الخميس، 3 فبراير 2022

دَرُّ السَّحائب فيما قرَّره الإمام النَّووي في صلاتَي النِّصف والرَّغائب

 

دَرُّ السَّحائب فيما قرَّره الإمام النَّووي في صلاتَي النِّصف والرَّغائب

عبد الله محمَّد سعيد الحسيني

        الحمد لله، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، وبعد:

فهذه مقالةٌ جمعتُ فيها ما تفرَّق من تقرير الإمام أبي زكريَّا محيي الدِّين يحيى بن شرف بن مِرَى النَّووي الدِّمشقي (631 هـ-676 هـ) -تغمَّده الله تعالى بواسع رحمته- عن صلاتَي النِّصف من شعبان والرَّغائب، وتحذيره الشَّديد منهما، حيث قرَّر ما يلي:

1-أنَّ هاتين الصَّلاتين لم يصلِّهما النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم، ولا أحد من الصَّحابة رضي الله عنهم، ولا أحد من الأئمَّة الأربعة، ولا أشار أحدٌ منهم بصلاتهما، ولم يفعلهما أحدٌ ممَّن يُقتدى به.

2-أنَّه لم يصحَّ فيهما شيءٌ عن النَّبي صلَّى الله عليه وسلم، ولا عن أحد يُقتدى به، والحديث المرويُّ في صلاة الرَّغائب باطلٌ موضوعٌ، ودلائل قبحها وبطلانها وتضليل فاعلها أكثر من أن تُحصر.

3-أنَّ هاتين الصَّلاتين أُحدثتا في الأعصار المتأخِّرة، وهما بدعتان مذمومتان، ومُنكران قبيحان، لا أصل لهما، وأشدّهما ذمًّا الرَّغائب؛ لما فيها من التَّغيير لصفات الصَّلاة، ولتخصيص ليلة الجمعة.

4-أنَّه يتعيَّن على العلماء التَّحذيرُ منهما، وإشاعةُ النَّهي عنهما، وإنكارُها على فاعلهما، والإعراضُ عنهما أكثر ممَّا على غيرهم؛ لأنَّهم يُقتدى بهم.

5-أنَّه يتعيَّن على وليِّ الأمر -وفَّقه الله تعالى- منعُ الناس من فعلهما، فإنَّه راع، وكلُّ راع مسؤولٌ عن رعيَّته.

6-أنَّه ينبغي لكلِّ أحد أن يمتنع منهما، ويحذر منهما، وينفر عنهما، ويقبِّح فعلهما، ويشيع النَّهي عنهما.

7-ألَّا يغترَّن أحدٌ بغلطات المخطئين فيهما أو فعل الجاهلين، فإنَّهم غالطون في ذلك، مخالفون لسائر الأمَّة، والاقتداء إنَّما يكون برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، لا بما نهى عنه، وحذَّر منه.

8-أنَّ جماعة من الأئمَّة صنَّفوا مصنَّفات نفيسة في تقبيح صلاة الرَّغائب وذمِّها وتضليل مصلِّيها ومبتدعها.

9-سؤال الله تعالى أن يعيذنا من المبتدعات، ويحمينا من ارتكاب المخالفات، داعيًا على واضع صلاة الرَّغائب ومخترعها.

وقد رجعتُ فيها إلى أنفس النُّسخ الخطِّيَّة لمصنَّفاته المنقول منها -إضافةً للمطبوع- ما استطعتُ إلى ذلك سبيلًا، والله الموفِّق والمستعان.

أولًا: فتوى الإمام النَّووي كما في ملحقات «المساجلة العلميَّة«:

·       وصف النُّسخة الخطِّيَّة:

نسخة خطِّيَّة نفيسة فريدة منها بخطِّ أحمد بن الحُسين بن بشارة، تقع بعد ثلاث رسائل في صلاة الرَّغائب، نقلها عن خطِّ الشَّيخ الفقيه نجم الدِّين أبي علي حسن بن هارون بن حسن الهَذَباني الدِّمشقي الشَّافعي (المتوفَّى 699 هـ) [1] -تلميذ الإمام النَّووي-، وفرغ منها يوم الاثنين 13 من شهر ذي القعدة سنة 712 هـ، ولم أستطع الوقوف عليها، فاعتمدتُ على طبعة المكتب الإسلامي، لـ (مساجلة علميَّة) (ص 45-47) بتحقيق الشَّيخين الفاضلين: محمَّد ناصر الدِّين الألباني، ومحمَّد زُهير الشَّاويش -رحمهما الله تعالى-.


