تبيينُ الأَمْر في الجواب عمَّا
أُشكل في حديث: (رأسُ الأَمْر)
بقلم: عبد الله بن محمَّد سعيد الحُسيني
الحمد لله، وسلامٌ على عباده الذين
اصطفى، وبعدُ:
فقد ذَكَرَ شيخُ الإسلام محيي
الدِّين أبو زكريَّا يحيى بن شرف بن مِرَى النَّووي (المتوفَّى 676 هـ) -تغمَّده
الله تعالى بواسع رحمته- في مصنَّفاته: (بُستان العارفين)، و(الأذكار)، و(الأربعين في مباني
الإسلام وقواعد الأحكام)، و(رياض الصَّالحين) حديثَ الصَّحابي الجليل معاذ بن جبل
رضي الله عنه بلفظ: (أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ، وَعَمُوِدِهِ، وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ؟
الجِهَادُ)، واكتَفَى بعزوه إلى (سُنن الإمام التِّرمذي).
بستان
العارفين، مكتبة راشد أفندي، رقم (348) [17/ب-18/أ]
الأذكار، مكتبة عاطف أفندي، رقم (1524) [193/ب-194/أ]، [239/ب-240/أ]
الأربعين في
مباني الإسلام وقواعد الأحكام، مكتبة المسجد الأقصى، رقم (62) (ف 95) [31]
الأربعين في
مباني الإسلام وقواعد الأحكام، المكتبة اليعقوبيَّة العبَّاسيَّة، (ص 199)
رياض
الصالحين، مكتبة آيا صوفيا، رقم (1835) [210/ب]
مع أنَّ لفظ الحديث في النُّسخ التي
بين أيدينا من (سُنن الإمام التِّرمذي) -في أبواب الإيمان، باب ما جاء في حرمة
الصَّلاة، رقم (2616)- هكذا:
(أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ، وَعَمُوِدِهِ، وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ؟
قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلَامُ،
وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الجِهَادُ).
سنن
التِّرمذي، مكتبة كوبريلي، رقم (295) [95]
وظاهرُ هذا اللَّفظ أنَّ ما تحته
خطّ سَقَطَ من الإمام النَّووي.
والجواب عن ذلك من عدَّة وجوه:
الوجه الأوَّل: أنَّه
تَبِعَ الإمامَ تقي الدِّين أبا عَمرو عثمان بن عبد الرَّحمن ابن الصَّلاح (المتوفَّى
643 هـ) في ذِكر لفظ الحديث وتخريجه كما في (مجلس الأحاديث الكُلِّيَّة)،
ويظهرُ ذلك جليًّا من خلال تتبُّع (26) حديثًا التي نَقَلَها لفظًا وتخريجًا
وحُكمًا باختصار عنه في (بُستان العارفين) (ص 76-90) ومقارنتها بأحاديث (الأربعين
في مباني الإسلام وقواعد الأحكام).
وأشار الإمام سراج الدِّين أبو حفص
عمر بن علي ابن الملقِّن (المتوفَّى 804هـ) إلى هذا الوجه، فقال في (المعين على
تفهُّم الأربعين) (ص 345-346):
(وكأنَّه قَلَّدَ في ذلك: الشَّيخ
تقي الدِّين ابن الصَّلاح، فإنَّه قال في كتابه: "بُستان العارفين" -ولم
يُكمله-: "ممَّا ينبغي أن يُعْتنَى به بيان الأحاديث التي قيل أنَّها أصول
الإسلام، أو أصول الدِّين، أو عليها مدار الإسلام، أو مدار الفقه، أو العلم، وقد
اختلفت العلماء في عددها اختلافًا كبيرًا، وقد اجتَهدَ في جمعها وتبيينها: ابن الصَّلاح،
ولا مزيد على تحقيقه"، فَذَكَرَها إلى أن جاء إلى هذا الحديث، فذكرَهُ
بالإسقاط المذكور سواء، فاستفدهُ، فإنَّه يُساوِي رُحلَة، والعجبُ أنَّ أحدًا من شرَّاحه،
كابن فرح القرطبي، والفاكهي، وغيرهما، لم يُنبِّهوا عليه، ولله الحمد عليه وعلى
جميع نعمه) ا.هـ.
بستان
العارفين، مكتبة راشد أفندي، رقم (348) [15/ب]، [18/ب]
الوجه الثَّاني: أنَّ
الإمامَين ابن الصَّلاح والنَّووي أَثْبَتَا هُنا لفظ (سُنن الإمام ابن ماجه) -في أبواب
الفتن، باب كفِّ اللِّسان في الغيبة، رقم (3973)-، واكتفَيَا بعزوه إلى (سُنن
الإمام التِّرمذي) حتَّى يَنقلَا تصحيحه للحديث، وفاتَهُمَا العزو إلى الأوَّل أو يُحتمل سقوطه، خصوصًا أنَّ الإسناد في سُننهما واحدٌ من أوَّله إلى آخره.
وأشار الإمام ابن الملقِّن أيضًا إلى وجه قريب من هذا، فقال في (المعين على تفهُّم الأربعين) (ص 346):
(ثمَّ رأيتُ بعد ذلك "سُنن ابن
ماجه"، فوجدتُهُ ذَكَرَهُ كما ذَكَرَهُ المصنِّف سواءً، لكنَّه لم يعزه إليه
حتَّى يُعتذَر عنه) ا.هـ.
سنن الإمام ابن
ماجه، دار الكتب المصريَّة، الخزانة التيمورية - الحديث، رقم (522) المجلَّد الثَّاني
[335]
وهذه
النُّسخة من مسموعات النَّووي وعليها تصحيح بخطِّ شيخه الشَّمس ابن أبي عمر
المقدسي سنة 662 هـ
الوجه الثَّالث: أنَّ الإمامَين ابن الصَّلاح والنَّووي
اختَارَا لفظ (سُنن الإمام ابن ماجه)؛ لأنَّه أنسب لمضمون الأحاديث الكُلِّيَّة الجوامع
التي عليها مدار الإسلام وذلك بصورة أعم وأشمل، فقد قَرَنَ اللهُ تعالى الجهاد -بمعناه
الواسع- بالهداية، فقال: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِيْنَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ
سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [العنكبوت:69]، أي: أنَّ مَن بَذَلَ
جهده ووسعه في امتثال أوامر الله تعالى واجتناب نواهيه -ويدخل فيه: جهاد النَّفس والأعداء-
فقد هُدِيَ إلى طريق الجنَّة وسَلِمَ من النَّار، وبهذا يتحقَّق مقصود السَّائل
عمَّا يُدخله الجنَّة ويُباعده من النَّار.
وأشار الإمام نجم الدِّين سُليمان
بن عبد القوي بن عبد الكريم الطُّوفي (المتوفَّى 716 هـ) إلى هذا الوجه، فقال في (التَّعيين
في شرح الأربعين) (ص 223) [1]:
(قوله:
"أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ" إلى آخره؛ لأنَّ الجهاد مقرونٌ
بالهداية، بدليل قوله عزَّ وجلَّ: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِيْنَا
لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ
اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [العنكبوت:69]، والهداية محصلة لمقصود هذا السَّائل،
إذ يلزمها: دخول الجنَّة، والمباعدة عن النار، فلا جرم كان الجهاد رأس أمر السَّائل،
وعموده، وذروة سنامه)ا.هـ.
الوجه الرَّابع: أنَّ الإمامَين ابن الصَّلاح والنَّووي ذَكَرَا هذا اللَّفظ من رواية أو نسخة مُعتمدة أُخرى لـ: (سُنن الإمام التِّرمذي) غير الرِّواية أو النُّسخة المشهورة المتداولة، حيث صرَّح الإمام النَّووي في عدَّة مواضع من مصنَّفاته المختلفة باختلاف نُسَخِها والحُكمِ على الأحاديث فيها، فاستفاد من نُسَخها المعتمدة ونَقَل وأفاد، وحذَّر من سقيمها فأحسَن وأجاد.
