الاثنين، 9 سبتمبر 2013

(أكثرُ أهل الجنة البُله) .. حديث مُنكر سندًا ومتنًا !

(أكثرُ أهل الجنة البُله) .. حديث مُنكر سندًا ومتنًا !

بقلم : عبد الله الحسيني

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد ..

فقد وصف الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية السابق مَن وقف في ميادين مصر وهو يعتقد أنه يدافع عن الإسلام ، بأن الله سيُكرمه ، لأنه عبيط ! واستدلّ بحديث : (أكثرُ أهل الجنَّة البُلْه)  ، وربما خفي عليه بأن الحديث مُنكر سندًا ومتنًا عند المحقّقين من أهل العلم ، وهذا ما سيتبين لك من خلال هذه المقالة .

اعلم بأن هذا الحديث مروي مرفوعًا عن أنس وجابر رضي الله عنهما .

أولًا : حديث أنس بن مالك رضي الله عنه :

رُوي من أربع طرق عن الزهري عن أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعًا : (أكثرُ أهل الجنة البُله) .
الطريق الأول : عن محمد بن عزيز ، عن سلامة بن روح ، عن عقيل بن خالد ، عن الزهري به .
رواه البزار في مسنده (6339) ، وابن عدي في الكامل (4/329) ، ومن طريقه البيهقي في شعب الإيمان (4/497-498) ، وكذلك ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/452) ، والقضاعي في مسند الشهاب (2/110) ، وغيرهم .
قلتُ : في إسناده : سلامة بن روح ، قال أبو حاتم الرازي : (ليس بالقوي ، محله عندي محل الغفلة) ، وقال أبو زرعة : (ضعيف ، منكر الحديث ، يكتب حديثه على الاعتبار) ، وقال أبو داود : (كان أحمد بن صالح كتب عنه ، ثم تركه) ، وقال ابن قانع : (ضعيف) ، وذكر له ابن عدي عدة مناكير عن عقيل ، وقال ابن حبان : (مستقيم الحديث) ، وقال مسلمة بن القاسم : (لا بأس به) ، كما في تهذيب التهذيب (4/289-290) وغيره .
وبه أعلَّه الأئمة الحفّاظ :
1/ قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (4/302) : (سألتُ أبا زرعة عن سلامة بن روح ، قال : أيلي ، ضعيف ، منكر الحديث ، قلتُ : يكتب حديثه ؟ قال : نعم ، يُكتب على الاعتبار ، روى حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم : أكثر أهل الجنة البله ..) ا.هـ
2/ وقال البزار في مسنده (13/32) : (هذا الحديث قد رُوي بعض كلامه – يعني : (رب ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبرة) - ، عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه ، وبعضه لا نعلمه يُروى إلا من هذا الوجه ، وسلامة كان ابن أخي عقيل بن خالد ، ولم يُتابع على حديث (أكثر أهل الجنة البله) ، على أنه لو صح كان له معنى) ا.هـ
3/ وقال ابن عدي في الكامل (4/329) : (هذا الحديث بهذا الإسناد منكر ، لم يروه عن عقيل غير سلامة هذا) ا.هـ
4/ وقال ابن القيسراني في أطراف الغرائب والأفراد (2/192) : (تفرّد به سلامة بن روح عن عمه عقيل عنه) ا.هـ ، وقال في ذخيرة الحفاظ (1/445) : (هذا بهذا الإسناد منكر، لم يروه عن عقيل غير سلامة) ا.هـ
5/ وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/452) : (هذان حديثان لا يصحان .. أما حديث أنس ، فقال ابن عدي : هو حديث منكر بهذا الإسناد ، ولم يروه عن عقيل غير سلامة ، قال الدارقطني : تفرَّد به سلامة عن عقيل) ا.هـ
6/ وقال الذهبي في تاريخ الإسلام (13/202) : (له حديث مُنكر ، تفرَّد به) ا.هـ فساق له هذا الحديث ، ثم قال : (ولسلامة أحاديث مناكير) فساق بعضها ، وانظر : تلخيص العلل المتناهية (ص 363) ، وميزان الاعتدال (2/183) .
7/ وقال العراقي في تخريج الإحياء (3/18) : (أخرجه البزار من حديث أنس وضعَّفه ، وصحَّحه القرطبي في التذكرة ، وليس كذلك ، فقد قال ابن عدي أنه مُنكر) ا.هـ
8/ وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/402) : (رواه البزار ، وفيه سلامة بن روح، وثقه ابن حبان، وغيره، وضعفه غير واحد) ا.هـ
وانظر : المقاصد الحسنة (ص 137) للسخاوي ، والجامع الصغير (1379) للسيوطي ، والأسرار المرفوعة (ص 103) ، والمصنوع (ص 57) لملا علي القاري ، ومختصر المقاصد (ص 86) للزرقاني ، وكشف الخفاء (1/164) للعجلوني ، والمداوي (2/111) ، وفتح الوهاب (2/163) لأحمد الغماري ، والسلسلة الضعيفة (13/351-352) ، وتخريج شرح الطحاوية (ص 508) للألباني .

الطريق الثاني : عن يحيى بن الربيع العبدي ، عن عبد السلام بن محمد الأموي ، عن سعيد بن كثير بن عفير ، عن يحيى بن أيوب ، عن عقيل بن خالد ، عن الزهري به .
رواه القضاعي في مسند الشهاب (2/110) .
قلتُ : في إسناده : عبد السلام بن محمد الأموي القرشي : قال الدارقطني : (ضعيف جدًا) ، وقال أيضًا في غرائب مالك : (الحمل فيه على عبد السلام ، وهو منكر الحديث) ، وقال الخطيب : (صاحب مناكير) ، انظر : ذيل الميزان (ص 148) ، ولسان الميزان (5/179) .