·       نصُّ فتوى الإمام النَّووي:

رأيتُ بخطِّ الشَّيخ نجم الدِّين حسن الهَذَبَاني -رحمه الله-، أحد أصحاب الشَّيخ الإمام العالم العلَّامة القُدوة شيخ الإسلام أبي زكريَّا يحيى بن شرف النَّووي -رحمه الله تعالى- ما صورتُهُ:

سُئل شيخنا الإمام العالم العامل الحافظ المتقن المحقِّق محيي الدِّين -رضي الله عنه- عن فُتيا صورتها:

ما يقولُ السَّادة العلماء أئمَّة الدِّين -رضي الله عنهم- في صلاة الرَّغائب، وصلاة نصف شعبان الجارية بهما عادة النَّاس الآن، هل صلَّاهما النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، أو أحد من الصَّحابة -رضي الله عنهم أجمعين-، أو صلَّاهما أحد من الأئمَّة الأربعة المشهورين، أعني: الإمام أبا حنيفة، والإمام الشَّافعي، ومالكًا، وأحمد بن حنبل، أو أشاروا بصلاتهما؟ وهل ورد فيهما شيء عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم؟ وهل هما موافقتان لمراد الشَّارع أم لا؟ وهل الأَولى فعلهما أو تركهما؟ وهل الوقيد في هاتين اللَّيلتين الخارج عن العادة حرام أو مكروه أو مباح؟ أفتونا مأجورين.

فكَتَبَ في الجواب:

(الحمد لله.

هاتان الصَّلاتان لم يصلِّهما النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ولا أحد من الصَّحابة -رضي الله عنهم-، ولا أحد من الأئمَّة الأربعة المذكورين -رحمهم الله-، ولا أشار أحد منهم بصلاتهما، ولم يفعلهما أحد ممَّن يُقتدى به.

ولم يصحَّ عن النَّبي صلَّى الله عليه وسلم فيهما شيء، ولا عن أحد يُقتدى به، وإنَّما أُحدثتا في الأعصار المتأخِّرة، وصلاتهما من البدع المنكرات، والحوادث الباطلات [2].

وقد صحَّ عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال: (إيَّاكم ومُحدثات الأمور، فإنَّ كلَّ بدعةٍ ضلالةٌ) [3].

وفي «الصَّحيحين« عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (من أَحدثَ في دينِنا ما ليس منه فهو رَدٌّ) [4].

وفي «صحيح مسلم« أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (من عَمِلَ عملًا ليس عليه أَمرُنا فهو رَدٌّ) [5].

وينبغي لكلِّ أحد أن يمتنع من هذه الصَّلاة، ويحذر منها، وينفر عنها، ويقبِّح فعلها، ويشيع النَّهي عنها.

فقد صحَّ عن النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال: (مَن رأى منكم مُنكرًا فليغيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه) [6].

وعلى العلماء من التَّحذير منها، والإعراض عنها أكثر ممَّا على غيرهم؛ لأنَّهم يُقتدى بهم.

ولا يغترَّن أحدٌ بكونها شائعة يفعلها العوام وشبههم، فإنَّ الاقتداء إنَّما يكون برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، لا بما نهى عنه، وحذَّر منه.

وأمَّا إيقاد النَّار وإتلاف الزَّيت الكثير فيه على الوجه المعتاد فمن المنكرات والقبائح المحرَّمات.

وقد صحَّ أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم نهى عن إضاعة المال [7]، ومعناه: إخراجه في غير وجهه المأذون فيه، وهذا من ذلك.

(فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [سورة النُّور:63].

أعاذنا الله من المبتدعات، وحمانا من ارتكاب المخالفات، والله أعلم) [8].