***
وهناك
وجوهٌ أخرى أراها مُستبعدة، وبعضها أشدّ بُعدًا من بعض، منها:
الوجه الأوَّل: وجود سَقْط في نسخة الإمام النَّووي من (سُنن
الإمام التِّرمذي).
وأشار
الإمام زين الدِّين أبو الفضل عبد الرَّحيم بن الحسين بن عبد الرَّحمن العِرَاقي (المتوفَّى
806 هـ) إلى هذا الوجه، فقال في (أماليه) -نقله عنه تلميذه الإمام البوصيري (المتوفَّى
840 هـ) في حاشيته على (الأربعين)-:
(سَقَطَ
من الأربعين للشَّيخ محيي الدِّين النَّووي من قوله: "وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ؟ قُلْتُ:
بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلَامُ،
وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الجِهَادُ"، وكذا سَقَطَ من "الأذكار"،
وسببُ ذلك: سقوطُهُ من نُسختِهِ من التِّرمذي، والله أعلم)ا.هـ.
الأربعين
النَّووية، حاشية بخط البوصيري، مكتبة راغب باشا، رقم (1470) [252/ب]
وهذا
الوجه كان يمكن التَّسليم به فيما لو كانت لدى الإمام النَّووي نسخة واحدة من (سُنن الإمام التِّرمذي)، لكن الذي يظهر
جليًّا من صنيعه في عدَّة مواضع من مصنَّفاته المختلفة أنَّه اطَّلع على
أكثر من نُسخة، وميَّز بينها، ورجَّح بين الأصول المعتمدة منها من غير المعتمدة، ممَّا
يجعلنا نستبعده.
الوجه الثَّاني: أنَّ السَّقط كأنَّما كان بسبب انتقال
نَظَر الإمام النَّووي من موضع لآخر، فسَقَطَ
منه سطر.
وأشارَ الإمام ابن الملقِّن إلى
هذا الوجه، فقال في (المعين على تفهُّم
الأربعين) (ص 345):
(هذا الحديث سَقَطَ منه سطرٌ، لا يستقيمُ الكلام بدونه، وهو
ثابتٌ في أصل التِّرمذي،كأنَّ المصنِّفَ انتَقَلَ نَظَرُهُ مِن لفظة إلى أُخرى،
وهذا لفظُهُ فيه: "ثُمَّ قَالَ: "أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ،
وَعَمُودِهِ، وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ الله، قَالَ:
"رَأْسُ الأَمْرِ: الإسلامُ، وَعَمُودُهُ: الصَّلاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ:
الجِهادُ"، ثُمَّ ذَكَرَ البَاقِي، ولا يستقيمُ الكلام بدون هذه الزِّيادة،
فانتَقَلَ نَظَرُهُ من "سنامه" إلى "سنامه"، وقد وَقَعَ له كذلك
في كتابه: الأذكار) ا.هـ.
وهذا
الوجه كان يمكن التَّسليم به أيضًا لو لم يقع منه إلَّا في هذا الموضع، لكنَّه ذَكَره
بالسِّياق نفسه في أربعة مواضع أُخرى من مصنَّفاته المختلفة -كما تقدَّم-خلال سنوات
متفرِّقة، وهي كالتَّالي: (بُستان العارفين) -في موضع- الذي بدأ فيه: سنة 665هـ، و(الأذكار)
-في موضعَين- الذي فرغ منه: سنة 667 هـ، و(رياض الصَّالحين) -في موضع- الذي فرغ
منه: سنة 670 هـ، كما أنَّ الكتب
الثَّلاثة الأخيرة قُرئت عليه مرارًا، وقُوبلت نُسَخها على نُسخته تكرارًا، وسياق
الحديث في جميعها واحدٌ، ممَّا يجعلنا نستبعده كذلك، وأمَّا ما ذَكَرَهُ عن عدم
استقامة الكلام بدون الزِّيادة، فقد تقدَّم الجواب عنه في الوجه الثَّالث.
الوجه الثَّالث: وَقَعَ ذِكر السَّقط في بعض نُسخ (الأربعين)، فيُحتمل أنَّ
الإمام النَّووي أَلْحَقَهُ بعد ذلك، ولم ينتبه النُّسَّاخ لذلك، فأسقطوه، أو ألحَقَهُ
بعض تلامذته أو غيرهم.
وأشارَ الإمام شهاب الدِّين أبو العبَّاس أحمد بن محمَّد
ابن حجر الهَيْتَمِي (المتوفَّى 974 هـ) إلى هذا الوجه، فقال في (الفتح
المبين بشرح الأربعين) (ص 486) [2]:
(ويَقَعُ في بعض نُسخ المتن ذِكر ذلك الإسقاط، فيُحتمل
أنَّ المصنِّف تنبَّه له بعدُ فأَلحَقَهُ، ويُحتمل أنَّه مِن فِعل بعض تلامذته أو
غيرهم) ا.هـ.
وهذا
الوجه مردودٌ قطعًا؛ لأنَّ الإمام النَّووي ذَكَره بالسِّياق نفسه في أربعة مواضع
أخرى -كما تقدَّم-، وَوَرَدَ كذلك في النُّسخ الخطِّيَّة النَّفيسة لهذه
المصنَّفات المقروءة على الإمام علاء الدِّين أبي الحسن علي بن إبراهيم ابن
العطَّار (المتوفَّى 724هـ) -راوية كتب الإمام النَّووي الملقَّب بالنَّواوي
الصَّغير أو مختصَر النَّووي أو المختصَر- والمنقولة والمقابلة على نسخته، عن نسخة
شيخه المصنِّف، والتي قرأها هو أو سمعها عليه وفق التَّواريخ التَّالية: (الأربعين)
يوم الثُّلاثاء 12 من شهر رمضان سنة 673 هـ، و(رياض الصَّالحين) في مدَّة آخرها:
28 من شهر رمضان سنة 674 ه، و(الأذكار) في مدَّة آخرها: يوم الثُّلاثاء 12 من شهر جمادى
الأولى سنة 676 ه، وفي جميعها لم يرد الحديث إلَّا بهذا السِّياق.
ثمَّ وقفتُ على نسخة خطِّيَّة لكتاب (الأذكار) أُثبتت فيها
الزِّيادة في الحاشية، ونُسبت إلى الإمام ابن العطَّار، حيث قال النَّاسخُ بعدها في
الموضع الأوَّل:
(أَلحَقَهُ الشَّيخُ الإمام ابن العطَّار من كتاب التِّرمذي
بعد وفاة المصنِّف، رحمة الله ورضوانه عليهم) ا.هـ.
وقال في الموضع الثَّاني:
(أَلحَقَ الشَّيخُ ابن العطَّار -رحمه الله- بعد موت
الشَّيخ من التِّرمذي) ا.هـ.
الأذكار، مكتبة نور عثمانية، رقم (642) [183/ب]، [226/ب]
والجواب عن ذلك كالتَّالي:
أوَّلًا: لم أقف على هذا اللَّحق المنسوب للإمام ابن
العطَّار إلَّا في هذه النُّسخة المتأخِّرة المنسوخة سنة 975 هـ التي تفرَّدت به،
ولم يُذكر فيها الأصل المعتمد المقابل عليه.
ثانيًا: أنَّ هذا اللَّحق مخالفٌ لسائر النُّسخ
الخطِّيَّة النَّفيسة المحفوظة للكتاب التي نسخها غير واحد خلال
فترات زمنيَّة متفاوتة وقرأوها على
الإمام ابن العطَّار وقابلوها بأصله المقروء على الإمام النَّووي، وجميعها فيها
بلاغات أو إجازات بخطِّه.
الأذكار، مكتبة تشستربيتي، رقم (4962)، [227]، بخطِّ:
الشَّيخ ابن الزَّمَلْكَانِي (727 هـ) سنة 695هـ
الأذكار، مكتبة تشستربيتي، رقم (3049)، [275/ب] بخطِّ: الشَّيخ الشهاب الميداني، سنة 706 هـ
الأذكار، مكتبة
عاطف أفندي، رقم (1524) [239/ب-240/أ]، بخطِّ الشَّيخ الجمال داود ابن العطَّار (المتوفَّى
752 هـ) سنة 712 هـ
ثالثًا: لو ثَبَتَ هذا اللَّحق عن الإمام ابن العطَّار، فحقُّه
أن يُنبَّه عليه في الحاشية لا المتن، كما فعل النَّاسخ هنا.
***
وأختمُ
بحاشية نفيسة لأحد أهل العلم وقفتُ عليها ضمن نسخة خطِّيَّة قيِّمة لكتاب (الأذكار)
في الموضع نفسه، ردَّ فيها على إلحاق بعضهم لهذه الزِّيادة في المتن، فقال ما
نصُّه -بعدما ساق الزِّيادة في الحاشية-:
(هذا
أُلحِقَ بعد مَوتِ المصنِّف مِن كتاب التِّرمذي، فيُقرَأُ كما وَقَعَ، ويُنبَّه
عليه) ا.هـ.
الأذكار، المكتبة
الأزهريَّة خصوصية (116) عمومية (2302) مجاميع [133/ب]
نُسخت سنة
801 هـ، ومقابلة على عدَّة نُسخ
قلتُ: لله درُّه، وعلى الله أجره، فهذا من أهمِّ أصول التَّحقيق العلمي التي ينبغي
مراعاتها والتزامها، وذلك بإثبات النُّصوص التُّراثيَّة كما وَقَعَتْ -خصوصًا في
النُّسخ الخطِّيَّة النَّفيسة-، مع إمكانيَّة التَّنبيه في الحاشية.
ومن
المؤسف حقًّا تجاسر جُلّ القائمين على طبعات: (بُستان العارفين)، و(الأذكار)، و(الأربعين)، و(رياض
الصَّالحين) في مخالفة هذا الأصل، وذلك بإقحام هذه الزِّيادة في متونها -إلَّا مَن رحم ربِّي- مع عدم ورودها أصلًا في أيِّ نُسخةٍ خطِّيَّةٍ نفيسةٍ مُعتمدة، فإلى
الله المشتكَى.
***
والخلاصة: أنَّ الإمام ابن الصَّلاح اختار لفظ (سُنن الإمام ابن
ماجه)؛ لأنَّه أكثر مناسبة لمضمون الأحاديث الكُلِّيَّة، وعزاه إلى (سُنن الإمام
التِّرمذي)؛ لأنَّه رواية أو من نُسخة مُعتمدة أُخرى غير الرِّواية أو النُّسخة المشهورة
المتداولة، وحتَّى ينقل تصحيحه له، ومع أنَّ إسنادهما واحدٌ فقد فاتَهُ العزو إلى
(سُنن الإمام ابن ماجه)، وتَبِعَهُ في ذلك الإمام النَّووي، ولو احتُمِلَ وجود سقطٍ
فيه ففي العزو والتَّخريج لا المتن، ويُنبَّه عليه في الحاشية، وبهذا يرتفعُ الإشكال إن
شاء الله.
هذا
والله أعلم.
وصلَّى
الله على نبيِّنا محمَّد، وعلى آله، وصحبه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
----------------
[1] انظر: (التَّبيين
في شرح الأربعين) (ص 144)، و(الفتح المبين بشرح الأربعين) (ص 488)، و(حاشية المدابغي
على الفتح المبين) (ص 486)، (الفتوحات الرَّبَّانيَّة على الأذكار النَّواويَّة) (6/364-365).
[2] انظر: (حاشية المدابغي على الفتح المبين) (ص 486)، و(الفتوحات الرَّبَّانيَّة على الأذكار النَّواويَّة) (6/364).