [3]، وفيه مراثي مشتملة على اللَّقب بعضها من مقروءاته أو مسموعاته على ناظميها [4]، وله عناية بإقراء كتابه هذا في مجالس القراءة والسَّماع إلى قبل وفاته بأشهر[5].

أمَّا لفظًا: فقد قال العلَّامة محمَّد بن علي ابن الزَّمَلْكَانِي (المتوفَّى 727 هـ):

(حدَّثنا الشَّيخ، الإمام، العالم، العامل، الحافظ، علاء الدِّين علي بن إبراهيم بن داود ابن العطَّار، قال: أخبرنا الشَّيخ، الإمام، العالم، العامل، العلَّامة، الزَّاهد، الورع، محيي الدِّين يحيى بن شرف بن مِرَى بن حسن النَّواوي -رحمه الله تعالى-، بقراءتي عليه) ا.هـ.

وأمَّا خطًّا: فمنه ما في الجزء الثَّاني من (روضة الطَّالبين) مِن نَسْخِهِ، وفيه ما نصُّه:

(اختصار: الشَّيخ، الإمام، العالم، العامل، العابد، الزَّاهد، الورع، الحافظ، الضابط، ذي الفضائل، مفتي المسلمين، ناصر السُّنَّة، محيي الدِّين أبي زكريَّا يحيى بن شرف بن مِرَا بن حسن بن حسين بن محمَّد النَّواوي، رحمه الله تعالى، وجمع بيننا وبينه في دار كرامته) ا.هـ.

وأمَّا إقرارًا: فقد نَقَلَهُ في كتابه (تحفة الطَّالبين) عن غير واحد نَقْلَ إقرار من غير إنكار.

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [1/أ]

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [27/ب]

الأذكار، مكتبة تشستربيتي، رقم (4962) [2/أ] بخطِّ ابن الزملكاني

روضة الطالبين ومنهاج المفتين، مكتبة تشستربيتي، رقم (3255/2) [2/أ] بخطِّ علي ابن العطَّار

18-تلميذه الشَّيخ العالم الفقيه داود بن إبراهيم بن داود ابن العطَّار الدِّمشقي (665 هـ-752 هـ).

كان يُثبتُ هذا اللَّقب لشيخه، كما وصلنا بخطِّه في نَسخه لكتابَي (الأذكار) و(رياض الصَّالحين)، حيث قال عن الأوَّل:

(تصنيف: الشَّيخ، الإمام، العلَّامة، الزَّاهد، العابد، الورع، المتقن، المحقِّق، الضابط، مفتي المسلمين، محيي الدِّين يحيى بن الشَّيخ الصَّالح شرف الدِّين شرف بن مِرَى بن حسن بن حسين بن محمَّد حزام النَّواوي الشَّافعي، رحمه الله، وغفر له، ولوالديه، ولوالدينا، وجميع أحبابنا، ومن أحسن إلينا، وجميع المسلمين) ا.هـ.

وقال عن الثَّاني:

(جمع: الشَّيخ، الإمام، العالم، العامل، العلَّامة، مفتي المسلمين، ذي الفضائل، محيي الدِّين أبي زكريَّا يحيى بن شرف بن مِرَى بن حسن النَّواوي، غفر الله له، ولوالديه، ولوالدينا، وجميع أحبابنا، ومن أحسن إلينا، وجميع المسلمين)ا.هـ.

الأذكار، مكتبة عاطف أفندي، رقم (1524)، [1/أ] بخطِّ داود ابن العطَّار

رياض الصالحين، مكتبة آيا صوفيا، رقم (1835) [5/أ] بخطِّ داود ابن العطَّار

19-تلميذه الشَّيخ الفقيه المقرئ أحمد الضَّرير الواسطي.

قال ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 133):

(وَرَثَاهُ تلميذه الفقيه المقريء أبو العبَّاس أحمد الضَّرير الواسطي الملقَّب بالجلال) ا.هـ، ومنه:

ويا أَسَفَى ضاعَت علومٌ كثيرةٌ * لفقدكَ محيي الدِّين إنِّي مُصدَّقُ

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [29/ب، 30/أ]

20-تلميذه الشَّيخ الفقيه الأديب الأمين سلطان إمام الرَّواحيَّة.

قال ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 146-147):

(ورثاه تلميذه الفقيه الأديب الأمين سلطان إمام الرَّواحيَّة) ا.ه، ومنه:

يا مُحيِيًا للدِّينِ بَعدَ إماتَةٍ * ومؤيِّدًا لشريعةٍ أَسماهَا

ومنه:

قَد كُنتَ محيي الدِّين حِصنًا مانِعًا * عَنَّا فَوا أسَفا عليكَ وآهَا

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [37، 38/أ]

21-الفقيه سليمان بن أبي الحارث الأنصاري الحنفي. [6]

قال ابن العطَّار في (تُحفة الطَّالبين) (ص 122-123):

(ورَثاهُ بعض فضلاء الحنفيَّة -رحمهم الله أجمعين-) ا.هـ، ومنه:

فأَصْبَحَتِ الأقطارُ والكَونُ كُلُّهُ * لفقدك محيي الدِّين بَيداء سَمَلَّقَا

 

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [23/ب، 24/أ]

22-رثاه بعض الإخوان.

قال ابن العطَّار في (تحفة الطَّالبين) (ص 133-134):

(وَرَثَاهُ بعض الإخوان أيضًا) ا.هـ، ومنه:

مَن ذا يُقارِبُني في الحُزنِ بعدَكَ محـ * يي الدِّين فالسُّقمُ أَصماني وأَضناني

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [30/أ]

23-رثاه بعض المحبِّين.

قال ابن العطَّار في (تحفة الطَّالبين) (ص 136-137):

(وَرَثَاهُ بعض المحبِّين أيضًا) ا.هـ، ومنه:

مَولايَ محيي الدِّين كم أَولَيتَ مِن * نِعَمٍ تَعُمُّ العالَمينَ حُسامِ


تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [31/ب، 32/أ]

24-رثاه بعض الإخوان.

قال ابن العطَّار في (تحفة الطَّالبين) (ص 141):

(وَرَثَاهُ أيضًا بعض الإخوان) ا.هـ، ومنه:

لَو كان محيي الدِّينِ يَحيىَ يُفتَدى * لَفديتُهُ بحُشاشتي خوف القَضا

فعَلَيكَ محيي الدِّينِ أَولَى ما جرَى * دمعٌ يَفِيضُ وفي الحَشَا جَمرُ الغَضَا


تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [34/ب، 35/أ]

25-رثاه بعض المحبِّين.

قال ابن العطَّار في (تحفة الطَّالبين) (ص 148):

(وَرَثَاهُ بعض المحبِّين -رحمه الله تعالى-) ا.هـ، ومنه:

يا مخبِرٌ عن هُلكِ محيي الدِّينِ ما * تَخشَى وتَستَحِيي به أن تَجهَرَا

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [38/ب]

26-رثاه بعض الفقهاء المحبِّين في الله تعالى.

قال ابن العطَّار في (تحفة الطَّالبين) (ص 151-152):

(وَرَثَاهُ بعض الفقهاء المحبِّين في الله تعالى -رحمه الله تعالى-) ا.هـ، ومنه:

يا محييَ الدِّين مُذْ فارَقتَنا عَجِلًا * قد هُدِّمَت لمشيد الدِّين أركانُ

       ومنه:

قَد كُنتَ كاسْمِكَ محيي الدِّين مُجتَهِدًا * ومِن دُعائِكَ نالَ النَّصرَ فُرسانُ

 

تحفة الطالبين، مكتبة جامعة توبنجن، رقم (18) [40، 41/أ]

***

وأمَّا مَن لقَّبه بمحيي الدِّين ممَّن لم يُدركه مِن أهل العلم، فهذا أشهر من أن يُذكر، وأكثر من أن يُحصر، واستيفاؤه يعسر.

***

وهناك مقولة منسوبة إلى الإمام النَّووي، ذَكَرها:

1-الشَّيخُ أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد بن محمَّد ابن الحاج العبدري (المتوفَّى 737 هـ)، فقال في (المدخل) (1/62) ما نصُّه:

(ألا ترى إلى الإمام الحافظ النَّووي - رحمه الله - من المتأخِّرين لم يرض قطّ بهذا الاسم، وكان يكرهه كراهة شديدة على ما نُقِلَ عنه وصحَّ، وقد وَقَعَ في بعض الكُتب المنسوبة إليه - رحمه الله - أنَّه قال: "إنِّي لا أَجعلُ أحدًا في حِلٍّ ممَّن يُسمِّيني بمحيي الدِّين"، وكذلك غيره من العلماء العاملين بعلمهم، وقد رأيتُ بعض الفضلاء من الشَّافعية من أهل الخير والصَّلاح إذا حَكَى شيئًا عن النَّووي - رحمه الله – يقولُ: قال يحيى النَّووي، فسألتُهُ عن ذلك، فقال: إنَّا نكره أن نسمِّيه باسم كان يكرهه في حياته، فعلى هذا فهذه الأسماء إنَّما وُضِعَت عليهم تفعُّلًا، وهم برآء من ذلك) ا.هـ.

2-والشَّيخُ أبو عبد الله تقي الدِّين محمَّد بن الحسن بن علي اللَّخْمي ابن الصَّيْرَفي [7] (680 هـ-738 هـ)، فقال في (ترجمة الشَّيخ محيي الدِّين يحيى الحزامي النَّووي الدِّمشقي الشَّافعي) (ص 72) ما نصُّه:

(وصَحَّ عنهُ أنَّهُ قَالَ: "لَا أَجعَلُ في حِلٍّ مَن لَقَّبَنِي: مُحيي الدِّين") ا.هـ.

المدخل، لابن الحاج

ترجمة الإمام النووي، للتَّقي اللَّخمي، مكتبة جامعة برنستون، رقم (1896) [4/أ]

أقول: في نسبة هذه المقالة إليه نظرٌ ظاهرٌ، وذلك من وجوه:

الوجه الأوَّل: أنَّ ابن الحاج واللَّخمي تفرَّدَا بنسبتها إليه من بين سائر أهل العلم -ولعلَّ أحدهما نقل عن الآخر-، ولم يُدركاه، وذَكَر الأوَّل أنَّها وقعت في بعض الكتب المنسوبة إليه، ولا أثر لها إطلاقًا في أيّ من كتبه المعروفة المتداولة.

الوجه الثَّاني: أنَّ تلميذه النَّجيب الشَّيخ علي ابن العطَّار -وهو أكثر النَّاس ملازمة له، وأعرفهم به، وراوية كتبه، وأشدّهم عناية وصلة بتراثه، الملقَّب بالنَّواوي الصَّغير أو مختصَر النَّووي أو المختصَر- لم يذكرها البتَّة في الكتاب المفرد في ترجمته ولا في غيره، بل أَثبتَ اللَّقب في عنوانه، وكرَّره فيه (26) مرَّة، وكان يُثبتُهُ لشيخه لفظًا، وخطًّا، وإقرارًا، ولو صحَّت تلك المقالة لديه لكان أوَّل الطَّائعين، ومن النَّاصحين فيه للآخرين.

الوجه الثَّالث: أنَّه استفاض عن الأئمَّة الأعلام من طبقات شيوخه وأقرانه وتلامذته الذين مرَّ ذكرهم -ومن بعدهم- أنَّهم لقَّبوه به في حياته وحضوره وبعد مماته دون أدنى تحفُّظ أو تردُّد أو توقُّف.

الوجه الرَّابع: أنَّ الإمام النَّووي أعفّ من أن يُطلق مثل هذه المقالة الشَّديدة في حقِّ شيوخه وأقرانه وتلاميذه، فبيْنه وبينهم معالم من الإجلال والتَّوقير والاحترام والتَّقدير.

الوجه الخامس: أنَّ بعض أهل العلم نصَّ على عدم ثبوتها عنه، منهم: الشَّيخ الشِّهاب أحمد بن محمَّد بن عمر الخفاجي (المتوفَّى 1069 هـ) الذي ردَّ على ابن الحاج، فقال في (ريحانة الألبا) (1/156): (وما نَقَلَهُ عن النَّووي وغيره من السَّلف لا أصل له .. وقد غرَّني ذلك مُدَّة، ثمَّ رجعتُ عنه؛ لعدم ثبوته) ا.هـ [8].

الوجه السَّادس: أنَّ أهل العلم فهموا منها -لو صحَّت عنه- أنَّه قالها من باب التَّواضع والورع، ولم يقصد بها ظاهرها، وخير شاهد على ذلك استمرار تلقيبهم له به من زمانه إلى يومنا هذا؛ وذلك (لما أحيا الله به من سُنن، وأمات به من بدع، وأقام به من معروف، ودفع به من منكر، وما نفع الله به المسلمين من مؤلَّفات، ويأبى الله إلَّا أن يظهر هذا اللَّقب له؛ عرفانًا بحقِّه، وإشادةً بذكره) [9].

هذا والله أعلم.

وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّد، وعلى آله، وصحبه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

-----------

[1] قال الإمام الذَّهبي في (تاريخ الإسلام) (15/601): (اتَّفق أنَّه سنة نيِّف وأربعين مرَّ بقرية نوَى، فرأى الشَّيخ محيي الدِّين النَّواوي، وهو صبي، فتفرَّس فيه النَّجابة، واجتمع بأبيه الحاج شرف، ووصَّاه به، وحرَّضه على حفظ القرآن والعلم، فكان الشَّيخُ فيما بعدُ يخرجُ إليه، ويتأدَّبُ معه، ويزورُهُ، ويرجو بركته، ويستشيره في أمور) ا.هـ، وانظر: (البداية والنِّهاية) (17/615)، و(المنهل العذب الرَّوي) (ص 66).

[2] قال المؤرخ الصفدي في (أعيان العصر) (3/17): (وكان يَضبطُ أسماء السَّامعين، ويَكتبُ الطّباق) ا.هـ.

[3] انظر: (ص 37، 44، 66، 67، 69، 113، 115، 119، 121، 123، 126، 127، 131، 133، 134، 137، 139، 141، 147، 148، 152).

[4] انظر: (ص 114، 118، 120، 126).

[5] انظر: (المنهل العذب الرَّوي) (ص 181-182).

[6] سمَّاه الحافظ السُّيوطي في (المنهاج السَّوي) (ص 94).

[7] الصَّحيح أنَّه هو الذي ذَكَرَها في جزئه المفرد المطبوع بتحقيقي، وَوَهِمَ فضيلة الشَّيخ عبد الغني الدّقر -وتبعه آخرون-، فقال في كتابه (الإمام النَّووي شيخ الإسلام والمسلمين وعمدة الفقهاء والمحدِّثين وصفوة الأولياء والصَّالحين) (ص 21): (هو أحمد بن فرح بن أحمد الإشبيلي، المحدِّث، وهو صاحب منظومة: غرامي صحيح، في المصطلح، توفي سنة 699 هـ) ا.هـ، وليس الأمر كما قال رحمه الله تعالى، بل صحَّ عن الإشبيلي أنَّه لقَّب شيخه به كما في الرقم (9) .

[8] أفادني به أخي فضيلة الشَّيخ محمَّد الأحمد، جزاه الله خير الجزاء، وكلام الشِّهاب الخفاجي فيه متينٌ للغاية، فليُنظر.

[9] قاله د. أحمد الحدَّاد في (الإمام النَّووي وأثره في علم الحديث وعلومه) (ص 19).