ثانيًا: كلام الإمام النَّووي في «المجموع شرح المهذَّب«:

·       وصف النُّسخة الخطِّيَّة:

نسخة خطِّيَّة نفيسة من المجلَّد الثَّالث منه، محفوظة في مكتبة آيا صوفيا رقم (1291)، بخطِّ: محمَّد بن محمَّد بن محمَّد بن محمَّد ابن الشَّاميَّة، وعليها تملُّكات ووقفيَّات وتصحيحات، ويقع الكلام فيها في [114/ب].

·       نصُّ كلام الإمام النَّووي في «المجموع« (4/56):

(الصَّلاة المعروفة بصلاة الرَّغائب: وهي ثنتا عشرة ركعة، تُصلَّى بين المغرب والعشاء ليلة أوَّل جُمعة في رجب.

وصلاة ليلة نصف شعبان: مائة ركعة.

وهاتان الصَّلاتان بدعتان مذمومتان، ومُنكرتان قبيحتان.

ولا يُغترُّ بذكرهما في كتاب: «قُوت القلوب« [9]، و«إحياء علوم الدِّين« [10]، ولا بالحديث المذكور فيهما، فإنَّ كلّ ذلك باطلٌ.

ولا تغترّ ببعض مَن اشتبه عليه حكمهما من الأئمَّة، فصنَّف ورقات في استحبابهما، فإنَّه غالط في ذلك [11].

وقد صنَّف الشَّيخ الإمام أبو محمَّد عبد الرَّحمن بن إسماعيل المقدسي كتابًا نفيسًا في إبطالهما [12]، فأحسَنَ وأجادَ -رحمه الله-).

ثالثًا: كلام الإمام النَّووي في «خلاصة الأحكام في مهمَّات السُّنن وقواعد الإسلام«:

·       وصف النُّسخة الخطِّيَّة:

نسخة خطِّيَّة نفيسة منه، محفوظة في دار الكتب المصريَّة رقم (209 حديث)، وعنها صورة في مركز الملك فيصل للبحوث والدَّراسات الإسلاميَّة رقم (1492-ف)، بخطِّ المحدِّث تقي الدِّين محمَّد بن الحسن اللَّخْمي ابن الصَّيرفي (680 هـ-738 هـ)، نسخها عن نسخة بخطِّ المصنِّف، وفيها بلاغات مقابلة عليها، ويقع الكلام فيها في [76/ب-77/أ].


·       نصُّ كلام الإمام النَّووي في «خلاصة الأحكام« (1/615-616):

(باب بيان حُكم الصَّلاتين المسمَّاتين بصلاتَي النِّصف والرَّغائب:

فصلاة الرَّغائب: ثنتا عشرة ركعة في ليلة أوَّل جمعة من رجب.

وصلاة النِّصف: مائة ركعة، ليلة نصف شعبان.

وهما بدعتان مذمومتان، ومُنكرتان، وأشدُّهما ذمًّا الرَّغائب؛ لما فيها من التَّغيير لصفات الصَّلاة، ولتخصيص ليلة الجمعة.

والحديث المرويُّ فيها باطلٌ، شديدُ الضَّعف، أو موضوعٌ [13].

ولا يُغترُّ بكونهما في «قُوت القلوب«، و«الإحياء«، ولا بمَن اشتبه عليه الصَّواب فيهما، فذكر ورقات في استحبابهما، فإنَّهم غالطون في ذلك، مخالفون لسائر الأمَّة.

وقد قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (إيَّاكم ومُحدثات الأمور، فإنَّ كلَّ بدعةٍ ضلالةٌ).

وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: (من عَمِلَ عملًا ليس عليه أَمرُنا فهو رَدٌّ).

وهاتان مُحدثتان، لا أصل لهما.

والحديث الوارد في «سنن ابن ماجه« وغيره [14] في صلاة النِّصف ضعيفٌ).

رابعًا: كلام الإمام النَّووي في «المنثورات وعيون المسائل المهمَّات«:

·       وصف النُّسخة الخطِّيَّة:

نسخة خطِّيَّة نفيسة منه، محفوظة في مكتبة جامعة لايبزيك رقم (851)، وهي مقابلة على أصل مُعتمد بدلالة الإلحاق والتَّصحيح، وعليها عدَّة تملُّكات، نُسخت يوم الخميس مستهل جمادى الأول ستة 716 هـ، ويقع الكلام فيها في [11/ب]، وزوَّدني بها فضيلة الشَّيخ المحقِّق المفيد الدُّكتور محمَّد بن يوسف الجُوراني، جزاه الله تعالى خير الجزاء.

·       نصُّ كلام الإمام النَّووي في «المنثورات« (ص 57-58):

(مسألة: صلاة الرَّغائب المعروفة في أوَّل ليلة جمعة من رجب، هل هي سُنَّة أو فضيلة أو بدعة؟

الجواب:

هي بدعةٌ قبيحةٌ مُنكرةٌ أشدّ إنكار، مُشتملة على مُنكرات.

فيتعيَّن تركُها، والإعراضُ عنها، وإنكارُها على فاعليها.

وعلى وليِّ الأمر -وفَّقه الله تعالى- منعُ النَّاس من فعلها، فإنَّه راعٍ، وكلُّ راعٍ مسؤولٌ عن رعيَّته.

وقد صنَّف العلماء كتبًا في إنكارها، وذمَّها، وتسفيه فاعليها [15].

ولا تغترّ بكثرة الفاعلين لها في كثير من البلدان، ولا بكونها مذكورةً في «قُوت القلوب«، أو «إحياء علوم الدِّين«، ونحوهِما، فإنَّها بدعةٌ باطلةٌ.

وقد صحَّ أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (من أَحدثَ في دينِنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ).

وفي «الصَّحيح« أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (مَن عَمِلَ عملًا ليس عليه أَمرُنا فهو رَدٌّ).

وفي «صحيح مسلم« وغيره أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (كلُّ بدعةٍ ضلالةٌ) [16].

وقد أَمرَ اللهُ تعالى عند التَّنازع بالرُّجوع إِلى كتابه، فقال تعالى: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) [سورة النساء:59]، ولم يأمُر باتِّباع الجاهلين، ولا بالاغترار بغلَطاتِ المخطئين، والله أعلم).

خامسًا: كلام الإمام النَّووي في «منهاج المحدِّثين وسبيل طالبيه المحقِّقين في شرح صحيح أبي الحسين مسلم بن الحجَّاج القُشيري«:

·       وصف النُّسخة الخطِّيَّة:

نسخة خطِّيَّة نفيسة من المجلَّد الثَّاني منه، محفوظة في آيا صوفيا رقم (698)، نُقلت من نسخة المصنِّف الموقوفة بدار الحديث بدمشق، وعليها تملُّكات وتصحيحات، ويقع الكلام فيها في [243/أ]، وزوَّدني بها فضيلة الشَّيخ المحقِّق المفيد رعد بن منير الحريري، جزاه الله تعالى خير الجزاء.

·       نصُّ كلام الإمام النَّووي في «منهاج المحدِّثين« (7/117):

(واحتجَّ به [17] العلماء على كراهة هذه الصَّلاة المبتدعة التي تُسمَّى الرَّغائب -قاتلَ اللهُ واضعها ومخترعها-، فإنَّها بدعةٌ منكرةٌ من البدع التي هي ضلالةٌ وجهالةٌ، وفيها منكراتٌ ظاهرةٌ.

وقد صنَّف جماعةٌ من الأئمَّة مصنَّفات نفيسة في تقبيحها، وتضليل مُصلِّيها، ومبتدعها.

ودلائلُ قُبحها وبُطلانها، وتضليلُ فاعلها، أكثر من أن تُحصر، والله أعلم).

والله تعالى أعلم.

وصلَّى الله على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

-----------------

[1] أثنى عليه شيخه النَّووي في بعض قيود السَّماع، فقال: «الفقيهُ، الفاضلُ، المجتهدُ، المُحصِّلُ، النَّبيهُ، الورعُ« ا.هـ ،انظر ترجمته في: «المقتفي على كتاب الروضتين« (2/1/78)، و«تاريخ الإسلام« (15/905-906)، و«أعيان العصر« (2/255)، و«الوافي بالوفيات« (12/176)، و«طبقات الشافعية الكبرى« (9/408)، و«تشنيف الأسماع بما كتبه الإمام النَّووي لتلاميذه من طباق السَّماع«.

[2] نصَّ على ذلك الفقهاء من المذاهب الأربعة، انظر: «حاشية ابن عابدين« (2/26)، و«شرح الزرقاني على مختصر خليل« (1/501)، و«تحفة المحتاج« (2/239)، و«كشاف القناع« (1/444).

[3] رواه أحمد (17144، 17145)، وأبو داود (4607)، والترمذي (2676)، وابن ماجه (42)، وقال الترمذي: (هذا حديث حسن صحيح).

[4] رواه البخاري (2697)، ومسلم (1718) بلفظ: (في أمرنا)، ورواه البغوي في «شرح السُّنَّة« (103) بلفظ (في ديننا).

[5] رواه مسلم (1718)، قال الإمام النَّووي في «منهاج المحدِّثين« (10/251-252): (وهذا الحديث قاعدةٌ عظيمةٌ من قواعد الإسلام، وهو من جوامع كلمه صلَّى الله عليه وسلَّم، فإنَّه صريحٌ في ردِّ كلِّ البدع والمخترعات، وفي الرِّواية الثَّانية زيادةٌ، وهي أنَّه قد يُعاند بعض الفاعلين بدعةً سُبق إليها، فإذا احتُجَّ عليه بالرِّواية الأولى يقول: أنا ما أحدثت ُشيئًا، فيُحتجُّ عليه بالثَّانية التي فيها التَّصريح بردِّ كلِّ المحدثات، سواءٌ أحدثها الفاعل، أو سُبق بإحداثها .. وهذا الحديثُ ممَّا ينبغي تحفُّظُهُ، واستعمالُهُ في ابطال المنكرات، وإشاعةُ الاستدلال به) ا.هـ.

[6] رواه مسلم (49).

[7] رواه البخاري (2408)، ومسلم (593).

[8] قال النَّاسخ: «نقله كما شاهده: أحمد بن الحُسين بن بشارة -عفا الله تعالى عنهم بمنِّه-، يوم الاثنين ثالث عشر ذي القعدة من سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، والحمد لله وحده، وصلَّى الله على سيِّدنا محمَّد، وآله، وصحبه، وسلَّم، بخزانة دار الحديث الأشرفيَّة، من بعض الكتب الموقوفة بها، رحم الله راقمها وواقفها، آمين«.

[9] «قوت القلوب« (1/62).

[10] «إحياء علوم الدين« (1/750-752).

[11] يعني بذلك: الإمام تقي الدِّين عثمان بن عبد الرَّحمن ابن الصَّلاح (المتوفَّى 643هـ) الذي صنَّف جزءًا في الردِّ على الإمام عزّ الدِّين بن عبد السَّلام (المتوفَّى 660 هـ)، فعاد العزُّ وفنَّد الرَّد.

[12] وهو «الإنصاف فيما وقع في صلاة الرَّغائب من الاختلاف«، وقد ضمَّنه في كتابه: «الباعث على إنكار البدع والحوادث«.

[13] اتَّفق الأئمَّة الحفَّاظ على وضعه، كابن الجوزي في «الموضوعات« (1008)، وابن دِحية في «أداء ما وجب« (ص 54-55)، وابن الصَّلاح كما في «المساجلة العلمية« (ص 15-16، 40-41)، و العز بن عبد السلام في «التَّرغيب عن صلاة الرَّغائب« (ص 4، 11)، وأبي شامة المقدسي في «الباعث على إنكار البدع والحوادث« (ص 130-134)، وابن العطَّار في «حكم صوم رجب وشعبان« (ص 44-45)، وابن تيميَّة في «مجموع الفتاوى« (23/132، 134، 135)، و«اقتضاء الصِّراط المستقيم« (2/121)، والذَّهبي في «تلخيص الموضوعات« (ص 185)، و«تاريخ الإسلام« (9/239)، و«سير أعلام النُّبلاء« (23/143)، وابن القيِّم في «المنار المنيف« (ص 83-87)، وابن رجب الحنبلي في «لطائف المعارف« (ص 228)، والزَّين العراقي في «المغني عن حمل الأسفار« (1/202)، و«ذيل ميزان الاعتدال« (ص 276-277)، وابن حجر العسقلاني في «تبيين العجب« (ص 21)، والسخاوي في «القول البديع« (ص 394-395)، و«التحفة اللطيفة« (2/331)، والسيوطي في «اللآلئ المصنوعة« (2/56)، وغيرهم، انظر: «الفوائد المجموعة« (ص 47-50)، و«الآثار المرفوعة« (ص 62-76).

[14] رواه الفاكهي في «أخبار مكة« (1837)، وابن ماجه (1388)، والبيهقي في «شعب الإيمان« (3542) و«فضائل الأوقات« (24)، والأصبهاني في «الترغيب والترهيب« (1860)، وابن الجوزي في «العلل المتناهية« (923)،  واتَّفق الأئمَّة الحفَّاظ على ضعفه ووهنه، كابن الجوزي، والذهبي في «تلخيص العلل المتناهية« (ص 184-185)، والعلائي في «الفتاوى« (ص 37)، وابن رجب الحنبلي في «لطائف المعارف« (ص 261)، والزَّين العراقي في «المغني عن حمل الأسفار« (1/203)، والبوصيري في «مصباح الزجاجة« (2/10)، وغيرهم.

[15] منها: «التَّرغيب عن صلاة الرَّغائب الموضوعة وبيان ما فيها من مخالفة السُّنن المشروعة» لأبي محمَّد عز الدِّين عبد العزيز بن عبد السَّلام السُّلمي (المتوفى 660 هـ)، وهو مطبوع، و«الإنصاف فيما وقع في صلاة الرَّغائب من الاختلاف» لأبي شامة شهاب الدِّين عبد الرَّحمن بن إسماعيل المقدسي (المتوفى 665 هـ)، وهو مطبوع، و«مجاورة إبطال الغرائب في مجاوزة إبطال صلاتَي النِّصف والرَّغائب» لقطب الدِّين سَرِيجا بن محمَّد الملْطي (المتوفى 788 هـ)، و«تحفة الحبائب بالنَّهي عن صلاة الرَّغائب» لأبي الخير قطب الدِّين محمَّد بن محمَّد بن عبد الله الخَيضِري (المتوفى 894 هـ) -بتحقيقي يسَّر الله نشره-، و«التَّقريب للتَّرغيب عن صلاة الرَّغائب الموضوعة وبيان ما فيها من مخالفة السُّنن المشروعة» لأبي عبد الله شمس الدِّين محمَّد بن علي ابن طولون الصَّالحي (المتوفى 953 هـ)، و«رسالة في الرَّغائب وعدم جوازها بالجماعة» لزين الدِّين ابن نُجيم المصري (المتوفى 969 هـ)، و«الإيضاح والبيان لما جاء في ليلتَي الرَّغائب والنِّصف من شعبان» لأبي العبَّاس شهاب الدِّين أحمد بن محمَّد ابن حجر الهَيتَمِي (المتوفى 974 هـ)، وهو مطبوع، «كراهية الذِّكر وصلاة الرَّغائب» لمحمَّد بن مصطفى الواني (المتوفى 1000 هـ)، و«ردع الرَّاغب عن الجمع في صلاة الرَّغائب» لنور الدِّين علي بن محمَّد ابن غانم المقدسي (المتوفى 1004 هـ)، وهو مطبوع، «الرَّدُّ الصَّائب على مصلِّي الرَّغائب» لإبراهيم بن علاء الدِّين الفتياني المقدسي (المتوفى 1025 هـ)، و«رسالة في الرَّغائب وعدم جوازها بالجماعة» لقاضي زاده (المتوفى 1044 هـ)، ومن الدِّراسات المعاصرة المفيدة: «إبعاد الرَّاغب عن صلاة الرَّغائب« للشَّيخ محمَّد وائل الحنبلي.

[16] رواه مسلم (867).

[17] يعني به: الحديث الذي رواه مسلم (1144): (لا تَختصُّوا ليلة الجمعة بقيام من بين اللَّيالي، ولا تَخصُّوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيَّام، إلَّا أن يكون في صوم يصومه أحدكم).

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق