الأربعاء، 21 أغسطس 2019

تقريظٌ بخطِّ الحافظ ابن حَجَر العَسقَلاني لكتاب: «الرَّد الوافِر على مَن زعم أنَّ مَن سمَّى ابن تيميَّة شيخ الإسلام كافر»


تقريظٌ بخطِّ الحافظ ابن حَجَر العَسقَلاني لكتاب: «الرَّد الوافِر على مَن زعم أنَّ مَن سمَّى ابن تيميَّة شيخ الإسلام كافر» *

(نصٌّ محقَّق)

عبد الله الحسيني

الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فهذا تقريظٌ في غاية النَّفاسة لكتاب: «الرَّد الوافِر على مَن زعم أنَّ مَن سمَّى ابن تيميَّة شيخ الإسلام كافر»[1] لمصنِّفه الحافظ المحدِّث شمس الدِّين محمَّد بن عبد الله بن محمَّد ابن ناصر الدِّين الدِّمشقي الشَّافعي (777 هـ - 842 هـ)، خطَّتهُ يَراع شيخ الإسلام إمام الحفَّاظ شهاب الدِّين أحمد بن علي بن محمَّد ابن حَجَر العَسْقَلاني الكِنَاني المِصري الشَّافعي (773 هـ-852 هـ)، وحَدَّثَ به أثناء زيارته للدِّيار الشَّاميَّة في أواخر سنة 836 هـ [2].

ومطلعُ التَّقريظ هذا يتطابقُ حرفًا بحرفٍ مع ما نَقَلهُ عنه تلميذُهُ: الحافظ المؤرِّخ شمس الدِّين محمَّد بن عبد الرَّحمن بن محمَّد السَّخاوي الشَّافعي (831 هـ-902 هـ) في كتابه: «الجواهر والدُّرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر» (2/734-736)، الباب السَّادس: في سياق شيء من بليغ كلامه نظمًا ونثرًا، الفصل الأوَّل في تقاريظه البديعة وألفاظه السَّهلة المنيعة، وكذلك تجده يتصدَّر التَّقاريظ الملحقة بكتاب: «الرَّد الوافر» (ص 246-248)، وأمَّا تتمَّتهُ فيُحتمل بأنَّها مسوَّدة زاد عليها بعد ذلك، أو سيقت هنا مختصرة، والله أعلم.

وله نسخةٌ خطِّيَّة وحيدةٌ نفيسةٌ محفوظةٌ بالمكتبة السليمانيَّة ضمن مجموعة آيا صوفيا، رقم (3139)، ويقع ضمن كتاب «التَّذكرة الجديدة»، بالمجلَّد السَّادس، في ثلاث صفحات [192/أ-ب] و[191/أ]، كَتَبهُ الحافظ ابن حجر العسقلاني بالمداد الأسود بخطٍّ نسخيٍّ مقروءٍ خالٍ من التَّنقيط والتَّشكيل في الغالب.

ومع أنَّ شيخنا المحقِّق مشهور بن حسن آل سلمان -حفظه الله وجزاه خير الجزاء- حاز قصب السَّبق في العناية بهذا التَّقريظ ضمن كتابه: «محنة الإمام المحدِّث ابن ناصر الدِّين الدِّمشقي» (ص 423-428)، إلَّا أنَّني آثرتُ إفراده بمقالةٍ مستقلَّةٍ؛ نظرًا لأهمِّيَّتهِ، ومدى نفاستهِ، ومساهمة في إذاعتهِ.

وقد قمتُ بنسخ التَّقريظ على الطَّريقة الإملائيَّة الحديثة، ثم قابلتُ المنسوخ بالمخطوط، وأثبتُّ الفروق بينه وبين «الجواهر والدُّرر» والتَّقاريظ الملحقة بكتاب «الرَّد الوافر»، وقدَّمتُ بين يديه سبب هذا التَّقريظ وغيره بخطِّ الحافظ ابن حجر العسقلاني أيضًا حيث يقع في المخطوط نفسه في صفحة واحدة [171/أ]، وضبطتُ بالشَّكل ما يحتاج إلى ضبط من النَّص، وأضفتُ بعض الفوائد في الهامش.

ولا يفوتي أن أوجِّه الشُّكر الجزيل لفضيلة الشَّيخ المحقِّق المفيد محمَّد بن عبد الله السريع على نفيس إثراءاته ودقيق ملاحظاته، جزاه الله تعالى خير الجزاء.

أسألُ الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحُسنى وصفاته العُلى أن ينفع بالتَّقريظ هذا الإسلام والمسلمين، وأن يغفر لنا، ولوالدينا، ولمشايخنا، ولعلماء أمَّتنا، ولإخواننا، ولأحبابنا، ولأهلينا، ولأزواجنا، ولذرِّيَّاتنا، ولتلامذتنا، وللمُسلمين أجمعين.


[سبب التَّقاريظ لكتاب «الرَّد الوافِر على مَن زعم أنَّ من سمَّى ابن تيميَّة شيخ الإسلام كافر» بخطِّ الحافظ ابن حَجَر العَسقَلاني]


  

[تقريظٌ بخطِّ الحافظ ابن حَجَر العَسقَلاني لكتاب «الرَّد الوافِر على مَن زعم أنَّ من سمَّى ابن تيميَّة شيخ الإسلام كافر»]



[1/3]

  




[2/3]





[3/3]

[النَّصُّ المحقَّق لسبب التَّقاريظ بخطِّ الحافظ ابن حجر العسقلاني] [3]

[171/أ] كانَ الشَّيخُ علاء الدِّين البُخاري محمَّد بن محمَّد بن محمَّد [4]، نزيلُ الهند، ثمَّ نزيل مصر، ثمَّ دمشق، لمَّا سكَنَ دمشق، يُسأل عن مقالات الشَّيخ تقي الدِّين ابن تيميَّة التي انفردَ بها، فيُجيبُ بما يظهر من الخطأ فيها، وينفِرُ عنه قلبُهُ، إلى أن استحكمَ أمره عنده، وصرَّحَ بتبديعه، ثمَّ بتكفيره، ثمَّ صار يُصرِّح في مجلسه بأنَّ مَن أطلقَ على ابن تيميَّة أنَّه شيخ الإسلام، فإنَّه يكفرُ بهذا الإطلاق! واشتهر ذلك.

فبلغَ ذلك: الشَّيخَ، الإمامَ، المحدِّثَ، حافظَ الشَّام، شمس الدِّين ابن ناصر الدِّين، فجَمعَ كتابًا سمَّاه: «الرَّد الوافِر على مَن زعم أنَّ مَن أطلق على ابن تيميَّة أنَّه شيخ الإسلام كافر»، فجَمعَ فيه كلام مَن أَطلقَ عليه ذلك من الأئمَّة الأعلام مِن أهل عَصْرِهِ من جميع المذاهب سوى الحنابلة، فجَمعَ من ذلك شيئًا كثيرًا [5]، وضمَّنهُ الكثير من ترجمة ابن تيميَّة.

وأَرسلَ منهُ نسخةً إلى القاهرة، وسَألَ مَن بها من أهل العِلم أن يُقرِّظوه، فكتَبُوا عليه، وهذه نُسخ أجوبتهم [6].



[النَّصُّ المحقَّق لتقريظ الحافظ ابن حجر العسقلاني بخطِّه]

[192/أ] الحمدُ لله، وسَلامٌ على عبادهِ الذين اصطَفَى:

سُئِلتُ عن مَّن أَطلقَ على ابن تيميَّة أنَّه كافر، أو كَفَّرَ من دَعَاهُ: «شيخ الإِسلام»، والسُّؤالُ جُمِعَ في جُزءٍ مُؤلَّفٍ في مَناقبهِ، وسِياق مَن أَثنَى عليه مِن أئمَّةِ عَصْرهِ، فمَن بعدهم، فكَتَبتُ [7]:

وَقفتُ على هذا التَّأليفِ النَّافِعِ، والمجمُوعِ الذي هُوَ للمقاصد الذي جُمِعَ لأَجلها جامِع، فَتَحَقَّقْتُ سَعة اطِّلاع السَّائل [8] الذي ألَّفهُ [9]، وتضلُّعهُ مِن العُلوم النَّافعة بما عظَّمهُ بين العُلماء وشرَّفهُ.

وشُهرةُ إِمامة الشَّيخ تقي الدِّين أَشهرُ مِن الشَّمس، وتَلقِيبهُ بشيخ الإِسلام في عَصْرهِ باقٍ إلى الآن على الأَلسنةِ الزَّكيَّةِ، ويَستمرُّ غدًا كما كانَ بالأَمسِ، ولا يُنكِرُ ذلك إلَّا مَن جَهِلَ مِقدارهُ، أو تجنَّبَ الإِنصاف، فما أكثر [10] غلط مَن تَعاطَى ذلك، وأكثر عِثارهُ، فالله تعالى هُوَ المسؤول أن يقينا شُرور أَنفسنا، وحصائد أَلستنا، بمنِّهِ وفضلهِ.

ولو لم يَكُن مِن الدَّليل على إِمامة هذا الرَّجل إلَّا ما نبَّهَ عليه الحافظُ الشَّهيرُ علَم الدِّين البِرْزَالي [11] في «تاريخه» [12]: أنَّه لم يُوجد في الإِسلام مَن اجتمعَ في جنازته لمَّا ماتَ ما اجتمعَ في جنازة الشَّيخ تقي الدِّين، وأشارَ إلى أنَّ جنازة الإمام أحمد كانت حافلةً جدًّا، شَهِدها مِئِين [13] أُلُوف، ولكن لو كانَ بدمشق من الخلائق [192/ب] نظِير مَن كان ببغداد، أو [14] أضعاف ذلك، لما تأخَّرَ أحدٌ منهم عن شُهود جنازته.

وأيضًا، فجميعُ مَن كان ببغداد - إلَّا الأقلّ - كانُوا يَعتقدُون إمامةَ الإمام أحمد، وكانَ أميرُ بغداد وخليفةُ الوقت إذ ذاك في غاية المحبَّة له والتَّعظيم، بخلاف ابن تيميَّة، فكانَ أميرُ البلد حين ماتَ غائبًا، وكانَ أكثر مَن بالبلد من الفقهاء قد تَعصَّبوا عليه حتَّى ماتَ محبُوسًا بالقلعة، ومع هذا، فلم يَتخلَّف منهم عن حضور جنازته، والتَّرحم عليه، والتَّأسُّف [15]، إلَّا ثلاثة أنفُس [16]، تأخَّروا؛ خشيةً على أنفسهم مِن العامَّة.

ومعَ حُضور هذا الجمعِ العظيمِ، فلم يَكُن لذلك باعِثٌ إلَّا اعتقادُ إِمامتهِ وبركتهِ، لا بجَمْعِ سُلطانٍ، ولا غيره، وقد صَحَّ عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال [17]: «أَنتُم شُهَدَاءُ [18] اللهِ فِي الأَرضِ» [19].

ونحنُ لا نُنكِرُ أنَّ جَمعًا مِن العُلماء كانوا يُنكِرونَ على الشَّيخ تقي الدِّين كثيرًا من المسائلِ، بل نُنكِرُ على من يُطلقُ عليه التَّكفير مع ما اشتهر من انطلاق الأَلسنة بالثَّناء عليه بالزُّهدِ، والورَعِ، والتَّألُّهِ، والسَّخاءِ، والشَّجاعةِ، ونصر الإسلامِ، والدُّعاءِ إلى الله تعالى في السِّرِّ والعلانية.

ومسائلهُ التي يَنفرِدُ بها لم يَكُن يَقولُها بالتَّشهِّي، ولا يَتعصَّبُ لها بعد القيام عليه عِنادًا، بل كانَ يَستدلُّ لها على وفق القواعد المرضيَّة، وإن كان قد يخطئ؛ لكونهِ غير معصوم، فيُعذَر، ولا يُقلَّدُ فيها، ولا ينتهي به الأَمرُ إلى التَّكفيرِ.

ولقد قامُوا عليه غير مرَّة، وعَقدوا له مجالس بسبب العقِيدة، وغيرها، وكانَ هُناك ممَّن يَتعصَّبُ عليه جمعٌ مِن أهل الحلِّ والعقد، ومع ذلك، فلم يتَّفقوا على قتلهِ، فلو كان عندهم مكفَّرًا لما وسعهم السُّكوت، والدَّولة معهم، بل غاية ما انتهى به أمرهُ معهم أن يُحبَس، فوقعَ له ذلك تارةً بالقاهرة [20]، وأُخرى بالإسكندريَّة [21]، ومرَّةً بقلعة دمشق [22]، وبها ماتَ.

ولقد كانَ هُوَ في عَصْرِهِ أعظمَ النَّاس قِيامًا على أهل البِدَعِ من الرَّوافض، والحُلوليَّة، والاتِّحاديَّة، وغير ذلك، وتصانيفُه وفتاويه في ذلك مشهورةٌ مُتداولةٌ عند أتباعه وغيرهم، فيا قُرَّة أعيُنهم، ويا سرورهم إذا رأوا مَن يُكَفِّرهُ مِن أهل العلم.

فلقد كانَ ينبغي للعاقلِ أن يُراعيَ المصلحتَين، ويَتأمَّلَ كلام الرَّجل مِن الطُّرق التي يصحُّ نقلُها عنهُ، ويُفرِدَ ما يُنكَرُ عليه، ويحذر منهُ؛ [191/أ] نُصحًا للأُمَّة، ويُثني عليه فيما أصابَ فيهِ، كدَأبِ غيرهِ مِن الأئمَّة.

ولو لم يَكُن للشَّيخ مِن المناقبِ إلَّا تلميذهُ ابن قيِّم الجوزيَّة [23]، صاحب التَّصانيف السَّائرة التي انتفعَ بها الموافق والمخالف، لكانَ غايةً في فضلهِ، فكيفَ وقد أَثنَى عليه أئمَّةُ عَصرِهِ مِن الشَّافعيَّة وغيرهم، على ما نقلَهُ الحافظ علَم الدِّين البِرْزَالي [24].

فالذي يُطلِقُ عليه التَّكفير، أَو عَلَى مَن لا يُطلَقُ عليه الكُفر، لا يُلتَفتُ إِليهِ، ولا يُعوَّلُ عليهِ.

واللهُ يَهدِي مَن يشاءُ إلى صراطٍ مُستقيمٍ.

______

(1) طُبع عدَّة مرَّات بالمكتب الإسلامي، ببيروت، بتحقيق شيخنا المجيز العلَّامة زهير الشاويش رحمه الله تعالى، وتحدَّث الحافظ السَّخاوي في «الضَّوء اللَّامع لأهل القرن التَّاسع» (8/103-104) أثناء ترجمته للحافظ ابن ناصر الدِّين الدمشقي عن كتابه المذكور، فقال: «قرَّظهُ له الأئمَّة، كشيخنا -يعني: ابن حجر-، وهو أحسنُهم، والعلم البُلْقَيْني، والتَّفَهْني، والعَيني، والبساطي، والمحب بن نصر الله، وخلقٌ، وحدَّثَ به غير مرَّة، وقام عليه العلاء البخاري؛ لكون التَّصنيف في الحقيقة ردٌّ به عليه، فإنَّه لما سكن دمشق، كان يسألُ عن مقالات ابن تيميَّة التي انفرد بها، فيجيبُ بما يظهر من الخطأ فيها، وينفر عنه قلبه إلى أن استحكم أمره عنه، وصرَّح بتبديعه، ثمَّ بتكفيره، ثمَّ صار يصرِّح في مجلسه بأنَّ من أطلق على ابن تيميَّة أنَّه شيخ الإسلام يكفر بهذا الإطلاق، واشتهر ذلك، فجَمعَ صاحب التَّرجمة في كتابه المشار إليه كلام من أطلق عليه ذلك من الأئمَّة الأعلام من أهل عصره من جميع المذاهب سوى الحنابلة بحيث اجتمع له شيءٌ كثير، وحينئذ كتب العلاء إلى السُّلطان كتابًا بالغَ فيه في الحطِّ، ولكنَّه لم يصل بحمد الله إلى تمام غرضه» ا.هـ، ومُجمل كلامه هذا منقول بحروفه عن شيخه كما سيأتي.

(2) قال تلميذه الحافظ السَّخاوي في «الجواهر والدُّرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر» (2/734): «ومن ذلك ما كَتبَ به على الرَّد الوافِر على من زعم أن ابن تيميَّة شيخ الإسلام كافر، لحافظ الشَّام ابن ناصر الدِّين، في سنة خمس وثلاثين، وحَدَّثَ به في أواخر السَّنة التي تليها بالشَّام، بقراءة صاحبنا النَّجم الهاشمي» ا.هـ فساقه بحروفه، وقال في «الضَّوء اللَّامع» (8/104): «لما كان شيخُنا بدمشق، حدَّثَ بتقريظه للمصنَّف المشار إليه، ولم يلتفت إلى المتعصِّبين» ا.هـ.

(3) ساق تلميذه الحافظ السَّخاوي هذا النَّص حرفًا بحرف في «الضَّوء اللَّامع» (8/103-104)، ومختصرًا في (9/292-293)، ولم ينسبه إلى شيخه، وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في «إنباء الغمر» (3/476-477) في حوادث شهر شوال سنة 835 هـ ما نصُّه: «وفي هذه السَّنة ثارت فتنةٌ عظيمةٌ بين الحنابلة والأشاعرة بدمشق، وتعصَّب الشَّيخ علاء الدِّين البخاري نزيل دمشق على الحنابلة، وبالغ في الحطِّ على ابن تيميَّة، وصرَّح بتكفيره، فتعصَّب جماعة من الدَّماشقة لابن تيميَّة، وصنَّف صاحبنا الحافظ شمس الدِّين ابن ناصر الدِّين جزءًا في فضل ابن تيميَّة، وسردَ أسماء من أَثنى عليه وعظَّمه من أهل عصره فمَن بعدهم على حروف المعجم، مبيِّنًا لكلامهم، وأرسلهُ إلى القاهرة، فكَتبَ له عليه غالب المصريِّين بالتَّصويب، بل خالفوا علاء الدين البخاري في إطلاقه القول بتكفيره وتكفير من أطلق عليه أنه: شيخ الإسلام، وخَرجَ مرسوم السُّلطان إلى كلٍّ: أنَّ أحدًا لا يعترضُ على مذهب غيره، ومن أظهرَ شيئًا مُجمعًا عليه سُمع منه، وسَكَنَ الأمر» ا.هـ.

(4) العلاء البخاري (769 هـ-841 هـ): محمد بن محمد بن محمد، البخاري، العجمي، الحنفي، علاء الدِّين، أبو عبد الله، فقيه، بارع في علمَي المعاني والبيان وفي العربية، انظر: «درر العقود الفريدة» (3/126-127)، و«إنباء الغمر» (4/87)، و«الضوء اللامع» (9/291-294).

(5) بلغ عدد من ذكرهم 87 عالمًا من الذين عاصروا ابن تيميَّة، أو جاؤوا بعده، ولقَّبوه بشيخ الإسلام.

(6) فساق تقاريظ جماعة من أهل العلم بالقاهرة لكتاب «الرد الوافر»: كالبلقيني، والبساطي، والتَّفَهْني، والعَيني، بخطِّ أحد تلامذته - فيما يظهر - نقلًا عن خطوطهم، من [171/ب] إلى [180/ب].

(7) كَتَبهُ في يوم الجمعة التاسع من شهر ربيع الأوَّل سنة 835 هـ، كما في «الرد الوافر» (ص 248)، و«الجواهر والدُّرر» (2/734)، وعمره يومها 61 سنة تقريبًا.

(8) في «الجواهر والدُّرر» (2/734)، و«الرد الوافر» (ص 246): «الإمام»، وهو الحافظ ابن ناصر الدِّين الدمشقي.

(9) في «الجواهر والدُّرر» (2/734)، و«الرد الوافر» (ص 246): «صنَّفه».

(10) في «الجواهر والدُّرر» (2/734): «ممَّا أكثر»، وفي «الرد الوافر» (ص 246): «فما أغلط».

(11) البِرزالي (665 هـ-739 هـ): القاسم بن محمد بن يوسف الدِّمشقي الشَّافعي، علم الدِّين، أبو محمَّد، إمام، حافظ، محدِّث، مؤرِّخ، انظر: «تذكرة الحفاظ» (4/195-196)، و«المعجم المختص بالمحدثين» (ص 77-78)، و«معجم شيوخ الذهبي الكبير» (2/115-117)، و«الدرر الكامنة» (4/277-279).

(12) نقل الحافظ المؤرخ ابن كثير الدِّمشقي في «البداية والنهاية» (16/212-213) عن تاريخ الحافظ علم الدِّين البرزالي حول وفاة شيخ الإسلام ابن تيميَّة، فقال: «ثمَّ ذَكرَ الشَّيخ علم الدِّين بعد إيراد هذه التَّرجمة جنازة أبي بكر بن أبي داود، وعظَّمها، وجنازة الإمام أحمد ببغداد، وشُهرتَها، وقال الإمام أبو عثمان الصَّابوني: سمعتُ أبا عبد الرحمن السيوفي يقول: حضرتُ جنازة أبي الفتح القوَّاس الزاهد مع الشيخ أبي الحسن الدَّارقطني، فلما بلغ إلى ذلك الجمع العظيم، أقبل علينا، وقال: سمعتُ أبا سهل بن زياد القطَّان يقول: سمعتُ عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول: سمعتُ أبي يقول: قولوا لأهل البدع، بيننا وبينكم الجنائز، قال: ولا شكَّ أن جنازة الإمام أحمد بن حنبل كانت هائلة عظيمة، بسبب كثرة أهل بلده، واجتماعهم لذلك، وتعظيمهم له، وأنَّ الدَّولة كانت تحبُّه، والشَّيخ تقي الدِّين ابن تيميَّة - رحمه الله - توفي ببلده دمشق، وأهلها لا يعشرون أهل بغداد كثرة، ولكنهم اجتمعوا لجنازته اجتماعًا لو جمعهم سلطان قاهر، وديوان حاصر، لما بلغوا هذه الكثرة التي اجتمعوها في جنازته، وانتهوا إليها، هذا مع أنَّ الرَّجل مات بالقلعة محبوسًا من جهة السلطان، وكثير من الفقهاء والفقراء يذكرون عنه للنَّاس أشياء كثيرة، ممَّا ينفِّر منها أهل الأديان، فضلًا عن أهل الإسلام، وهذه كانت جنازته» ا.هـ.

(13) في «الجواهر والدُّرر» (2/734): «مئو»، وفي «الرد الوافر» (ص 246): «مئات»، وهي في النُّسخ الخطِّيَّة كما في المثبت أعلاه.

(14) في «الجواهر والدُّرر» (2/734): «بل أضعاف».

(15) في «الجواهر والدُّرر» (2/735)، و«الرد الوافر» (ص 246): «والتَّأسف عليه».

(16) قال الحافظ المؤرخ ابن كثير الدِّمشقي في «البداية والنهاية» (16/214): «وبالجملة، كان يومًا مشهودًا، لم يعهد مثله بدمشق، اللَّهم إلَّا أن يكون في زمن بني أميَّة حين كان النَّاس كثيرين، وكانت دار الخلافة، ثم دفن عند أخيه قريبًا من أذان العصر على التَّحديد، ولا يمكن أحد حصر من حضر الجنازة، وتقريب ذلك أنه عبارة عمَّن أمكنه الحضور من أهل البلد وحواضره، ولم يتخلَّف من النَّاس إلَّا القليل من الصِّغار والمخدَّرات، وما علمتُ أحدًا من أهل العلم إلا النَّفر اليسير تخلَّف عن الحضور في جنازته، وهم ثلاثة أنفس، وهم: ابن جملة، والصَّدر، والقحفازي، وهؤلاء كانوا قد اشتهروا بمعاداته، فاختفوا من النَّاس خوفًا على أنفسهم بحيث إنَّهم علموا متى خرجوا قُتلوا وأهلكهم النَّاس» ا.هـ.

(17) في «الجواهر والدُّرر» (2/735)، و«الرد الوافر» (ص 247): «أنَّه قال».

(18) في «الجواهر والدُّرر» (2/735)، و«الرد الوافر» (ص 247): «شُهود».

(19) رواه البخاري في «الصحيح» (1367) و(2642)، ومسلم في «الصحيح» (949) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعًا، وقد اختصر الحافظ ابن حجر العسقلاني تقريظه من بعد هذا الحديث أو أنَّه مسوَّدة، وتمامه -كما في «الجواهر والدُّرر» (2/735-736)، و«الرد الوافر» (ص 247-248)-: «ولقد قامَ على الشَّيخ تقي الدين جماعةٌ مِن العُلماء مرارًا، بسبب أشياء أنكروها عليه مِن الأصول والفروع، وعُقِدَت له بسبب ذلك عدَّةُ مجالس، بالقاهرة، ودمشق، ولا يُحفظ عن أحد منهم أنَّه أفتى بزندقته، ولا حَكَمَ بسفك دمه، مع شدَّة المتعصِّبين عليه حينئذٍ من أهل الدَّولة، حتى حُبس بالقاهرة، ثم بالإسكندريَّة، ومع ذلك، فكلُّهم معترفٌ بسَعة علمه، وكثرة ورعه، وزُهده، ووصفه بالسَّخاء، والشَّجاعة، وغير ذلك مِن قيامه في نُصرة الإسلام، والدُّعاء إلى اللَّه تعالى في السِّرِّ والعلانية، فكيف لا يُنكر على من أطلق أنه كافر، بل مَن أطلق على مَن سمَّاه شيخ الإسلام الكُفر، وليس في تسميته بذلك ما يقتضي ذلك، فإنَّه شيخٌ في الإسلام في عصره بلا ريب، والمسائل التي أُنكرت عليه ما كان يقولُها بالتَّشهي، ولا يُصِرُّ على القول بها بعد قيام الدليل عليه عنادًا، وهذه تصانيفُه طافحة بالرَّدِّ على مَن يقولُ بالتَّجسيم والتَّبري منه، ومع ذلك، فهو بشرٌ، يخطىءُ، ويُصيبُ، فالذي أصاب فيه -وهو الأكثرُ- يُستفاد منه، ويُترحَّمُ عليه بسببه، والذي أخطأ فيه لا يُقلَّدُ فيه، بل هو معذورٌ؛ لأنَّ أئمَّة عصره شهدوا له بأن أدواتِ الاجتهاد اجتمعت فيه، حتى كان أشدّ المتشغِّبين عليه، القائمين في إيصال الشَّرِّ إليه -وهو الشَّيخ كمال الدِّين الزّملكاني- يشهدُ له بذلك، وكذلك الشَّيخُ صدر الدِّين ابن الوكيل، الذي لم يثبُت لمناظرته غيرُه، ومن أعجب العَجب أنَّ هذا الرجل كان أعظمَ النَّاس قيامًا على أهلِ البدع مِن الرَّوافض، والحُلوليَّة، والاتِّحاديَّة، وتصانيفُه في ذلك كثيرة شهيرة، وفتاويه فيهم لا تدخُل تحت الحصر، فيا قُرَّة أعيُنهم إذا سمعوا تكفيره، ويا سُرورهم إذا رأوا مَن يكفِّره من أهل العلم، فالواجبُ على مَن تلبَّس بالعلم، وكان له عقلٌ أن يتأمَّل كلام الرَّجُلِ مِنْ تصانيفه المشهورة، أو من ألسِنَةِ من يُوثَق به من أهل النَّقل، فيُفرد مِن ذلك ما يُنكَر، فيُحذِّر منه على قصد النُّصح، ويثني عليه بفضائله فيما أصاب من ذلك، كدأب غيره من العلماء الأنجاب، ولو لم يكن للشَّيخ تقي الدِّين من المناقب إلَّا تلميذه الشَّهير الشَّيخ شمس الدِّين ابن قيِّم الجوزيَّة، صاحب التَّصانيف النَّافعة السَّائرة التي انتفع بها الموافق والمخالف، لكان غاية في الدّلالة على عظيم منزلته، فكيف وقد شهد له بالتقدُّم في العلوم، والتَّميُّز في المنطوق والمفهوم أئمَّة عصره مِنَ الشَّافعية وغيرهم، فضلًا عَنِ الحنابلة، فالذي يُطلِقُ عليه -مع هذه الأشياء- الكفر، اْو على مَن سمَّاه شيخ الإسلام، لا يُلتفت إليه، ولا يُعوَّلُ في هذا المقام عليه، بل يجب ردعُهُ عَن ذلك، إلى أن يُراجع الحقَّ، ويُذعن للصَّواب، والله يقول الحقَّ، وهو يهدي السَّبيل، وحسبُنا الله ونعم الوكيل، قالهُ وكتبهُ: أحمد بن علي بن محمَّد بن حَجَر الشَّافعي، عفا الله عنه، وذلك في يوم الجمعة التَّاسع من شهر ربيع الأوَّل عام خمسة وثلاثين وثمانمائة، حامدًا لله، ومصلِّيًا على رسوله محمَّد، وآله، ومسلِّمًا» ا.هـ.

(20) سُجن فيها ثلاث مرَّات: الأولى من 26 رمضان سنة 705 هـ إلى 23 ربيع الأوَّل سنة 707 هـ بسبب عدَّة مسائل في المعتقد، والثَّانية من 3 شوال سنة 707 هـ إلى 18 شوال من السَّنة نفسها بسبب تأليفه كتاب الاستغاثة، والثَّالثة من آخر شوال 707 هـ إلى أول سنة 708 هـ بسبب نصر المنبجي.

(21) سُجن فيها مرَّة واحدة من 1 ربيع الأوَّل سنة 709 هـ إلى 8 شوال من السَّنة نفسها بسبب مكيدة من نصر المنبجي والجاشنكير.

(22) سُجن فيها ثلاث مرَّات: الأولى سنة 693 هـ بسبب عساف النَّصراني، والثَّانية من 12 رجب سنة 720 هـ إلى 10 محرَّم سنة 721 هـ بسبب الحلف بالطَّلاق، والثَّالثة من 6 شعبان سنة 726 هـ إلى 20 ذي القعدة سنة 728 هـ بسبب مسألة الزِّيارة، فكان سجنه رحمه الله تعالى رحمة واسعة سبع مرَّات، ومدَّة جميعها نحو خمس سنين، وسببها الحقيقي الوشاية والسَّعي بالباطل في حقِّه، وفيها حصل له من الفتوحات الرَّبانيَّة بالعلم والعبادة ما يُبهر العقول، وصدر منه من الكتب والرَّسائل والفتاوى العجب العجاب، مع أنَّه في آخر وقته مُنع القلم والدواة والكتب والرقاق، انظر: مقدِّمة العلَّامة بكر أبو زيد رحمه الله تعالى لكتاب: «الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيميَّة خلال سبعة قرون» (ص 28-33).

(23) ابن قيم الجوزيَّة (691 هـ-751 هـ): محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي الدِّمشقي الحنبلي، ابن قيِّم الجوزية، شمس الدِّين، أبو عبد الله، إمام، حافظ، متفنِّن، انظر: «المعجم المختص بالمحدثين» (ص 269)، و«البداية والنهاية» (16/353-354)، و«ذيل طبقات الحنابلة» (5/170-179)، و«الدرر الكامنة» (5/137-140).

(24) قال الحافظ علَم الدِّين البِرزالي في «تاريخه» - كما نقله عنه بلفظه الحافظ ابن كثير الدِّمشقي في «البداية والنهاية» (16/212)-: «أثنَى عليه وعلى علومه وفضائله جماعة من علماء عصره، مثل القاضي الخُويي، وابن دقيق العيد، وابن النَّحاس، والقاضي الحنفي قاضي مصر ابن الحريري، وابن الزّملكاني، وغيرهم، ووجدتُ بخطِّ ابن الزّملكاني أنَّه قال: اجتمعتْ فيه شروطُ الاجتهاد على وجهها، وأنَّ له اليد الطُّولى في حسن التَّصنيف، وجودة العبارة، والتَّرتيب، والتَّقسيم، والتَّبيين، وكَتبَ على تصنيفٍ له هذه الأبيات:

ماذا يقولُ الواصفونَ لهُ *** وصفاتُهُ جلَّت عن الحصرِ

هو حجَّةٌ لله قاهرةٌ *** هو بينَنا أُعجُوبةُ الدَّهرِ

هو آيةٌ في الخَلقِ ظاهرةٌ *** أنوارُها أرَبت على الفَجرِ

وهذا الثَّناءُ عليه، وكان عمره يومئذ نحو الثَّلاثين سنة» ا.هـ.

* نُشر المقال في شبكة الألوكة:
https://www.alukah.net/library/0/135820/