الطريق الثالث : عن محمد بن يزيد بن حكيم ، عن محمد بن العلاء الأيلي ، عن يونس بن يزيد ، عن الزهري به .
رواه أبو سعد الكنجروذي كما في تهذيب الكمال (26/117) .
قلتُ : في إسناده : محمد بن يزيد بن حكيم : وهو محمد بن يزيد المستملي : قال ابن عدي في الكامل (7/539) : (يسرق الحديث ، ويزيد فيها ، ويضع) ، وقال الخطيب في تاريخ بغداد (2/287) : (متروك الحديث) ، وقال ابن حبان في الثقات (9/115) : (ربما أخطأ) ، وانظر : لسان الميزان (7/586) .
ولذلك قال أبو موسى المديني في اللطائف (ص 354) بعد أن ذكر هذا الطريق ضمن طرق الحديث : (ورُوي من حديث يونس عن الزهري .. وكلها أفراد غرائب) ا.هـ
وقال العسكري كما في المقاصد الحسنة (ص 137) للسخاوي : (غريب من حديث الزهري ، وهو من حديث يونس عنه أغرب ، لا أعلمه إلا من هذا الوجه) ا.هـ
وقال المزي : (وهو غريب أيضًا من حديث يونس بن يزيد ، لا نعرفه عنه إلا من هذا الوجه) ا.هـ

الطريق الرابع : عن محمد بن عيسى بن رفاعة الأندلسي ، عن عبد الصمد بن عبد الرحمن الطائفي ، عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري به .
رواه أبو موسى المديني في اللطائف (ص 353) .
قلتُ : في إسناده : محمد بن عيسى بن رفاعة الأندلسي ، قال الذهبي في الميزان (3/679) : (متهم بالكذب) ، وقال ابن حجر في اللسان (7/329-430) : (وممن وصفه بالكذب أبو جعفر بن صابر المالقي في تاريخه .. قال ابن الفرضي : كان من أهل رية ، رحل وسمع من علي بن عبد العزيز ، ومُحمد بن رزيق بن جامع ، وبكر بن سهل الدمياطي ، وَغيرهم ، وكان يرحل إليه للسماع منه ، قال : فقال لي محمد بن أحمد بن يحيى: هو كذاب ، وكذا كذَّبه أبو جعفر أحمد بن عون الله , قال : ثم قدم قرطبة ، فأخرج كتابًا من حديث سفيان بن عيينة ، عَن الزهري ، عن أنس كله ، قال : وابن عيينة إنما عنده ، عَن الزهري ، عَن أنس ستة ، أو سبعة ، فلما اجتمع به أبو جعفر ، قال له : هذا الكتاب من العوالي التي كنت تسأل عنها ، قال : فنظر فيه ، فافتضح الشيخ ، وأسقط أبو جعفر ، ومُحمد بن أحمد بن يحيى روايتهما عنه ، وكذا كذَّبه غيرهما) ا.هـ
ولذلك قال المديني بعد روايته للحديث :
(هذا حديث غريب جدًا من حديث ابن عيينة عن الزهري ، وإنما يُعرف هذا من رواية محمد بن عزيز) ا.هـ ، ثم قال (ص 254) : (رواه أبو الحريش أحمد بن عيسى الكلابي عن ابن عزيز وإسحاق بن إسماعيل الأيلي معاً عن سلامة، وروي من حديث يونس عن الزهري، وقد رُوي أيضاً من حديث جابر رضي الله عنه ، وكلها أفراد غرائب) ا.هـ

ثانيًا : حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما :

رُوي من طريق أحمد بن عيسى الخشّاب ، عن عمرو بن أبي سلمة ، عن مصعب بن ماهان ، عن الثوري ، عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : (دخلتُ الجنة ، فإذا أكثر أهلها البُله) .
رواه ابن عدي في الكامل (1/314) ، والبيهقي في شعب الإيمان (2/497) ، وابن الجوزي في العلل المتناهية (2/452) .
قلتُ : في إسناده : أحمد بن عيسى الخشّاب ، قال ابن عدي : (ذُكر عنه غير حديث لا يحدث به غيره عن عمرو بن أبي سلمة وغيره) ، وقال ابن حبان في المجروحين (1/146) : (يروي عن المجاهيل الأشياء المناكير ، وعن المشاهير الأشياء المقلوبة ، لا يجوز عندي الاحتجاج بما انفرد به من الأخبار) .
وفي المغني في الضعفاء (ص 51) للذهبي : (قال الدارقطني : (ليس بالقوي) ، وأسرف ابن طاهر فقال : (كذَّاب ، يضع الحديث) ، قلتُ – القائل : الذهبي - : نعم ، رأيتُ للخشاب في موضوعات ابن الجوزي : الأمناء ثلاثة أنا وجبريل ومعاوية ، فصدق ابن طاهر) ا.هـ
وفي لسان  الميزان (1/568) لابن حجر : (قال مسلمة : (كذَّاب ، حدَّث بأحاديث موضوعة) ، وقال ابن يونس : (كان مضطرب الحديث جدًّا) ) ا.هـ
ولذلك قال ابن عدي في الكامل (1/315) عن هذا الحديث : (هذا حديث باطل بهذا الإسناد) ا.هـ ، وأقرَّه الذهبي في ميزان الاعتدال (1/126) ، وتلخيص العلل المتناهية (ص 363) ، وابن حجر في لسان الميزان (1/568) .
وقال ابن شاهين كما في تاريخ دمشق (43/533) : (تفرد بهذا الحديث مصعب بن ماهان عن الثوري ، ولا أعرفه بهذا الإسناد إلا من هذا الطريق ، وهو حديث غريب إن صح) ا.هـ
وقال البيهقي في شعب الإيمان (2/497) : (هذا الحديث بهذا الإسناد منكر) ا.هـ
وقال ابن القيسراني في ذخيرة الحفاظ (3/1330) : (هذا باطل بهذا الإسناد ، والحمل فيه على أحمد هذا) ا.هـ
وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/452) بعد أن ساق حديث جابر وأنس رضي الله عنهما : (هذان حديثان لا يصحان ،  أما الأول ، فقال ابن عدي : حدّث أحمد بن عيسى بأحاديث لا يحدث بها غيره ، وقال ابن حبان : يروي عن المجاهيل الأشياء المناكير) ا.هـ
وقال المديني في اللطائف (ص 254) : (وقد رُوي أيضًا من حديث جابر رضي الله عنه ، وكلها أفراد غرائب) ا.هـ
وانظر : الجامع الصغير (4187) للسيوطي ، والمداوي (2/111) و (4/13) لأحمد الغماري ، والسلسلة الضعيفة (13/352) ، وتخريج شرح الطحاوية (ص 508) للألباني .

وها قد مر بك تحقيق الأئمة والحفاظ بأن هذا الحديث المُنكر إنما تفرّد به سلامة بن روح ، ولا يُعرف عندهم إلا من طريقه ، فلم يروه عن عقيل غيره ، ولم يتُابع عليه ، فعدولهم عن الطرق والشواهد السالفة - مع ما عرفوا به من سعة العلم والدقة – يرجّح بأن جلّ هذه الأسانيد مركبة ومسروقة وموضوعة .
وها قد رأيت طرق الحديث وشواهده ، وهي ما بين مُنكرة أو باطلة أو موضوعة ، فأنّى يتقوَّى بها  ؟! ولله درّ الإمام أحمد رحمه الله تعالى حين قال : المُنكر أبدًا مُنكر ، والله أعلم .

تنبيه :
ادّعى الأستاذ بشَّار الحادي في نقاش بإحدى المجموعات العلميَّة بأن الحديث ضعيف السند ، صحيح المتن ، وأن أصله في صحيح الإمام مسلم (2846) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا : (تَحَاجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ ، فَقَالَتِ النَّارُ : أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ ، وَالْمُتَجَبِّرِينَ ، وَقَالَتِ الْجَنَّةُ : فَمَا لِي لَا يَدْخُلُنِي إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ وَغِرَّتُهُمْ ؟ ..) .
 واعتمد في ذلك على قول الإمام النووي في شرح مسلم (17/181) : (غِرّتهم : بغين معجمة مكسورة ، وراء مشددة ، وتاء مثناة فوق ، وهكذا هو الأشهر في نسخ بلادنا ، أي : البله الغافلون الذين ليس بهم فتك وحذق في أمور الدنيا ، وهو نحو الحديث الآخر : أكثر أهل الجنة البله) ا.هـ
قلتُ : الادعاء بأن الحديث صحيح المتن ، وأن أصله في صحيح الإمام مسلم ، فيه نظر بيّن ، وذلك لعدة اعتبارات :
أولًا : هذا اللفظ - مع صحته - إنما ساقه الإمام مسلم في المتابعات لا في الأصول .
ثانيًا : استدل الإمام مسلم على أن الجنة مسكن الضعفاء والمساكين ، وأن النار مسكن الجبار والمتكبرين بحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا : (احْتَجَّتِ النَّارُ، وَالْجَنَّةُ، فَقَالَتْ: هَذِهِ يَدْخُلُنِي الْجَبَّارُونَ، وَالْمُتَكَبِّرُونَ، وَقَالَتْ: هَذِهِ يَدْخُلُنِي الضُّعَفَاءُ، وَالْمَسَاكِينُ .. ) ثم ساق أول متابعة لحديث الباب بلفظ : (تحَاجَّتِ النَّارُ، وَالْجَنَّةُ، فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ، وَالْمُتَجَبِّرِينَ، وَقَالَتِ الْجَنَّةُ: فَمَا لِي لَا يَدْخُلُنِي إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ، وَسَقَطُهُمْ، وَعَجَزُهُمْ) ، وأما اللفظ المستشهد به : (وَغِرَّتُهُمْ) ، فإنما ساقه في متابعة ثالثة للأصل .
ثالثًا : أن اللفظ المستشهد به مختلف فيه بين رواة الحديث على ثلاثة أوجه :
الوجه الأول : (غَرَثهم) ، بمعنى الجوع والفاقة والحاجة ، قال القاضي عياض في إكمال المعلم (8/377) : (وعند أكثر شيوخنا : وغرثهم ، بفتح الغين المعجمة ، وفتح الراء ، وثاء بعدها مثلثة ، ومعناه قريب من قوله : ضعفاؤهم وسقطهم ، أي : مجاويعهم ، والغرث : الجوع) ، وقال النووي في شرح مسلم (17/181) : (قال القاضي : هذه رواية الأكثرين من شيوخنا) ا.هـ
الوجه الثاني : (عجزهم) ، جمع عاجز ، بمعنى العيي الضعيف ، وقد أخرجها مسلم في صحيحه (2846) في أول متابعة لحديث الباب .
الوجه الثالث : (غِرَّتهم) ، بمعنى البله الغافلون الذين ليس بهم فتك وحذق في أمور الدنيا ، قال النووي في شرح مسلم (17/181) : (وهكذا هو الأشهر في نسخ بلادنا) .
فكيف يُستشهد بلفظ مختلف فيه بين الرواة على تقوية حديث تكاد تتفق عبارات أهل الشأن على نكارته ؟!
رابعًا : حتى مع القول بأن رواية (وغرتهم) هي الأشهر  ، فلفظ الحديث صريح بأن عامة من يسكن الجنة من ضعفاء الناس وسقطهم وغرتهم ، وليس فيه أدنى إشارة بأن فئة معينة من هؤلاء هي أكثر أهل الجنة كما أفاده الحديث المُنكر .
خامسًا : صحّت الأحاديث بأن أكثر أهل الجنة من الفقراء ، وأن عامة من يسكنها من المساكين ، وهذا ما جعل أئمة الحديث لا يرتابون في نكارة حديث (أكثرُ أهل الجنة البُله) سندًا ومتنًا ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (اطلعتُ في الجنة ، فرأيتُ أكثر أهلها الفقراء) رواه البخاري (6546) من حديث عمران رضي الله عنه ، ومسلم (2737) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما في صحيحيهما ، وقال عليه الصلاة والسلام : (قمتُ على باب الجنة ، فكان عامة من دخلها المساكين) رواه البخاري (6547) ومسلم (2736) في صحيحيهما من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما.
وأختم المقالة بكلام نفيس للإمام ابن أبي العز رحمه الله تعالى ، حيث قال في شرح العقيدة الطحاوية (ص 508-509) ما نصّه :
(أما ما يقوله بعض الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (اطلعتُ على أهل الجنة ، فرأيتُ أكثر أهلها البله) , فهذا لا يصحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا ينبغي نسبته إليه ، فإن الجنة إنما خُلقت لأولي الألباب ، الذين أرشدتهم عقولهم وألبابهم إلى الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر , وقد ذكر الله أهل الجنة بأوصافهم في كتابه ، فلم يذكر في أوصافهم البله ، الذي هو ضعف العقل ، وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (اطلعتُ في الجنة ، فرأيتُ أكثر أهلها الفقراء) ، ولم يقل البله !) ا.هـ
هذا والله أعلم .

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

الثلاثاء، 3 سبتمبر 2013

همسات تربوية مع عام دراسي جديد .. !

همسات تربوية مع عام دراسي جديد .. !
بقلم : عبد الله الحسيني

لابد أن نتذكّر مع بداية كل عام دراسي جديد قول معلّمنا الأول صلى الله عليه وآله وسلم : (كلكم راعٍ ، وكلكم مسؤول عن رعيته) ، فمع تجدّد العام الدراسي ، تتجدد مسؤولية مَن هم في ميادين التربية والتعليم ، فهناك الوزير ، وهناك المدير ، وهناك المعلم ، وهناك ولي الأمر ، وهناك الطالب ، وإذا أدرك كل واحد من هؤلاء حجم المسؤولية العظيمة الملقاة على عاتقه ، فإنه سيسعى جاهدًا لتحقيق الغايات التعليمية النبيلة ، فإليهم أهدي هذه الهمسات .
أيها المعلم المربّي :
أولاً : أخلص نيتك لله وحده في سائر عملك وحياتك ، فمهما بلغت رقابة البشر عليك ، ضع رقابة الله دائمًا نصب عينيك .
ثانيًا : كن قدوة صالحة في خُلُقك وسلوكك وسائر أمورك ، بحيث يتفق مقالك مع حالك .
ثالثًا : اغرس حبّ العلم وأهله في قلوب طلابك ، بترغيبهم في العلم بشتى الطرق والأساليب المتجددة ، وتعويدهم على القراءة والاطلاع والبحث لا سيما سير العلماء والعظماء والمصلحين .
رابعًا : طيّب منطقك ، فلا يسمع منك طلابك إلا خيرًا ، فإن الكلمات الطيبة تصنع الأعاجيب في النفوس ، وتؤثر فيها بالغ الأثر .
خامساً : حسّن معاملتك مع طلابك ، وذلك باحترامهم وتقديرهم ، والاهتمام بشؤونهم ، والعدل بينهم ، والتواضع لهم ، والصبر عليهم ، وتعزيزهم عندما يستحقون ذلك ، والحكمة في معالجة عثراتهم ، والرعاية الجادة بالموهوبين والمتميزين ، والنهوض بالمتعثرين ، مع ضرورة تقييم أدائك بشكل مستمر بالاشتراك مع إدارتك وزملائك وطلابك .
سادسًا : جمّل مظهرك بما لا يخرج عن حد الاعتدال ، فذلك أدعى للقبول والتقدير والاحترام .
أيها الطالب العزيز :
أولاً : أخلص نيتك لله وحده في طلبك للعلم ، واجعل غايتك خدمة دينك ووطنك وأمتك .
ثانيًا : استعن بالله دومًا ، فإنك إن تعرَّفت إليهِ في الرخاءِ واليُسر ، يعرِفكَ سبحانهُ عندَ الشِّدة والضيق ، واتق الله حيثما كنت .
ثالثًا : اعلم بأن العِلمَ بالتعلُّم، والتفوُّقَ بالجِدِّ والاجتهاد، والنجاحَ بالمُذاكرةِ والمثابرة .
رابعًا : احترم معلميك غاية الاحترام ، فالأدب مفتاح العلم وأساس الطلب .
خامسًا : رافق جليسًا صالحًا مُصلحًا يدلك على الخير ويعينك عليه .
سادسًا : استثمر وقت فراغك قدر الإمكان بكل نافع ومفيد .
أيها الولي الكريم :
أولاً : عظّم أمر الله في نفوس أبنائك وبناتك ، وازرع فيهم قيمة المراقبة حتى يعبدوا الله خوفًا وطمعًا .
ثانيًا : اغرس في أولادك محبة العلم والمعرفة ، وذكّرهم بثمرة الصبر واحتساب الأجر في الدراسة ، وبين لهم أن هدف التعليم هو النهوض بالدين والأمة .
ثالثًا : علّم أولادك احترام المعلم وتوقيره والاستفادة منه والأدب معه والصبر عليه والدعاء له أيَّا كان ذلك المعلم وأينما كان .
رابعًا : ربِّ أولادك على مكارم الأخلاق ، ولاحظ سلوكياتهم ، وصوِّب خطأهم ، وعزّز صوابهم وكافئهم .
خامسًا : كن قريبًا من أولادك ، واستمع لآرائهم ، وتفقد حاجياتهم ، وراقب سيرهم ونهجهم العلمي والفكري ، وتأكد من جلسائهم .
سادسًا : أشغل أوقاتهم بالنافع المفيد بما ينمي مواهبهم ويلبي طموحهم .
أيها المدير القائد :
أولاً : اجعل علاقتك بفريقك الإداري والتعليمي والطلابي قائمة على الأخوّة والود والاحترام والشفافية والمرونة والثقة المتبادلة ، وأظهر لهم هذه الثقة .
ثانياً : اجمع بين الحلم والحزم ، وبين اليقظة والثقة ، وبين الضبط الإداري والمرونة في التطبيق ، وعالج العثرات بحكمة وعقلانية ورويّة .   
ثالثاً : أشعر فريقك دومًا بأهميته ، وارفع من معنوياته ، وراع فروقه الفردية ، وشجعه باستمرار ، واشكره على جهوده ، وادعم مشاريعه ، وكافئه على إنجازاته ، وساهم في النهوض بالمتعثر ، وناضل من أجل فريقك بعلم وعدل بكل ما أوتيت من قوة .
رابعًا : درّب فريقك على أن يقدموا لك الحلول ، وألا يكتفوا بمجرد عرض المشكلات .
خامسًا : أشرك فريقك في معلوماتك ومهامّك وقراراتك وتقييم أدائك ، واصنع من مدرستك أسرة صالحة متماسكة بمعلميها وإدارييها وطلابها .
سادسًا : كن قدوة صالحة في أدائك وعملك ، وساعد من معك حتى يكونوا قادة مؤثرين في شتى الميادين .

نسأل الله أن يبارك في مدارسنا كلها ، وأن يجعلها منارات للخير ، وأن يجعل عامنا هذا عامًا مباركًا ، وأن يوفقنا فيه لكل خير .

الأربعاء، 8 أغسطس 2012

بَوحُ الخواطر في الاستعداد للعشر الأواخر

بَوحُ الخواطر في الاستعداد للعشر الأواخر

بقلم : عبد الله الحسيني

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد :
فبين يديك خواطر انقدحت في نفسي ، وأثارت تساؤلات ملحة أشغلت ذهني ، وَلَكَم يشرفني أن أبوح لك بشذرات منها ، لعلها تعينني وإياك على الاستعداد اللائق بالعشر الأواخر من شهر رمضان المبارك .
هل أنا مستعد للعشر الأواخر من رمضان ؟
لا ريب أن كل واحد منا أعرف بحاله وأدرى بنفسه من ناحية الاستعداد ، فله علامات ربما لاحظتها على نفسك مع الأيام الجليلة الماضية التي قضيتها من شهر رمضان الفضيل ، فإن كنت لا زلت مستعدًا ، فطوبى لك أنت في نعمة عظيمة ، وإن كنت ترغب الاستعداد ، فهذه بشرى سارة حتى نجلس سويًا ونهيئ أنفسنا جيدًا لاستقبال العشر الأواخر من رمضان .
ولعل بعضنا يتساءل :
لماذا أستعد للعشر الأواخر من رمضان ؟
هناك أسباب عديدة تحثك على الاستعداد للعشر الأواخر من رمضان ، من أهمها :
1-أن فيها أعظم ليالي العام ، وهي ليلة القدر ، وإحياؤها بالعبادة خير من عبادة ألف شهر بنص القرآن الكريم ، قال الله عز وجل : (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) [القدر:3] ، يعني أنك عبدت الله سبحانه بما يزيد عن (83 سنة و4 أشهر تقريباً) عبادة متصلة ، صلاة وصيامًا ، صدقة وقيامًا ، ذكرًا وقرآنًا ، ومن أجل ذلك حذر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من تفويت هذه الليلة النفيسة عندما دخل رمضان ، فقال : (إن هذا الشهر قد حضركم ، وفيه ليلة خير من ألف شهر ، من حُرمها فقد حرُم الخير كلَّه ، ولا يُحرمُ خيرَها إلا محروم) (1) .
2-أن القرآن الكريم نزل في هذه الليالي العظيمة لا سيما ليلة القدر ، قال الله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) [القدر:1] .
3-أنها من المواسم الشرعية التي تكثر فيها البركة ، قال الله سبحانه : (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ) [الدخان:3] ، والملائكة تتنزل في ليلة القدر ومعهم جبريل عليه السلام ، قال الله تعالى : (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) [القدر:4] ، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (إن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى) (2) ، فتتنزل معهم البركة والرحمة ، وهذا يعني أيضاً أن الدعاء فيها مستجاب ، والملائكة تؤمن على دعائك .
4-أن فيها ليلة تكثر فيها السلامة من العقاب والعذاب لما يقوم به المسلم من طاعة الله ، ولا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءً أو أذى ، قال الله عز وجل : (سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [القدر:5].
5-أن من قام هذه الليالي المباركة تصديقاً بالله وبوعده وطلباً للأجر والثواب غُفرت له الذنوب السابقة ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه) (3) .
6-أن الله سبحانه يعتق من النار في كل ليالي رمضان المبارك ، والعتق في العشر الأواخر منه أعظم وأكبر وأجل ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (ولله عتقاء من النار ، وذلك كل ليلة) (4).
7-أن هذه العشر الأواخر تتيح للمسلم فرصة ثمينة ليتدارك ما فاته ، ويختم له بخير ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (إنما الأعمال بالخواتيم) (5)، فإنَّ "شهر رمضان قد عزم على الرَّحيل، ولم يَبق منه إلَّا القليل، فمَن كان منكم أحسن فيه فعليه التَّمام، ومَن فرَّط فليختمه بالحُسنى؛ فالعمل بالختام، فاستمتعوا منه بما بقي من اللَّيالي النَّيِّرة والأيَّام، واستودِعُوه عملًا صالحًا يشهد لكم به عند المَلِك العلَّام، وودِّعُوه عند فراقه بأزكى تحيَّةٍ وسلام" (6) ا.هـ.
متى أستعد للعشر الأواخر من رمضان ؟
استعد لها من الآن ، وخطط لها من هذه اللحظة ، واجعلها خطة معقولة متقنة ، فقليل دائم خير من كثير منقطع ، واعتمد فيها على الهدي النبوي في العشر الأواخر من رمضان ، علمًا بأن تحري ليلة القدر يبدأ من ليلة الحادي والعشرين من رمضان ، وينتهي بغروب شمس آخر يوم منه (7) ، وإن أردت حقًا أن تصادف ليلة القدر ، وتأخذ خيرها ، فاحرص على الاجتهاد في سائر الأيام العشر الأخيرة ، وكأنهن جميعًا ليلة القدر ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان) (8) .
نعم هذه الليلة في السبع الأواخر أقرب ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر ، فمن كان متحريها ، فليتحرها في السبع الأواخر) (9) .
وهي في أوتار العشر الأواخر أرجى ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان) (10) .
وعند الجمهور أنها في ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون (11) ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (من كان متحريها ، فليتحرها ليلة سبع وعشرين ، تحروها ليلة سبع وعشرين) (12) ، وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : يا نبي الله ، إني شيخ كبير عليل ، يشق علي القيام ، فأمرني بليلة لعل الله يوفقني فيها لليلة القدر ، قال : (عليك بالسابعة) (13) ، وعن معاوية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ليلة القدر قال : (ليلة سبع وعشرين) (14) ، ولما صلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالناس ليلة سبع وعشرين دعا أهله ونساءه ليلتها خاصَّةً وقام بهم إلى آخر الليل حتى خشوا أن يفوتهم السحور (15) ، وكان أبي بن كعب رضي الله عنه يقول : والله الذي لا إله إلا هو، إنها لفي رمضان، يحلف ما يستثني، ووالله إني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقيامها، هي ليلة صبيحة سبع وعشرين (16) ، وسُئل التابعي المخضرم زر بن حبيش عن ليلة القدر فقال : كان عمر ، وحذيفة ، وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يشكُّون أنها ليلة سبع وعشرين (17) .
وعند جماعة من أهل العلم أنَّ هذا في الغالب ، وليس دائمًا ، فقد تكون أحيانًا ليلة إحدى وعشرين ، كما جاء في حديث أبي سعيد رضي الله عنه (18) ، وقد تكون ليلة ثلاث وعشرين كما جاء في رواية عبد الله بن أُنيس رضي الله عنه (19) .
وإنما أخفى الله تعالى "هذه الليلة لوجوهٍ :
أحدها : أنه تعالى أخفاها ، كما أخفى سائر الأشياء ، فإنه أخفى رضاه في الطاعات ، حتى يرغبوا في الكل ، وأخفى غضبه في المعاصي ليحترزوا عن الكل ، وأخفى وليه فيما بين الناس حتى يعظموا الكل ، وأخفى الإجابة في الدعاء ليبالغوا في كل الدعوات ، وأخفى الاسم الأعظم ليعظموا كل الأسماء ، وأخفى في الصلاة الوسطى ليحافظوا على الكل ، وأخفى قبول التوبة ليواظب المكلف على جميع أقسام التوبة ، وأخفى وقت الموت ليخاف المكلف ، فكذا أخفى هذه الليلة ليعظموا جميع ليالي رمضان .
وثانيها : كأنه تعالى يقول : لو عينت ليلة القدر ، وأنا عالم بتجاسركم على المعصية ، فربما دعتك الشهوة في تلك الليلة إلى المعصية ، فوقعت في الذنب ، فكانت معصيتك مع علمك أشد من معصيتك لا مع علمك ، فلهذا السبب أخفيتها عليك .. فكأنه تعالى يقول : إذا علمت ليلة القدر ، فإن أطعت فيها اكتسبت ثواب ألف شهر ، وإن عصيت فيها اكتسبت عقاب ألف شهر ، ودفع العقاب أولى من جلب الثواب .
وثالثها: أني أخفيت هذه الليلة حتى يجتهد المكلف في طلبها ، فيكتسب ثواب الاجتهاد .
ورابعها: أن العبد إذا لم يتيقن ليلة القدر ، فإنه يجتهد في الطاعة في جميع ليالي رمضان ، على رجاء أنه ربما كانت هذه الليلة هي ليلة القدر ، فيباهي الله تعالى بهم ملائكته ، ويقول : كنتم تقولون فيهم يفسدون ويسفكون الدماء ، فهذا جده واجتهاده في الليلة المظنونة ، فكيف لو جعلتها معلومة له ، فحينئذ يظهر سر قوله : إني أعلم ما لا تعلمون" (20) .
فينبغي للمؤمن أن يجتهد في جميع أيام وليالي هذه العشر طلبًا لليلة القدر ، اقتداءً بنبينا صلى الله عليه وآله وسلم .
ويبقى السؤال الأهم :
كيف أستعد للعشر الأواخر من رمضان ؟
يقوم الاستعداد الحقيقي المثمر على ثلاثة أركان :
الركن الأول : رغبة كالجبل : بمعنى أن تمتلك إرادة حقيقية قوية نابعة من أعماقك بضرورة الاستعداد لما أنت مقبل عليه .
الركن الثاني : تخطيط وعمل : بمعنى أن تخطط جيدًا لما تستعد له بتحديد هدف واضح معين ، ثم تضع الخطوات والإجراءات الكفيلة بتحقيق الهدف ، ثم تنفذ تلك الخطوات في الواقع العملي.   
الركن الثالث : صبر وأمل : بمعنى أن تكون صابرًا على جميع العقبات  الداخلية والخارجية التي ستواجهك في سبيل ما تستعد له ، مع ضرورة التحلي بالروح الإيجابية وحياة مشرقة بالأمل .
ولذلك فإن الاستعداد للعشر الأواخر من رمضان على قسمين :
استعداد واجب : ينبغي للمسلم أن يلتزم به في شهر رمضان المبارك وغيره .
استعداد مستحب : يستحب للمسلم أن يستعد به طلبًا لمزيد من الأجر والثواب وإدراكًا لفضيلة ليلة القدر.
        أولاً : الاستعداد الواجب :
1-أن تؤدي ما أوجب الله عليك من العبادات القولية والفعلية ، ومن أهمها : الصلوات الخمس المفروضة، فاحرص تمام الحرص على أدائها جماعة خصوصًا صلاتي العشاء والفجر، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من صلَّى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف اللَّيل، ومن صلَّى الصبح في جماعة فكأنما قام اللَّيل كلَّه) (21) ، وقال الشَّافعي في القديم (22) : "مَن شهد العشاء والفجر ليلة القدر، فقد أخذ بحظِّه منها" ا.هـ، وكذلك: صيام رمضان ، والزكاة ، وزكاة الفطر، ونحو ذلك .
2-أن تجتنب جميع ما حرم الله عليك من الأقوال والأفعال ، فلا يعقل أن تتقرب إلى ربك بترك المباح كالطعام والشراب ، ثم لا تتقرب إليه بترك ما حُرِّم عليك في كل حال ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (من لم يدع قول الزور والعمل به ، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) (23) ، وقال : (رُبَّ صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ، ورُبَّ قائم حظه من قيامه السهر) (24) ، والصائم مأمور بحفظ لسانه حتى وإن تعرض للأذى من غيره ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (الصيام جُنة ، وإذا كان يوم صوم أحدكم ، فلا يرفث ولا يصخب ، فإن سابه أحد أو قاتله ، فليقل إني امرؤ صائم) (25) .
ثانياً : الاستعداد المستحب :
ويتمثل في الهدي النبوي في العشر الأواخر من رمضان :
1-أن تخصّ جميع زمان العشر الأواخر من رمضان ليله ونهاره بمزيد من الاجتهاد والعبادة ، فعن أمنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره) (26) ، وقالت : كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل العشر شدّ مئزره) وفي لفظ : (وجدّ وشدّ المئزر) (27) ، وقد قال الشعبي في ليلة القدر : "ليلها كنهارها" ا.هـ ، وقال الشافعي في القديم (28): "أستحبُّ أن يكون اجتهاده في يومها كاجتهاده في ليلها" ا.هـ، "وهذا يقتضي استحباب الاجتهاد في جميع زمان العشر الأواخر ، ليله ونهاره" ا.هـ كما قرَّر ابن رجب (29).
2-أن تحيي ليالي العشر الأواخر بالتراويح أو القيام ، قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل العشر شدّ مئزره ، وأحيا ليله) (30) ، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه ) (31) ، وقال : (من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه ) (32) ، واحرص بالنسبة لصلاة التراويح أو القيام ألا تفوت على نفسك ثواب قيام ليلة كاملة بأن تصليها تامة مع الإمام حتى ينتهي منها ، قال نبينا صلى الله عليه وآله وسلم : (إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة) (33) .
3-أن تكثر من قراءة القرآن الكريم ليلاً ونهارًا ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما : (أن جبريل عليه السلام كان يلقى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن)  (34) ، وهكذا كان السلف الصالح يقرؤون القرآن في رمضان في الصلاة وغيرها ، وكان الأسود يقرأ في كل ليلتين في رمضان، وكان النخعي يفعل ذلك في العشر الأواخر منه خاصة، وفي بقية الشهر في ثلاث، وكان قتادة يختم في كل سبع دائمًا، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر في كل ليلة، وكان لأبي حنيفة والشافعي في رمضان ستون ختمة في غير الصلاة، وربما أشكل على بعضهم ثبوت النهي عن قراءة القرآن الكريم في أقل من ثلاث ، وأجاب ابن رجب عن ذلك، فقال (35): "وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك ، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصاً الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر ، أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها ، فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن ، اغتنامًا للزمان والمكان ، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة ، وعليه يدل عمل غيرهم" ا.هـ.
4-أن تعتكف في المسجد ، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ، ثم اعتكف أزواجه من بعده) (36) ، وحقيقة الاعتكاف : قطع العلائق عن الخلائق للإتصال بخدمة الخالق (37) ، ومذهب جمهور الفقهاء بأن الاعتكاف يتحقَّق ولو نوى المسلم مكث جزء من الزمن في المسجد ، وإن كان المستحب والأكمل والأفضل لديهم ألا يقل عن يوم وليلة (38) ، وقد صحّ عن الصحابي الجليل يعلى بن أمية رضي الله عنه أنه كان يقول : "إني لأمكثُ في المسجد الساعة ، وما أمكثُ إلا لأعتكف" (39) ، ومَن كان حريصًا مواظبًا على الاعتكاف أو نواه، فعجز عنه خلال هذا العام مع إغلاق المساجد والجوامع بسبب انتشار جائحة كورونا، فإنه يُرجى أن يكتب الله عز وجل له أجر الاعتكاف، لحديث أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إذا مَرِضَ العبدُ أو سافر، كُتبَ له مثل ما كان يعمل مُقيمًا صحيحًا) (40).
5-أن تكثر من الجود ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أجود الناس بالخير ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ، فلرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة) (41) ، والجود معناه الاستكثار من سائر أنواع الخير ، كالإنفاق ، وحسن الخلق ، وبر الوالدين ، وبذل الخير ، ونشر العلم ، والجهاد في سبيله ، وقضاء حوائج الناس ، وتحمل أثقالهم ، ومناصرة المستضعفين، والعمرة في رمضان ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (فإن عمرة في رمضان تقضي حَجَّة أو حَجَّة معي) (42) ، وإفطار الصائمين ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (من فطّر صائمًا كان له مثل أجره ، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً) (43) ، وغير ذلك .
6-أن تكثر من الدعاء وسؤال الله تعالى العفو والعافية، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : يا رسول الله ، أرأيت إن علمت أي ليلةٍ ليلةٌ القدر ، ما أقول فيها ؟ وفي لفظ : ما أدعو ؟ قال : (قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني) (44) ، وقد امتثلت عائشة رضي الله عنها لهذا الإرشاد النبوي ، فكانت تقول : (لو علمتُ أي ليلةٍ ليلةُ القدر ، لكان أكثرَ دعائي فيها أن أسألَ الله العفو والعافية) (45) ، وهذا من أفضل الأدعية ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال: يا رسول الله ، أي الدعاء أفضل ؟ قال: (تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة) ، ثم أتاه من الغد ، فقال : يا رسول الله ، أي الدعاء أفضل ؟ قال : (تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة) ، ثم أتاه اليوم الثالث ، فقال : يا رسول الله ، أي الدعاء أفضل ؟ قال : (تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة ، فإنك إذا أعطيتهما في الدنيا ، ثم أعطيتهما في الآخرة ، فقد أفلحت) (46) ، والدعاء مستجاب أثناء الصيام، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (ثلاثة لا يُرد دعاؤهم : الصائم حتى يُفطر) ، وفي لفظ : (والصائم حين يُفطر) (47) ، وخصوصًا قبل الإفطار ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (إن للصائم عند فطره لدعوة ما تُرد) (48) ، فينبغي عليك أن تكثر من الدعاء بصلاح دينك ودنياك وآخرتك ، ولا تنس أن تخصّ والدَيك وأهلك ومعارفك وإخوانك المسلمين في كل مكان بدعوات صالحات، قال النَّووي (49): "يستحبُّ للصَّائم أن يدعو في حال صومه بمهمَّات الآخرة والدُّنيا، له، ولمن يحب، وللمُسلمين" ا.هـ، وقال أيضًا (50) : "ويستحبُّ أن يُكثر فيها من الدَّعوات بمهمَّات المُسلمين؛ فهذا شعار الصَّالحين، وعباد الله العارفين" ا.هـ.
7-أن تشارك أهلك وأقاربك ومعارفك ومن حولك معك في العبادة ، وتعينهم عليها ، وتحثهم إليها ، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل العشر شدّ مئزره ، وأحيا ليله ، وأيقظ أهله) (51) ، وقال سفيان الثوري (52): "أَحبُّ إليَّ إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجَّد بالليل، ويجتهد فيه، ويُنهض أهله وولده إلى الصَّلاة إن أطاقوا ذلك" ا.هـ، وفي هذا جانب تربوي عظيم ، فبإصلاح الأسر تصلح المجتمعات ، وبإفسادها تفسد .
وأختم بدرة ذهبية للإمام ابن رجب الحنبلي حول الهدي النبوي في العشر الأواخر من رمضان حيث قال (53) : "قد كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يتهجَّد في ليالي رمضان ، ويقرأُ قراءةً مرتَّلةً ، لا يمرُّ بآيةٍ فيها رحمة إلَّا سأل ، ولا بآيةٍ فيها عذاب إلَّا تعوَّذ ، فيجمعُ بين الصَّلاة ، والقراءة ، والدُّعاء ، والتَّفكر ، وهذا أفضلُ الأعمال وأكملُها في ليال العشر وغيرها ، والله أعلم" ا.هـ.

فالسعيد والله من استعد لهذه العشر ، واغتنم أثمن لحظات العمر ، وفاز بجائزة ليلة القدر ، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من السعداء الفائزين .
وصلَّى الله على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا .
--------------------------------------

(1) رواه ابن ماجه في سننه (1644) ، وحسَّنه الألباني في صحيح الجامع (2247) .
(2) رواه أحمد في مسنده (10734) ، وحسَّنه الألباني في صحيح الجامع (5473) .
(3) رواه البخاري في صحيحه (1901) ، ومسلم في صحيحه (760) .
(4) رواه الترمذي في سننه (682) ، وابن ماجه في سننه (1642) ، وحسَّنه الألباني في صحيح الجامع (759) .
(5) رواه البخاري في صحيحه (6607) .
(6) لطائف المعارف (ص 216).
(7) الموسوعة الفقهية الكويتية (30/116) .
(8) رواه البخاري في صحيحه (2020) ، ومسلم في صحيحه (1169) .
(9) رواه البخاري في صحيحه (2015) ، ومسلم في صحيحه (1165) .
(10) رواه البخاري في صحيحه (2017) .
(11) قال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري (4/264-265) وهو يعدِّد الأقوال في ليلة القدر: (القول الحادي والعشرون: أنها ليلة سبع وعشرون، وهو الجادة من مذهب أحمد، ورواية عن أبي حنيفة، وبه جزم أبي بن كعب وحلف عليه .. وحكاه صاحب الحلية من الشافعية عن أكثر العلماء .. وقال صاحب الكافي من الحنفية وكذا المحيط: من قال لزوجته أنت طالق ليلة القدر طلقت ليلة سبع وعشرين؛ لأن العامة تعتقد أنها ليلة القدر)، ثم قال (4/266): (وأرجاها عند الجمهور ليلة سبع وعشرين) ا.هـ.
(12) رواه أحمد في مسنده (4808) ، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (2920) .
(13) رواه أحمد في مسنده (2149) ، وقال ابن رجب الحنبلي في لطائف المعارف (ص 199) : (إسناده على شرط البخاري)، وصحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (2/545)، وصحَّحه شعيب الأرناؤوط في تحقيقه للمسند (4/50) على شرط البخاري.
(14) رواه أبو داود في سننه (1386) ، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (5474) .
(15) رواه الترمذي في سننه (806) وقال : حديث حسن صحيح ، وأبو داود في سننه (1275) ، والنسائي في سننه (1605) ، وابن ماجه (1372) في سننه ، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (1615) .
(16) رواه مسلم في صحيحه (762) .
(17) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/250) بسند حسن .
(18) رواه البخاري في صحيحه (2018) ، ومسلم في صحيحه (1167) .
(19) رواه مسلم في صحيحه (1168) .
(20) مفاتيح الغيب (32/229-230) للفخر الرازي .
(21) رواه مسلم في صحيحه (656) .
(22) نقله النَّووي عنه في المجموع (6/451)، ثم قال: (هذا نصُّه في القديم، ولا يُعرف له في الجديد نصٌّ يخالفه، وقد قدَّمنا في مقدمة الشرح أنَّ ما نصَّ عليه في القديم، ولم يتعرَّض له في الجديد بما يخالفه ولا بما يوافقه، فهو مذهبه بلا خلاف) ا.ه.
(23) رواه البخاري في صحيحه (1903) .
(24) رواه أحمد في مسنده (8856) ، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (3490) .
(25) رواه البخاري في صحيحه (1904) ، ومسلم في صحيحه (1151) .
(26) رواه مسلم في صحيحه (1175) .
(27) رواه البخاري في صحيحه (2024) ، ومسلم في صحيحه (1174) .
(28) نقله النَّووي عنه في المجموع (6/451)، ثم قال: (هذا نصُّه في القديم، ولا يُعرف له في الجديد نصٌّ يخالفه، وقد قدَّمنا في مقدمة الشرح أنَّ ما نصَّ عليه في القديم، ولم يتعرَّض له في الجديد بما يخالفه ولا بما يوافقه، فهو مذهبه بلا خلاف) ا.ه.
(29) لطائف المعارف (ص 204).
(30) تقدم تخريجه.
(31) رواه البخاري في صحيحه (2009) ، ومسلم في صحيحه (759) .
(32) تقدم تخريجه.
(33) رواه أحمد في مسنده (21419) ، وأبو داود في سننه (1375) ، والترمذي في سننه (806) ، وقال : حديث حسن صحيح ، والنسائي في سننه (1364) ، وابن ماجه في سننه (1327) ، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (1615) .
(34) رواه البخاري في صحيحه (6) ، ومسلم في صحيحه (2308) .
(35) لطائف المعارف (ص 171).
(36) رواه البخاري في صحيحه (2026) ، ومسلم في صحيحه (1172) .
(37) لطائف المعارف (ص 191).
(38) الموسوعة الفقهية الكويتية (5/213) .
(39) رواه عبد الرزاق في مصنفه (4/345) بسند صحيح .
(40) تقدم تخريجه.
(41) رواه البخاري في صحيحه (2996).
(42) رواه البخاري في صحيحه (1863) ، ومسلم في صحيحه (1256) .
(43) رواه أحمد في مسنده (17033) ، والترمذي في سننه (807) ، وقال : حديث حسن صحيح ، وابن ماجه في سننه (1746) ، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (6415) .
(44) رواه أحمد في مسنده (25384) ، والترمذي في سننه (3513) ، وقال : حديث حسن صحيح ، وابن ماجه في سننه (3850) ، وصحَّحه الألباني في السلسلة الصحيحة (3337) .
(45) رواه النسائي في سننه الكبرى (10648) وعمل اليوم والليلة (878) ، وصحَّحه الألباني في السلسلة الصحيحة (7/1011) ، وقال : (الظاهر أنها لا تقول ذلك إلا بتوقيف) ا.هـ.
(46) رواه أحمد في مسنده (12291) ، والبخاري في الأدب المفرد (637) ، والترمذي في سننه (3512) ، وقال : حديث حسن غريب من هذا الوجه ، إنما نعرفه من حديث سلمة بن وردان ، وابن ماجه في سننه (3848) ، وصحَّحه الألباني في صحيح الأدب المفرد (496) .
(47) رواه أحمد في مسنده (8043) ، والترمذي في سننه (3598) ، وقال : حديث حسن ، وابن ماجه في سننه (1752) ، وابن حبان في صحيحه (7387) ، وصحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (8030) ، وشعيب الأرناؤوط في تحقيقه للمسند وغيره، قال النَّووي في المجموع (6/375): (وهكذا الرِّواية (حتَّى) بالتاء المثناة فوق، فيقتضي استحباب دعاء الصَّائم من أوَّل اليوم إلى آخره؛ لأنَّه يُسمَّى صائمًا في كلِّ ذلك) ا.هـ .
(48) رواه ابن ماجه في سننه (1753) ، وحسَّنه ابن حجر كما في الفتوحات الربانية (4/342) ، وشعيب الأرناؤوط في تحقيقه لسنن ابن ماجه .
(49) المجموع (6/375).
(50) الأذكار (ص 323).
(51) تقدم تخريجه.
(52) لطائف المعارف (ص 186).
(53) لطائف المعارف (ص 204).