الكلام المبِين فيما يُنسب للإمام النَّووي من شرح الأربعين
بقلم: عبد الله محمَّد سعيد الحسيني
الحمد لله، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، وبعد:
فكتاب (الأربعين في مباني
الإسلام وقواعد الأحكام) الشَّهير بـ (الأربعين حديثًا
النَّووية) من الكتب المباركة النَّافعة التي صنَّفها شيخ الإسلام محيي الدِّين
أبو زكريَّا يحيى بن شرف بن مِرَى النَّووي الدِّمشقي (631 هـ- 676 هـ) – تغمَّده
الله تعالى بواسع رحمته-، ضمَّ فيه جوامع الكَلِم النَّبويِّ التي عليها مدار
الإسلام، وخَتَمَه بباب مختصر في ضبط ألفاظها المشكلة وغيرها مرتَّبةً؛ وذلك كما
قال (ص 131): (لئلَّا يُغلط في شيء
منها، وليستغني بها حافظها عن مراجعة غيره في ضبطها) ا.هـ.
وعَزَمَ على شرح الكتاب كاملًا، فقال (ص 131-132): (ثمَّ أَشرعُ في شرحها في كتابٍ مستقلٍّ، وأرجو من فضل الله
أن يوفِّقني فيه لبيان مهمَّات من اللَّطائف، وجُمَل من الفوائد والمعارف، لا
يستغني مسلمٌ عن معرفة مثلها، ويظهرُ لمطالعها جزالة هذه الأحاديث وعِظَم فضلها،
وما اشتملَتْ عليه من النَّفائس التي ذكرتُها، والمهمَّات التي وصفتُها، ويعلَم
بها الحكمة في اختيار هذه الأحاديث الأربعين، وأنَّها حقيقة بذلك عند النَّاظرين)
ا.هـ.
وعلَّق على كلامه هذا تلميذُه الشِّهاب ابن فرح الإشبيلي (المتوفى
699 هـ) في أوَّل شرحٍ لكتاب الأربعين في خاتمته، فقال: (هذا كلامُه رحمه الله تعالى، وأرجو مِن رحمة الله أنْ
يُعطيَه أجر ما كان في أَمَلِهِ، فقد قال صلَّى الله عليه وسلَّم: (نيَّةُ المؤمنِ
خيرٌ مِن عمله)، وقد كنتُ رَغبتُ منه رحمه الله أن يُعجِّل بما ذَكَرَهُ مِن شَرْحِها،
فأَرادَ ذلك، ثمَّ عاقَهُ قدرٌ إلى أن أُدرِجَ إلى رحمة الله تعالى، ثمَّ إنِّي
رأيتُ أنْ أَجمعَ على هذه الأربعين شيئًا ممَّا قاله هو وغيره ممَّا هو موجود في
كتب الشَّارحين، فجَمعْتُ عليها مِن كلامِه على صحيح مُسلم .. وقد تمَّ بحمد الله،
ولكن أين الغمام السَّاكب مِن الجَهام؟! وأين الحسام القاضب مِن الكَهام؟! وأين الثَّرى
مِن الثُّريَّا؟! ولكنِّي قد قلتُ إنَّها جهد مقل، ونسأله جلَّت قدرته أن يجعلها
خالصة لوجهه الكريم، وأن يهدينا إلى صراطه المستقيم، بمنِّه لا ربَّ سواه) [1] ا.هـ.
وقد شَرَعَ الإمام النَّووي في شرحه في كتاب يُعرف بـ (الإملاء)، حيث أَملَى فيه شرح أوَّل حديث منه (إنَّما الأعمال بالنِّيَّات)،
بدأ فيه يوم الخميس 23 من شهر ربيع الآخر سنة 676هـ بدار الحديث الأشرفيَّة بدمشق
قبل وفاته بثلاثة أشهر، وكان يقصد من هذه الأمالي إتمام شرحه لكتاب (الأربعين) إلَّا أنَّ المنيَّة عاجلتْهُ، فلم يتمَّ منها إلَّا هذا القدر الذي
أَملَى بعضه على طلَّابه ووُجِدت تتمَّة بعضه بخطِّه، وبهذا يفسَّر ذِكرُ تلميذه العلاء
ابن العطَّار (المتوفى 724 هـ) لكتاب (الإملاء)
في (تحفة الطَّالبين في ترجمة شيخنا الإمام النَّووي محيي
الدِّين) (ص 82) ضمن الكتب التي ابتدأها ولم يُتمَّها
على أنَّ شيخه الإمام النَّووي ابتدأ (شرح
الأربعين)، فأَملَى مجلسًا واحدًا لشرح أوَّل حديث
منه، ولم يُقدَّر له إتمام شرح الكتاب كاملًا، والله أعلم [2].
وأمَّا الشَّرح التَّام للكتاب المنسوب إلى
الإمام النَّووي، فلا تصحُّ نسبته إليه قطعًا، وذلك لعدَّة أمور، منها [3]:
أوَّلًا: أنَّ الإمام النَّووي لم يُشر إليه إطلاقًا في أيّ من مصنَّفاته
وأجزائه حتَّى التي هي مظنَّة ذِكره وأقربها مناسبة به، مع أنَّ من عاداته المعروفة
الإحالةُ عليها، وأمَّا قوله في (التَّلخيص) (ص 756) أثناء شرحه
لحديث: (أن تعبد الله كأنَّك تراه فإن لم تكن تراه فإنَّه يراك): (فهذا تلخيص مقصوده، وأمَّا بَسْطُهُ ففي شرح كتاب
الأربعين)ا.هـ، فهذا ممَّا عزم عليه فلم يتيسَّر له ذلك كما تقدَّم، ولا يوجد في
الشَّرح المنسوب إليه أيُّ بسط في هذا الموضع، وهذا يُثبت يقينًا أنَّه ليس له.
ثانيًا: أنَّه خالٍ تمامًا من عادات الإمام النَّووي التي يدركها كل ممارس
لمصنَّفاته، كتسمية الكتاب ومراعاة السَّجع فيه غالبًا، وصياغة مقدّمة له تبيِّن
منهجه فيه، وتحديد سنة ابتدائه أو الفراغ منه، والإحالة على مصنَّفاته الأخرى، بل ورد
فيه ما يؤكِّد نفي نسبته إليه، ففي شرح الحديث التَّاسع والثلاثين (إنَّ الله
تجاوز لي عن أمَّتي الخطأ والنِّسيان وما استكرهوا عليه) ما نصُّه: (وهذا الحديث اشتمل على فوائد وأمور مهمَّة جَمَعْتُ فيها
مصنَّفًا لا يحتمله هذا الكتاب) ا.هـ، وهذا المصنَّف المشار إليه لم يذكره الإمام
النَّووي في أيّ من كتبه ولا نَسَبَهُ إليه أحد.
ثالثًا: أنَّ تلميذَيه الشِّهاب ابن فرح الإشبيلي (المتوفى 699 هـ) -الذي كان
يخصُّه بيومين أسبوعيًّا في شرح الصَّحيحين- والعلاء ابن العطَّار (المتوفى 724
هـ) -الملقَّب بمختصَر النَّووي، وهو ممَّن قَرأ عليه (الأربعين) وأجازه فيه، وقُرئ عليه مرارًا، ونُسخ عن نسخته المقروءة على
المصنِّف- قد ذَكَرَا في شرحهما للأربعين أنَّه لم يتيسَّر لشيخهما
ذلك، فقال الأوَّل: (وقد كنتُ رغبتُ منه رحمه
الله أن يُعجِّل بما ذَكرَهُ مِن شَرْحِها، فأراد ذلك، ثمَّ عاقَهُ قدرٌ إلى أن
أُدرِج إلى رحمة الله تعالى) ا.هـ، وقال الثَّاني (ص 35): (وعَزَمَ رحمه الله تعالى على شرحها، وتبيين الحكمة في
اختيارها دون غيرها، فلم يُقَدَّر له رحمه الله تعالى ذلك، واخترمته المنيَّة)
ا.هـ،
ولذلك قاما هما بشرحه وفاءً وبرًّا به.
شرح الأربعين، لابن العطَّار، دار الكتب المصرية (25321 ب)
رابعًا: أنَّ كافَّة مَن أفرد ترجمته بالتَّصنيف واعتنَى بسرد مصنَّفاته
التَّامة والنَّاقصة من أهل العلم لم يذكره ضمنها، وهم العُمدة في هذا الباب لداعي
الاختصاص والتَّتبُّع، كتلميذه الخاص وأعرف النَّاس به: العلاء ابن العطَّار
(المتوفى 724 هـ) في (تحفة الطَّالبين في
ترجمة شيخنا الإمام النَّووي محيي الدِّين)، والتّقي اللّخمي (المتوفى 738 هـ) في (ترجمة الشَّيخ محيي الدِّين يحيى الحزامي النَّووي الدِّمشقي
الشَّافعي)، والسِّراج ابن الملقِّن (المتوفى 804 هـ) في (عمدة المحتاج إلى شرح المنهاج) (1/229-234)، والكمال
ابن إمام الكامليَّة (المتوفى 874 هـ) في (بغية
الرَّاوي في ترجمة الإمام النَّواوي)، والجلال السُّيوطي (المتوفى 911 هـ) في (المنهاج السَّوي في ترجمة الإمام النَّووي)، والشَّمس السَّخاوي
(المتوفى 902 هـ) في (المنهل العذب الرَّوي
في ترجمة قطب الأولياء النَّووي)، وغيرهم، واتِّفاق جميع هؤلاء أهل الاختصاص على عدم ذِكر هذا الشَّرح
من بينها يُعدُّ من أقوى القرائن في نفي نسبته إليه.
خامسًا: أنَّ السِّراج ابن الملقِّن -الذي له عناية خاصَّة بتتبُّع تصانيفه وتمييز
ما هو صحيح النِّسبة إليه من غيره- لم يذكره أثناء شرحه لكتاب (الأربعين).
***
فإن قيل: قد نسبه النَّجم الطُّوفي (المتوفى 716 هـ) إليه، فقال في (التَّعيين في شرح الأربعين) (ص 2-3) ما نصُّه:
(واعلم أنَّ الشَّيخ
محيي الدِّين رحمه الله تعالى كان قد وعد في هذه الأربعين أن يضع لها شرحًا يكون
لقُفْلها فتحًا، وإنَّه وفَّى بما وعد، وسحَّ سحابه إذ رَعَد.
ورأيتُ هذا الشَّرح مجلَّدًا
لطيفًا يكون على التَّقريب والتَّشبيه قدر نصف أو ثلثَي التَّنبيه، ولم يتهيَّأ لي
أن أطالعه ولا شيئًا منه، فلذلك لم أعرف مقصوده فيه ومغزاه، ولم أحط بمبدأ قوله
فيه ومنتهاه) ا.هـ.
فالجواب عنه من ثلاثة أوجه:
الأوَّل: أنَّه تفرَّد بذلك، وخالف سائر من ترجموا له فلم يذكروه، بل
خالف تلميذَيه: الشِّهاب ابن فرح الإشبيلي والعلاء ابن العطَّار اللَّذَين نصَّا على
أنَّه لم يقدَّر لشيخهما ذلك، كما تقدَّم.
الثَّاني: أنَّه من المحال أن يغفل أهل العلم من طلَّاب الإمام النَّووي
وغيرهم عن شرحٍ بمثل هذا الحجم، وهم قد اعتنوا بسرد مصنَّفاته التَّامَّة
والنَّاقصة والمبيضة والمسودة، وميَّزوا ما هو صحيح النِّسبة إليه من غيره، حتَّى
قال السِّراج ابن الملقِّن
(المتوفى 804 هـ) في (عمدة المحتاج إلى شرح
المنهاج) (1/234): (وأَكبَّ النَّاسُ على كتابتها
التَّامَّة والنَّاقصة حتَّى أنَّه رحمه الله تعالى شَرَعَ يختصرُ
"التَّنبيه"، فكَتَبَ منه ورقةً، فكَتَبَها بعض الفضلاء في زمننا
تبرُّكًا به) ا.هـ.
الثَّالث: أنَّ النَّجم الطُّوفي نفسه لم يطَّلع عليه! ولعلَّه رآه
منسوبًا إليه في صفحة عنوان المجلَّد، وهي أضعف قرائن النِّسبة، أو رأى عليها
عبارة نحو (شرح الأربعين للنَّووي) فوَهِمَ أنَّه له، والمقصود بها الكتاب لا
الشَّرح، والظَّنُّ به أنَّه لو تصفَّحه واطَّلع عليه لجزم أنَّه ليس له.
وإن قيل: إنَّه يتضمَّن بعض كلامه الموجود بعينه في مصنَّفاته الأخرى، مثل: (شرح صحيح مسلم)، وباب ضبط ألفاظ الأربعين المشكلة في آخره، وغيرهما.
فالجواب عنه: أنَّ هذا ممَّا يُثبت أنَّه ليس له؛ لأنَّ من عادة الشُّرَّاح أنَّهم
ينقلون عن غيرهم سواء صرَّحوا بذلك أم لا، ويرون النَّقل عن المصنِّف أَولى من
غيره، وهذا ما صرَّح به تلميذاه: الشِّهاب ابن فرح الإشبيلي والعلاء ابن العطَّار،
فقال الأوَّل في خاتمة شرحه: (ثمَّ إنِّي رأيتُ أنْ
أجمعَ على هذه الأربعين شيئًا ممَّا قاله هو وغيره ممَّا هو موجود في كتب الشَّارحين،
فجَمعتُ عليها مِن كلامِه على صحيح مسلم) ا.هـ، وقال الثَّاني في مقدّمة شرحه (ص 35): (وغالب ما أنقلُهُ هو من كلام شيخنا محيي الدِّين رحمه الله
تعالى من باقي مصنَّفاته المباركات) ا.ه.
وإن قيل: إنَّ للشَّرح عدَّة نسخ خطيَّة في مكتبات العالم تنسبها إليه.
فالجواب عنه من ثلاثة أوجه:
الأوَّل: أنَّ جميع هذه النُّسخ الخطِّيَّة –إضافة لما وقع فيها من اختلاف كالتَّقديم والتَّأخير والزِّيادة والنَّقص- متأخِّرة جدًّا ترجع إلى القرن الحادي عشر الهجري فما بعده أي: بعد وفاته بأربعة قرون وأكثر [4]! لا يُطمئنُّ إليها في ميزان التَّحقيق العلمي، وليس فيها أيّ قرينة معتبرة تُثبت صحَّة نسبته إليه، بخلاف سائر مصنَّفاته التي هي مقابلة على نسخته أو مسموعة على الرُّواة عنه من تلامذته، أو مقابلة على أصولهم المعتمدة، أو منصوص عليها عند جمهور أهل العلم من المعتنين به، أو يظهر فيها بجلاء لكل معتنٍ بتراثه نَفَسُهُ وأسلوبُهُ.
الثَّاني: أنَّ هناك بعض الكتب وُجدت لها نسخ خطِّيَّة قريبة العهد بعصر
الإمام النَّووي، نَسَخَها بعض تلامذته ومَن في طبقتهم، ونَسَبَها إليه بعض أهل
العلم ممَّن عاصروه أو أتوا بعده بيسير، ومع ذلك جَزَمَ المحقِّقون من أهل العلم
بعدم صحَّة نسبتها إليه، مثل: (مشكلات الوسيط) الذي نسبه إليه: النَّجم
أحمد بن محمَّد ابن الرِّفعة (645 هـ-710 هـ) في (المطلب
العالي في شرح وسيط الغزالي)، والتَّقي محمَّد بن الحسن اللّخمي (680 هـ-738 هـ) في (ترجمة الشَّيخ محيي الدِّين يحيى الحزامي النَّووي الدِّمشقي
الشَّافعي) (ص 60) ووصفه أنَّه كامل في كراريس، والكمال جعفر بن ثعلب الأدفوي
(685 هـ-748 هـ) في (البدر السَّافر) ووصفه أنَّه لم يكمل،
بينما جَزَمَ الجمال الإسنوي (المتوفى 772 هـ) والسِّراج ابن الملقِّن (المتوفى
804 هـ) أنَّه ليس من تصنيفه [5]، و(مختصر
مسلم) الذي له عدَّة نسخ،
منها: نسخة بخطِّ العلاء علي بن أيُّوب بن منصور المقدسي (666 هـ-748 هـ) -الذي
نصَّ السَّخاوي في (المنهل العذب الرَّوي) (ص 87، 127) و(الضَّوء اللَّامع) (2/141) و(التُّحفة
اللَّطيفة) (2/410) أنَّه تلميذٌ للإمام النَّووي، وذَكَرَ أنَّه نَسَخَ بخطِّه
كتابه (المنهاج) وحرَّره ضبطًا وإتقانًا-، وفرغ منها سنة 747 هـ، وأخرى بخطِّ محمَّد
بن عمر بن إبراهيم بن محمَّد، وفرغ منها سنة 717 هـ، ونسبه إليه: التَّقي اللّخمي
في (ترجمة الشَّيخ محيي الدِّين يحيى الحزامي النَّووي الدِّمشقي
الشَّافعي) (ص 55) ووصفه أنَّه مجلَّد كبير ضخم، بينما جَزَمَ السِّراج ابن
الملقِّن (المتوفى 804 هـ) أنَّه ليس من تصنيفه [6]، فإذا انتَقَدَ المحقِّقون نسبة هذين الكتابَين
إليه مع ما ترى من حالهما، فكيف بالنُّسخ الخطِّيَّة المتأخِّرة للشَّرح التي لم ينسبها
إليه أحدٌ من أهل العلم المتقدِّمين المعتنين به بل صرَّح أقرب تلميذَيه أنَّه لم
يقدَّر له شرحه؟!
الثَّالث: أنَّه جاء في بعض النُّسخ الخطِّيَّة نسبة هذا الشَّرح حرفًا بحرف إلى الشِّهاب أحمد بن عماد بن يوسف الأَقْفَهْسِي (المتوفى 808 هـ)، وفي نسخ أُخرى إلى الزَّين زكريَّا بن محمَّد بن أحمد الأنصاري (المتوفى 926 هـ)، وممَّا يرجِّحُ أنَّه للأوَّل: أنَّ الشَّمس السَّخاوي نصَّ أثناء ترجمته له في (الضوء اللامع) (2/48) أنَّه شَرَحَ الأربعين، وأنَّ العبارة التي خُتمت بها النُّسخة أدناه المنسوبة للأوَّل-وجُلّ النُّسخ الخطِّيَّة المنسوبة للإمام النَّووي-: (وهذا آخر ما يسَّره الله الكريم على سبيل الاختصار) ا.هـ هي ذات العبارة التي اعتاد الشِّهاب الأَقْفَهْسِي أن يختم بها عددًا من مصنَّفاته، فقال في (القول التَّمام في آداب دخول الحمَّام) ما نصُّه: (وهذا آخر ما يسَّره الله الكريم من القول التَّمام في آداب دخول الحمَّام) ا.هـ، وقال في (شرح المشكل من ألفاظ نظم الاقتصاد) ما نصُّه: (وهذا آخر ما يسَّره الله عزَّ وجلَّ من شرح المشكل على سبيل الاختصار) ا.هـ، وقال في (القول التَّام فيما على المأموم والإمام) ما نصُّه: (وهذا آخر ما يسَّره الله الكريم من القول التَّام فيما على المأموم والإمام) ا.هـ، وقال في (تسهيل المقاصد لزوَّار المساجد) ما نصُّه: (وهذا آخر ما يسَّره الله الكريم من تسهيل المقاصد لزوَّار المساجد) ا.هـ، وهذا لا يدع مجالًا للشَّكِّ أنَّه له.
منثور الدرر من كلام خير البشر، للأقفهسي، مكتبة جامعة الإمام محمد
بن سعود (8837 خ) [1/أ، 45/ب]
***
ويظهر ممَّا سبق أنَّ شرح الأربعين لا تصحُّ نسبته إلى الإمام
النَّووي، والصَّواب أنَّه للشِّهاب الأَقْفَهْسِي.
هذا والله تعالى أعلم.
وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّد، وعلى آله، وصحبه، وسلَّم تسليمًا
كثيرًا.
--------------------
[1] أفادني بهذه الفائدة النَّفيسة أخي فضيلة الشَّيخ المحقِّق د.
محمَّد يوسف الجوراني، جزاه الله تعالى خير الجزاء، وقال: (هذا النَّصُّ وغيره
ساقطٌ من مطبوع «شرح الأربعين النووية» ط دار الغرب، وهو مثبتٌ في النُّسخ الخطية:
نسخة بلدية الإسكندرية (و 70/أ)، ونسخة مكتبة مراد ملا ـ اصطنبول (و 130/ ب)، والعمل
على تحقيقه تحقيقًا علميًّا كاملًا قارب الثُّلث، فنسأل الله الإعانة والتَّوفيق
والسَّداد) ا.هـ.
[2] حقَّق ذلك أخي فضيلة الشَّيخ د. محمَّد
الجوراني في مقدِّمة تحقيقه لكتاب (الإملاء) (ص 33-36)، فأجاد وأفاد، ثمَّ زاد ذلك
تحريرًا وحسمًا.
[3] سألني عن ذلك فضيلة الشَّيخ قصي عبد الله، وذلك
مِن حسن ظنِّه بالعبد الفقير، فكان هذا البحث المتواضع.
[4] جاء في (الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي المخطوط-الحديث
وعلومه) (2/954) أن هناك نسختان خطِّيَّتان للشرح المنسوب للإمام النَّووي نُسختا
في أوائل القرن التَّاسع الهجري: نسخة مكتبة البلدية بالإسكندرية رقم (2101 د) سنة
810 هـ، ونسخة مكتبة تشستربيتي رقم (4842) سنة 820 هـ.
قلتُ: ليس الأمر كذلك، بل الصَّحيح أنَّ نسخة البلدية فُرغ من نسخها نهار السَّبت 8 من شهر شوال سنة 1020 هـ بالجامع الأزهر، وهو المطابق لليوم والتَّاريخ والشهر من السَّنة، وأمَّا التَّاريخ الآخر الوارد فيها فهو مقحم أو مزوَّر، وفي صفحة عنوانها ما نصُّه: (شرح الأربعين النووية للمؤلِّف، وقيل: لشيخ الإسلام زكريا) وهذا تردُّد في النِّسبة، وأمَّا نسخة تشستربيتي فهو شرْحٌ مختلف تمامًا، سطَّرَهُ وكَتَبَهُ: علي بن فاضل بن أبو بكر، وذَكَرَ في المقدّمة أنَّه مختصرٌ في شرح الأربعين للنَّووي، وصرَّح بالنَّقل عنه وعن تلميذه الشِّهاب ابن فرح الإشبيلي، والله أعلم.
[5] قال الإسنوي في (المهمَّات) (1/98-99) -بعد قوله: (ويُنسب إليه
تصنيفان لَيسا له)-: (والثَّاني: "أغاليط على الوسيط" مشتملة على خمسين
موضعًا، بعضها فقهيَّة وبعضها حديثيَّة، وممَّن نسب هذا إليه: ابن الرِّفعة في
"شرح الوسيط"، فاحذره، فإنَّه لبعض الحمويِّين) ا.هـ.، وقال ابن
الملقِّن في (عمدة المحتاج) (1/232): (و"مشكلات الوسيط": والظَّاهر
أنَّها ليست له، وإن عزاها إليه صاحب "المطلب"، وغيره) ا.هـ، وعلَّق على
كلامه السَّخاويُّ في (المنهل العذب الرَّوي) (ص 82)، فقال: (يعني: كالكمال
الأدفوي، فإنَّه سمَّاه في "البدر السَّافر" من تصانيفه مع:
"إشكالات على المهذَّب"، وقال: إنَّهما لم يكملا) ا.هـ.
[6] قال في (عمدة المحتاج) (1/232) -بعد جزمه في "النِّهاية"
أنَّه ليس له-: (وكذا "مختصر مسلم"، وكأنَّ مصنِّفه أخذ تراجمه من
"شرح صحيح مسلم" له، وركَّب عليها متونه، وعزاه إليه) ا.هـ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق