الجمعة، 13 سبتمبر 2013

ما حكم قول بعض النَّاس : (جمعة مباركة) ؟!

ما حكم قول بعض النَّاس : (جمعة مباركة) ؟!
بقلم : عبد الله الحسيني


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد :
فمن العبارات المتداولة بين النَّاس قول بعضهم لبعض في ليلة الجُمعة ويومها(جُمعة مباركة)، ونحوها، وينبغي التَّفصيل فيها على النَّحو التالي :

1-إما أن يقولها المسلم عادةً :
فهي عادةٌ حسنةٌ محمودةٌ ، كقولنا : (صبحكم أو مساكم الله بالخير) ، وهي تعزِّز روح المحبة والمودة والألفة والسلام في ربوع المجتمع الإسلامي ، ولا يُختلف في أن هذا التعزيز مطلبٌ شرعيٌّ ، والأصل في العادات الإباحة ، كما هو مقرَّر في موضعه .

2-وإما أن يقولها المسلم عبادةً :
أ-فإن قيلت على سبيل الإخبار والتَّذكير ببركة هذا اليوم ، فهذا المقصد ينبغي ألا يُختلف في جوازه ، قال الله تعالى : (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) [الذاريات : 55] ، وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم كثيرًا ما يجدِّد الحديث عن مواسم الخيرات ، إخبارًا بعظيم فضلها ، وتذكيرًا لإدراك بركتها ، وترغيبًا في التعرّض لنفحاتها .
ب-وإن قيلت على سبيل الدُّعاء والتَّهنئة ، فهنا محل النِّزاع .
والذي يظهر أنَّه لا حرج فيها إن شاء الله ، لعدة اعتبارات :
أولًا : أن يوم الجمعة له فضائل ومزايا وخصوصية على سائر أيام الأسبوع ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ) [أخرجه مسلم في صحيحه (854)] .
قال الإمام النَّووي رحمه الله تعالى في شرح صحيح مسلم (6/142) :
(في هذا الحديث فضيلة يوم الجمعة ، ومزيته على سائر الأيام) ا.هـ
ثانيًا : أن في يوم الجمعة ساعة مباركة يُستجاب فيها الدُّعاء ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذَكَرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ ، فَقَالَ : (فِيهِ سَاعَةٌ ، لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي ، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا ، إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ) [متَّفق عليه : البخاري (935) ، ومسلم (852)] .
قال الإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى في فتح الباري (2/422) :
(فيه فضل الدعاء ، واستحباب الإكثار منه) ا.هـ
ثالثًا : أن يوم الجمعة عيد أسبوعي للمسلمين ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (إِنَّ هَذَا يَوْمُ عِيدٍ ، جَعَلَهُ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ ، فَمَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ ، وَإِنْ كَانَ طِيبٌ فَلْيَمَسَّ مِنْهُ ، وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ) [رواه ابن ماجه في سننه (1098) ، وحسَّنه الألباني] ، وقد ثبتت الأدعية والتهاني في العيدين عن السَّلف الصالح .
ولهذه المسألة نظائر ، مثل قول بعضهم بعد الصلاة (تقبَّل الله منا ومنك) ، فقد أفتى فيها فضيلة الشَّيخ ابن باز رحمه الله تعالى في فتاوى نور على الدرب (9/220-221) بما نصُّه :
(لا حرج في ذلك إذا قال لأخيه : (تقبَّل الله منا ومنك) ، بعد الصلاة ، أو عند الخروج من المسجد ، أو عند اللقاء من صلاة الجنازة ، أو من اتباع الجنائز ، أو من صلاة الجمعة ، كل هذا خيرٌ إن شاء الله ، لا حرج في ذلك ، فالمسلم يدعو لأخيه بالقبول والمغفرةا.هـ


وقال رحمه الله تعالى أيضًا في مجموع الفتاوى (13/25) :
(لا حرج أن يقول المسلم لأخيه في يوم العيد أو غيره : (تقبَّل الله منا ومنك أعمالنا الصالحة) ، ولا أعلم في هذا شيئًا منصوصًا ، وإنما يدعو المؤمن لأخيه بالدعوات الطيبة ؛ لأدلة كثيرة وردت في ذلك) ا.هـ



فالمسألة اجتهاديَّة لا يُشدَّد فيها ، والله أعلم بالصَّواب .

والحمد لله رب العالمين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق